من لاجئ إلى عامل ماهر في ألمانيا
١٦ أغسطس ٢٠١٥تكتظ ورشة عمل في مدينة ديسبورغ بشباب متجمعين ومتحمسين للعمل. 17 شابا يرتدون بدلات العمل يقومون بأعمال لحام الأنابيب. أحدهم هو ثيرنو حبيب هان من غينيا: "العمل هنا شيء جيد جدا لي. أنا أريد أن أعمل دائما.. دائما". وكل العاملين في الورشة هذه مروا بأشهر من الهروب والانتظار قبل الوصول إلى هذا المكان، وضيعوا الكثير من الوقت في انتظار البت بطلبات لجوئهم.
الروتين اليومي والعمل في الورشة يمثل لهم بداية مرحلة جديدة في حياتهم. وعن ذلك يقول فرانك بروكسماير مدير المركز التأهيلي المهني في مدينة ديسبورغ: "لم أشاهد من قبل إلا نادرا أشخاصا متحمسين هكذا". ويقدم المركز التأهيلي في ديسبورغ تسعة برامج تأهيلية، كدورات لتعليم قيادة الحافلات أو دورات مهنية للميكانيكيين في المجال الصحي والتدفئة والتبريد. وفي الغالب لا يتقدم الكثير من الشباب للعمل كميكانيكي في المجال الصحي والتدفئة والتبريد.
ولذلك حاول بروكسماير وزملاؤه في العمل تقديم مبادرة لتوظيف 17 شخصا من اللاجئين في هذا المجال. والعمل كتقني تدفئة هو مطلوب دائما في ألمانيا ولا خوف عليه مقارنة بالمهن الأخرى، كما يضيف بروكسماير. وعند نجاح المشروع يحاول المبادرون كسب لاجئين آخرين لمشاريع أخرى، وخاصة في المهن التي تعاني من ندرة الأيدي العاملة، كقيادة الحافلات ورعاية كبار السن.
وفي دورات المركز تقدم محاضرات لتعليم اللغة الألمانية والرياضيات وتعليم المصطلحات التقنية التي قد يحتاجها ميكانيكيو المستقبل في عملهم. ويمكن لللاجئين الاستفادة من خبراتهم السابقة في هذه المجالات، ولكن أغلبهم لا يمكنه تقديم أية وثائق تثبت خبرته ودراسته، ويقول بروكسماير معلقا على ذلك: "من يريد أن يهرب مع القوارب عبر البحار لا يفكر بجلب وثائقه المدرسية معه".
وجاء أغلب اللاجئين السبعة عشر العاملين في المركز من غرب أفريقيا وسوريا وألبانيا. وهؤلاء اللاجئون، ما عدا شخص واحد منهم، ما زالوا بانتظار البت بطلبات لجوئهم في ألمانيا. وهم لا يعرفون المدة التي سيسمح لهم بالبقاء فيها في ألمانيا. وهذه الحالة تخيف الكثير من أرباب العمل الألمان من توظيف هؤلاء اللاجئين بسبب أوضاعهم القانونية والخوف من تسفيرهم لاحقا.
أوفه شوبيل هو مدير إحدى الشركات لصيانة التدفئة والتبريد والتجهيزات الصحية في مدينة ديسبورغ، ويوظف شوبيل 16 شابا في دورات مهنية لتهيئتهم للعمل لاحقا في هذا المجال، من بينهم جهاد من سوريا. وقدم جهاد إلى ألمانيا قبل ثلاث سنوات. وإقامته في ألمانيا مضمونة ولذلك قدم شوبيل فرصة له لدخول دورة تدريبية تأهيلية والعمل في شركته.
إمكانيات كبيرة مهدورة
والسوري جهاد بدأ بالدورة التأهيلية في شهر تموز/ يوليو الماضي ويحاول تعلم المصلحات التقنية التي يحتاجها في العمل، ويقول: "بعض الأحيان يطلب مني زملائي في العمل شيئا ما وأنا أجلب أشياء أخرى لهم.". في سوريا درس جهاد في الجامعة وفي مدينة ديسبورغ يعمل بيديه، وهذا شيء غير مألوف بالنسبة إليه.
أما شوبيل، مديره في العمل، فهو فرح وراض جدا عن جهاد بعد انقضاء الأسابيع الأولى له في العمل. ويحتاج جهاد إلى بعض المساعدة في الدورة التأهيلية، ورغم ذلك يبقى شوبيل متفائلا به ويقول: "بين اللاجئين هناك الكثير من الشباب الطموحين والمتعلمين والراغبين في العمل". وإمكانيات هؤلاء اللاجئين لا زالت غير مستغلة ومتعرف عليها بصورة صحيحة. ويقول شوبيل مختتما حديثه: "كمدير شركة يفكر المرء مليا وفي الكثير من الأشياء قبل توظيف شخص ما. لكنني مقتنع تماما بأنه لا يجب علي أن أحمل هذه المخاوف".
وعلى جهاد قضاء ثلاث سنوات في الدورة التأهيلية مع شركة شوبيل. وهو يحمل خططاً واضحة لمستقبله ويريد أن يكمل مسيرته المهنية ليكون متخصصا في عمله ولكي يمكنه تدريب الشباب مستقبلا في هذا المجال.