ملف الإستيطان يلقي بظلال من الغيوم على مفاوضات السلام
٢٧ سبتمبر ٢٠١٠يلف الغموض مستقبل مفاوضات السلام المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين والتي انطلقت من واشنطن مطلع هذا الشهر، فمع عدم تمديد الحكومة الإسرائيلية عملية تجميد الاستيطان في الضفة الغربية المعلنة منذ عشرة أشهر ، ومطالبة القيادة الفلسطينية بتمديدها، لا يبدو أن هناك مؤشرات دالة على إمكانية اتخاذ إسرائيل لمثل هذا القرار، خاصة وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بقي متمسكا بموقفه بالرغم من ضغوط المجتمع الدولي المكثفة.
لكن نتنياهو دعا المستوطنين الى التحلي ب"ضبط النفس وروح المسؤولية"لتفادي تحميل إسرائيل مسؤولية نسف المفاوضات.وقد أعلن جلعاد آردان وزير البيئة الإسرائيلي استئناف البناء الاستيطاني حتى في حال انهيار المفاوضات المباشرة، و هو الأمر الذي اعتبرته السلطة الفلسطينية "إعلان حرب على السلام".مؤكدة أن "حكومة إسرائيل اليمينية عازمة على تفجير المفاوضات وغير عابئة بالنتائج التي يمكن أن تتمخض عن الاستمرار في الاستيطان".
أزمات في الأفق
وفي ظل سياسة الشد والجذب، يجمع المراقبون والمحللون أن ملف الاستيطان سيسبب أزمة سياسية حادة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويُخشى أن يلقي بضلاله على مسار مفاوضات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة الأميركية.
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني هشام عبد الله أن "الأيام المقبلة ستكون المفصلية في تحديد مسار مفاوضات السلام".لكن الأمرالمؤكد أن فشل هذه المفاوضات سيدخل المنطقة في أزمة حقيقية.وقد كان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد حذر من أن ثمن الفشل هذه المرة سيكون كبيرا على الجميع، ويعني نجاح المتطرفين والمتشددين في الطرفين في إغراق المنطقة في مزيد من التوتر وعدم الاستقرار.
ويعتقد المحلل السياسي هشام عبد الله أن "المفاوضات القائمة حاليا هي مفاوضات الفرصة الأخيرة التي تجري بنفس السياق الذي جرت عليه المفاوضات منذ اتفاق أسلو"و يوضح ان "هذه الجولة هي المرحلة الأخيرة من المفاوضات، فإما ان تفضي إلى اتفاق يقضي بقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود حزيران 1967وإما أن تفشل ولا أحد يمكنه التنبؤ بتداعيات ذلك."
من جهته استبعد الصحافي والمحلل السياسي الإسرائيلي يورام بن نور في حوار مع دويتشه فيله قيام انتفاضة ثالثة على غرار انتفاضة 2000التي وقعت عقب فشل مفاوضات كامب ديفيد، معللا ذلك بأن "الجانب الفلسطيني سيخسر كثيرا إذا ما قامت انتفاضة جديدة، وبذلك فإن أي أعمال عنف ستكون هدية لمعارضي السلام في المنطقة".
تمديد تجميد الإستطيان يهدد حكومة نتانياهو
ويبدو ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مدرك لتعقيدات الحالة السياسية في إسرائيل، وهو الأمر الذي بدا واضحا من تصريحاته في باريس اليوم حينما أكد أن القيادة الفلسطينية لن يكون لها "ردة فعل سريعة"حيال استئناف البناء في المستوطنات، مشيرا إلى أن القرار الفلسطيني سيتخذ بعد استشارة الهيئات القيادية في منظمة التحرير الفلسطينية ولجنة المتابعة العربية التي ستجتمع في مصر في الرابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ويرى المحلل الإسرائيلي يورام بن نور أن "الطرف الفلسطيني يدرك تماما ان الحكومة الاسرائيلية سيصعب عليها تمديد تجميد البناء في المستوطنات، باعتبار أن ذلك يهدد الائتلاف الحكومي مع الأحزاب اليمينية المتطرفة مثل شاس وإسرائيل بيتنا"، و يتوقع يوارم بن نور أنه "في حال وقوع أزمة من هذا النوع فإنه سيتم اللجوء إلى استفتاء شعبي عام، أو إجراء تغييرات في تشكيلة الحكومة كانضمام حزب كاديما أوبعض الاحزاب اليسارية إليها".
وكان الرئيس الفلسطيني قد طالب اليوم نتانياهو بتمديد العمل بتجميد الاستيطان "لثلاثة أو أربعة أشهر"قائلا إن نتانياهو الذي أعطى تجميدا لمدة عشرة أشهر والمفاوضات متوقفة، من الأولى به إعطاء ثلاثة أو أربعة أشهر والمفاوضات جارية"لكي يتمكن الطرفان من إحراز تقدم حول القضايا الأساسية.
الإدارة الأميركية تلقي بثقلها
وتقوم في هذه الإثناء اتصالات دبلوماسية مكثفة، في جميع الاتجاهات، من أجل إنقاذ مفاوضات السلام من الانهيار، فبالإضافة إلى الدعوات التي وجهتها كل من ألمانيا وفرنسا إلى إسرائيل بتمديد قرار وقف البناء في المستوطنات، قالت الإدارة الاميركية أنها تلقي بكل ثقلها لإقناع أطراف الصراع على المضي قدما من أجل الوصول إلى اتفاق تاريخي قد يسجل لصالح الرئيس باراك أوباما.
وقال ديفيد اكسلرود كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون السياسية "سنواصل الطلب والضغط طوال اليوم للتوصل الى حل"لمسألة الاستيطان.وأكد ان واشنطن لا تزال تعتقد انه من الممكن التوصل الى تسوية حول هذه المسألة.
ويرى المحلل الإسرائيلي يوارم بن نور أن "الضغوط الأميركية الحالية على إسرائيل لم يسبق لها مثيل، وهي ضغوط كبيرة جدا" ويوضح أن "أوباما الفاشل في عدة قضايا يريد تحقيق نجاح في قضية الشرق الأوسط، وذلك ليكسب ورقة تعيد الثقة في قدرته على تنفيذ تعهداته، سعيا منه لتحسين صورته بعد نحو عامين من رئاسته التي عرفت عدة أزمات داخلية وخارجية".فإنتخابات نصف أعضاء مجلس الشيوخ ستجرى في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وأي هزيمة فيها تعني أن مهمات أوباما ستكون أكثر صعوبة.
يوسف بوفيجلين
مراجعة: منصف السليمي