مقترح بإضافة مادة حول اللغة إلى الدستور يثير جدلاً واسعاً في ألمانيا
٣ ديسمبر ٢٠٠٨أثار اقتراح للحزب المسيحي الديمقراطي بإدراج مادة في الدستور تنصّ على أن الألمانية هي اللغة الرسمية في البلاد بهدف حمايتها من الاندثار، بحسب المنادين بهذا الاقتراح، موجة عارمة من الجدل والانتقادات لدى الأوساط السياسية ومنظمات المهاجرين في ألمانيا. جاء ذلك عقب تصويت مندوبين عن الحزب المسيحي الديمقراطي خلال المؤتمر السنوي للحزب يوم أمس في مدينة شتوتغارت على قرار يدعو إلى إضافة فقرة جديدة إلى المادة 22 من الدستور الألماني تقول إن "الألمانية هي لغة جمهورية ألمانيا الاتحادية".
في هذا الإطار أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن أسفها للقرار الذي صادق عليه حزبها وشدّدت في الوقت نفسه عن رفضها له، حيث قالت في حديث لأحدى القنوات التلفزيونية الألمانية إنها لا ترى مبررا لإدراج هذا الاقتراح في الدستور الألماني، مؤكدة بأنها لا ترى "أنه من المفيد إدراج كل شيء في الدستور".
انتقادات واسعة للفكرة
من جهته، أعتبر رئيس لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الألماني، سيباستيان إيداتي، أنه من المفترض أن الجميع يعرف تماماً أن الألمانية هي اللغة الرسمية في ألمانيا، وبالتالي فإن من يريد إدراج هذه المادة في الدستور، إنما يعتقد أن اللغة الألمانية مهددة بخطر الزوال والاندثار "وهو أمر لا أساس له من الصحة." واتهم إيداتي، الذي ينتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك مع الحزب المسيحي الديمقراطي في الائتلاف الحاكم، اتهم هذا الأخير بأنه يسعى من خلال هذا الإجراء إلى الظهور بصورة أكثر وطنية من الأحزاب السياسية الأخرى، واصفا ذلك بأنه "محض هراء".
وفي لقاء مع الصحيفة الألمانية "فرانكفورته روندشاو" انتقد الأمين العام للحزب الليبرالي ديرك نيبل اقتراح الحزب المسيحي الديمقراطي بالقول إنه كان يجدر به أن يبحث كيفية التخفيف من أعباء الضرائب على المواطنين بدلا من السعي إلى إدراج مادة خاصة باللغة الألمانية في دستور البلاد. كما قوبلت هذه الفكرة برفض داخل صفوف الحزب المسيحي الديمقراطي في حد ذاته، ففي سياق متصل وصف وزير الاندماج في ولاية شمال الراين واستفاليا، أرمين لاشيت، الاقتراح بأنه أمر لا ضرورة له، مُذكِراً في الوقت نفسه بأن إتقان اللغة الألمانية يُعد جزءاً مهما من سياسية اندماج الأجانب المًُتّبعة في ألمانيا.
على الصعيد القانوني، أكد القاضي السابق في المحكمة الدستورية الاتحادية، ديتر غريم على أن الاقتراح بإضافة فقرة جديدة إلى المادة 22 في الدستور الألماني حول اللغة، لن يغير شيئا من الوضع القانوني للألمانية كلغة رسمية في قفي البلاد. وأشار ديتر غريم إلى أنه تم في قانون المحاكم اعتماد الألمانية كلغة رسمية داخل المحاكم القضائية الألمانية، بالإضافة إلى أنها اللغة الرسمية لدى الدوائر والمصالح العمومية في البلاد، وبالتالي فإن إدراجها في الدستور لن يجلب لها امتيازات أكبر.
يُشار إلى المادة 22 من الدستور الألماني تنص على أن برلين هي عاصمة ألمانيا الاتحادية وعلى أن ألوان العلم الألماني هي الأسود والأحمر والذهبي.
"الألمانية لغة تواصل مع المجتمع"
وانتقد ممثلون عن الجالية التركية في ألمانيا هذا الاقتراح بشدة، حيث أشار رئيس رابطتها كنعان كولات إلى أن الحزب المسيحي الديمقراطي يريد استعمال ورقة اللغة للضغط على المهاجرين بهدف تحقيق اندماج ثقافي كلي وطمس التعددية الثقافية واللغوية لهم، مشيرا في الوقت نفسه إلى القوانين التي تفرض على كل أجنبي تعلم الألمانية. ووصف كولات الاقتراح بأنه لا يتفق مع الممارسات الديمقراطية.
وردا على هذه الانتقادات دافع رئيس البرلمان الألماني نوربيرت لاميرت عن اقتراح حزبه، مشيرا إلى أن غالبية الدساتير الأوروبية تنص صراحة على لغة البلد الرسمية. وشدد على أن إدراج مادة في الدستور الألماني حول اللغة، هو أمر بديهي للغاية وليس فيه أية مغالاة في القومية. كما أكّدت المفوضة الألمانية لشؤون الاندماج ماريا بومه على أن اللغة الألمانية تُعد "القاسم المشترك الذي يربط أفراد المجتمع ببعضهم البعض" وبالتالي فإن إدراجها في الدستور لا ينفي حق المهاجرين في الإبقاء على لغتهم الأم، وإنما تعلم الألمانية كلغة تواصل مع غالبية المجتمع الألماني.