من يستطيع نزع سلاح المليشيات في ليبيا؟
١٥ أغسطس ٢٠١٤يلف الغموض المشهد السياسي والأمني في ليبيا مع ازدياد حدة القتال بين مختلف الفصائل المسلحة فيما يسعى مجلس النواب الجديد إلى حل الميليشيات الموجودة، والمؤلفة من معارضين وثوار سابقين مدججين بالسلاح ومتحالفين مع فصائل سياسية قوية. هذا الاقتتال جعل الكثير من المراقبين يصفون مستقبل ليبيا بـ"الدولة الفاشلة"، خاصة مع غياب مؤسسات الدولة التي تقوم على فرض القانون.
ويدور الصراع بين كتيبتي القعقاع والصواعق المناهضتين للإسلاميين والتابعتين لمقاتلين سابقين من بلدة الزنتان الغربية من جهة، ومن جهة أخرى كتائب تميل أكثر إلى الإسلاميين والكيانات السياسية الإسلامية ومرتبطة ببلدة مصراتة. وقاتلت كتائب مصراتة والزنتان جنبا إلى جنب في مواجهة القذافي ولكن بعد الحرب تزايدت الخصومات بينهما. ويقول قادة كتائب مصراتة إنهم يحاولون تطهير البلاد من فلول قوات القذافي ويقدم تحالف الزنتان نفسه على أنه يقاتل المتشددين الإسلاميين.
ويشتبك الفصيلان المتناحران منذ أكثر من شهر في معارك بالصواريخ والمدفعية حولت جنوب العاصمة الليبية طرابلس إلى ساحة قتال مما دفع الأمم المتحدة والحكومات الغربية إلى إغلاق بعثاتها وإجلاء الدبلوماسيين. وقال مشرعون إن قرار البرلمان الصادر أمس الأربعاء (13 آب/أغسطس) بحل الميليشيات المسلحة سيشمل قوات درع ليبيا المرتبطة بمدينة مصراتة وكتائب القعقاع والصواعق المرتبطة بمدينة الزنتان.
والسؤال المطروح الآن، كيف يمكن نزع سلاح المليشيات المسلحة (أو ثوار الامس) في ظل غياب جيش ليبي وحكومة قادرة على تطبيق القرارات التشريعية الصادرة عن البرلمان الجديد؟
من يطبق القرار؟
منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، بدت السلطات الانتقالية في البلاد عاجزة تماما عن استعادة النظام والأمن في بلد يعاني من الفوضى وغياب مؤسسات الدولة. وفشلت السلطات في السيطرة على عشرات الميليشيات المسلحة التي شكلها الثوار السابقون الذين قاتلوا نظام القذافي والتي لا تزال تفرض قانونها في البلاد. وما زاد من حدة الأزمة هو السباق المحموم بين مختلف هذه الجماعات المسلحة للسيطرة على المواقع الإستراتيجية بالإضافة إلى صراعها على الثروة والسلطة.
يقول علاء الدين المقريف، النائب في المؤتمر الوطني الليبي سابقا عن مدينة بنغازي، إن قرار مجلس النواب الذي اتخذ الأربعاء بحل المليشيات ليس بجديد، حيث أن المؤتمر الوطني الليبي السابق اتخذ قرارا في 2013 بهذا الشأن ولم يطبق، ويضيف:" نحن لا نحتاج إلى قرارات جديدة، بل نحن بحاجة إلى آليات لتطبيق هذه القرارات، والمعضلة الكبيرة هنا تكمن في إمكانية خلق حكومة تستطيع تنفيذ ما يصدره الجهاز التشريعي."
وكان المؤتمر الوطني الليبي العام قد اتخذ مطلع 2013 قرار بحل جميع الكتائب المسلحة، حتى تلك التي تعمل تحت شرعية الدولة وذلك في سقف زمني محدد بنهاية تلك السنة وإدماجهم في المؤسسات الأمنية الحكومية، وتسديد مستحقاتهم المالية، لكن هذا القرار بقي حبرا على ورق، مع فشل حكومة زيدان في تأمين حتى رئيسها الذي تعرض لعملية خطف ومساومة.
تدخل دولي أم حوار داخلي؟
ومع ازدياد أعمال العنف في ليبيا وعدم قدرة السلطات الحالية على فرض القانون العام وإحلال الأمن في البلاد، طالب مجلس النواب الليبي كذلك في جلسته الأربعاء بتدخل الأمم المتحدة من أجل حماية المدنيين والمؤسسات. وجاء تصويت مجلس النواب بأغلبية كبيرة بدعوة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة من دون تقديم تفاصيل عما قد يشمله ذلك. هذا القرار شكك في مصداقيته علاء الدين المقريف، النائب في المؤتمر الوطني الليبي سابقا عن مدينة بنغازي، حينما قال في حوار مع DW عربية:" لقد تمت المصادقة على هذا القرار بعد أن انسحب حوالي خمسين عضوا من جلسة مجلس النواب، ولم يكن مقررا أصلا طرح هذا الموضوع للتصويت خلال جلسة الأربعاء". وأضاف المقريف أن "هذا القرار يتنافى مع السيادة، فإذا كنا نطالب بمساعدة الأمم المتحدة في بناء مؤسسات الدولة فهذا مطلب كل الليبيين، ولكن الصيغة التي خرج بها القرار فإنه يدعوا إلى الكثير من التساؤلات، لكن ما نأمله من الامم المتحدة والمجتمع الدولي حاليا هو محاولة فتح باب الحوار بين الليبيين للوصول إلى توافق داخلي، وهي خطوة أساسية لنزع سلاح الكتائب".
وحاولت الأمم المتحدة والشركاء الغربيون إقناع الفصائل الليبية بالعمل سويا على إنهاء الاقتتال، لكن هذه المحاولة لم تأتي بأي نتيجة على الأرض حتى الآن، وقد كشفت مصادر إعلامية ليبية هذا الأسبوع، نقلا عن مصادر دبلوماسية غربية، النقاب عن جهود دولية للتوصل إلى حلٍ سياسي للأزمة الليبية قائلة إن الجهود تتمحور حول العمل الجاد لوقف إطلاق النار بين المتقاتلين، وجلوس جميع الأطراف على طاولة الحوار، وهي الخطة الاولى، ان تكللت بالنجاح، في اتجاه تسوية وضعية المقاتلين ومن ثم سيتم الحديث عن مصير سلاحهم مستقبلا.