منشق يروي قصته ويحذر التلاميذ من خطر النازيين الجدد
٩ فبراير ٢٠١٣أصيب ساشا (اسم مستعار) بالرعب بسبب عمليات القتل التي قامت بها مجموعة يمينية متطرفة من النازيين الجدد. غير أن ازدراء الأجانب وأعمال العنف لم تفاجئه كما يقول. فهو عضو سابق في إحدى الجماعات اليمينية المتطرفة. يتكلم ساشا مع تلاميذ الصف العاشر في مدرسة بمدينة شفيرته، في يوم خُصِّص لمناهضة اليمين المتطرف، حول تجربته كعضو سابق في جماعة إرهابية من اليمين المتطرف. فبعد مرور أكثر من 20 سنة على خروجه من تلك الجماعة، لا يرغب في الكشف عن هويته للعموم، لشعوره بالتهديد من قبلها حتى الآن.
يحكي ساشا البالغ من العمر 39 سنة للتلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و16 عاماً عما فعله عندما كان في مثل سنهم: "لقد كنت أقضي يومي في تحويل حياة الآخرين إلى جحيم. مع كل ضحية كنت أشعر أني الأقوى" فالعنف طبع حياته، ويتابع: "كنت أضرب الأطفال الصغار والنساء، وكنت أدفع المعاقين عن الكراسي المتحركة، كما قمت بإحراق الناس من شعرهم. في الحافلة أو في القطار، إذا كان شخص معين لم يعجبني، كنت أضربه على وجهه بحذائي ثم أنزل." وبعدها أتابع طريقي إلى المدرسة.
الصداقة والجعة والكلاشنيكوف
استقطابه إلى الجماعات اليمينية المتطرفة لم يتم عن طريق الأفكار الراديكالية، وإنما عن طريق الصداقة. عندما كان عمره 12 عاماً وكان مهمشا في المدرسة تحدث معه شباب أكبر منه في السن، واستقل معه سيارة، وفي أحد المخيمات قدموا له الجعة. ويقول بأنه كان "مع أشخاص يبلغون من العمر 20 عاماً في إحدى غابات بلجيكا، في مخيمات تابعة لتلك الجماعات" وكان يمشي وفي يده بندقية كلاشنيكوف. ويقول ساشا بأن انضمامه للجماعات اليمينية المتطرفة لم يكن بسبب كرهه للأجانب بل بالعكس، إذ كان لديه أصدقاء ايطاليون وأتراك.
ولأن ساشا كان يرغب في الانضمام إلى أصدقائه الجدد "اللطيفين" والبقاء معهم، قبِل بمبدأ العنف. وفي سن الخامسة عشرة كان مداناً في حوالي 14 قضية جنائية. أما الموسيقى اليمينية المتطرفة أو الشعارات العدوانية فهي مستقاة من عالم يميني متطرف يحض على الكراهية والعنصرية، حسب ما يحكي ساشا، الذي قطع علاقاته بأصدقائه الأجانب.
داخل هذه الجماعات المتطرفة يتم استخدام عبارات معينة من قبيل:" النصر النهائي" أو "الرايخ الألماني الكبير"، دون أن تكون لهم تصورات محددة عن ما يمكن أن تعنيه هذه العبارات فعلاً. قولها يكون فقط نوعا من التعبير عن الانتماء لهذه المجموعات. وكان ساشا يقوم بتكوين مجموعات جديدة تابعة للنازيين الجدد، كما قام بتصميم المنشورات والتدريب واستقطاب المراهقين.
آباء لا حول ولا قوة لهم
كان التلاميذ يودون معرفة رد فعل والداي ساشا مما كان يقوم به وكيف استطاع الخروج من هذه المجموعات. يخبرهم ساشا بأن والده لم يتدخل في الموضوع، بينما كان الأمر فوق طاقة والدته. أما تركه لهذه المجموعات اليمينية المتطرفة فكان بعد سبعة أعوام من انضمامه إليها. إذ تم سجنه بعد ارتكابه إحدى الجرائم، هناك اختلى بنفسه وأعاد ترتيب أوراقه وأفكاره من جديد.
" أي جريمة ارتكبت؟" سأله أحد التلاميذ، فأجاب:" لقد قمت وأنا في التاسعة عشر من العمر، مع أحد أصدقائي بقتل أحد المتشردين" بعد هذه الإجابة ساد صمت عميق في الصف. ثم توالت الأسئلة: كيف استطعت القيام بذلك؟ كيف كان شعورك بعد ذلك؟ إجاباته عكست شخصية المجرم في ذلك الوقت: "لا أعرف، كانت لدي رغبة في القيام بذلك" وأنه كان هناك في الوقت والمكان الخطأ.
ثم ترك العنان لمشاعر الاستياء والشعور بالذنب والعار لجريمة ارتكبها ونسبة الكحول عالية في دمه. لحد اليوم ينتابه شعور رهيب، ويقول: "ما يشغلني في الليل وما يدور في رأسي وما يتعبني فعلاً، هو أن تشعر أنك قاتل، إنه العقاب الوحيد، ليس المناسب فقط وإنما العادل أيضا". بعد عام على حسبه الاحتياطي حُكم على ساشا بالسجن وبدفع تعويض مالي. الضحية مات بعد فشل علاجه، وفي السجن لاحظ ساشا أن كل ما يقوم به هو خطأ.
التحول 180 درجة
بدعم من أسرته استطاع ساشا التخلص من جماعته المتطرفة، التي اعتبرت الأمر بمثابة خيانة، فبسبب معرفته بخبايا الأمور الداخلية للجماعة المتطرفة كان يُعتبر" حاملا للأسرار". بعد مدة قصيرة من خروجه من السجن، كانت تتعقبه إحدى السيارات، كما تم حرق محل بالكامل بسببه، وقع على الأرض وهو يرتعش خائفا، ثم اكتشف أن الأمر يتعلق بطلاقات خلبية.
ساشا وبالرغم من التهديدات التي يتعرض لها لم يندم أبدا على قرار الخروج من تلك الجماعات المتطرفة. منذ ذلك الوقت يعيش بشكل صحيح، ويقول للتلاميذ في مدينة شفيرته، بولاية شمال الراين ويستفاليا:" إنها المرة الأولى في حياتي التي أقوم فيها بشيء ليس جيداً فقط وأشعر معه بالراحة، وإنما صحيح أيضا، وهو ما كان نادراً لدي".