مفاوضات ماراثونية: هل ملت أنقرة من انتظار بروكسل؟
١٦ أكتوبر ٢٠١٣شهدت العلاقات التركية الأوروبية فتورا كبيرا في عام 2013، وقد ساهمت صدامات الشرطة التركية مع المتظاهرين في حديقة غيزي في اسطنبول في توتير العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، علما بأن بروكسل كانت على وشك بدء محادثاتها مع الجانب التركي حول الملف رقم 22 الخاص بالسياسة الإقليمية وتنسيق آليات السياسة الهيكلية، لكن هولندا وألمانيا أوقتا ذلك، بسبب تعامل أنقرة مع المتظاهرين.
يضاف لذلك مسألة حرية الصحافة وتفسير أنقرة لها. إنها نقطة خلافية أخرى، حيث ينتقد رئيس ممثلية الاتحاد الأوروبي لدى تركيا موريس ريبيرت "وجود خروقات في هذا المجال".
ولا تقتصر ردود فعل بروكسل على النقد، حيث عبر الاتحاد الأوروبي في الأسبوع الماضي عن سروره بانطلاق "الحزمة الديمقراطية" التي أطلقتها الحكومة مؤخرا ومدح الاتحاد الإصلاحات التي بدأ اردوغان بها، هذا وتتضمن إصلاحات هذه "الحزمة الديمقراطية": تخفيف الحظر المفروض على المحجبات عبر تغيير قانون منع الحجاب في المؤسسات الرسمية، كما جاء البرنامج بالمزيد من حقوق الأقليات، وهما نقطتان اعتبرهما مفوّض الاتحاد الأوروبي المسؤول عن التوسع، شتيفان فويله، تقدما ملموسا.
الاهتمام التركي في تراجع
بدأت المفاوضات الرسمية من أجل انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي في عام 2005، لكن اهتمام أنقرة بدخول النادي الأوروبي في تراجع، حيث أظهرت آخر استطلاعات الرأي أن الانضمام إلى الاتحاد لم يحظ حتى بتأييد نصف المشاركين الأتراك، علماً بأن ثلاثة أرباع المشاركين في استطلاع أجري عام 2004 كانوا مؤيدين للإنضمام، وفي نفس الوقت كشف الاستطلاع الحديث عن أن ثلث المشاركين يرفضون الانضمام رفضا تاما، فيما كانت نسبة الرفض تسعة في المائة فقط قبل تسع سنوات.
الأمر ينطبق على السياسيين أيضا، الذين لم يعودوا متحمسين للأمر، حيث أبدى الوزير التركي للشؤون الأوروبية إيغمن باغيش تشاؤمه من إمكانية الانضمام للاتحاد أساسا، وأوضح في تصريح نُشر في جريدة حريات التركية: "قد ينتهي الأمر بتركيا مثل النرويج بحيث نلتزم بالمعايير الأوروبية ويكون التنسيق بيننا على مستوى عالٍ، لكننا لن نصبح أبدا عضوا في الاتحاد".
رأي مختلف يأتي من صفوف رجال الأعمال الأتراك، حيث يشدد رئيس اتحاد الصناعيين ورجال الأعمال الأتراك (TÜSIAD)، محرم يلماز، على ضرورة السعي للانضمام للاتحاد بهدف دعم النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي وتحقيق مزيد من الديمقراطية، ويشاطره الرأي وزير الاقتصاد الأسبق كمال درويش.
الخبراء يؤيدون الانضمام للاتحاد الأوروبي
"من الناحية الاقتصادية، تحتاج تركيا للاتحاد الأوروبي"، كما يقول الصحفي المختص في الشؤون الاقتصادية مصطفى سونميز لـDW، ويشدد على أنه "من المهم أن تنضم تركيا للاتحاد أو أن تكون مرشحة للإنضمام، لأن ذلك ينعكس على الاستثمارات الخارجية". ويضيف زونمس أن مجرد سعي أنقرة للانضمام يجذب المزيد من المستثمرين الأجانب".
من جهتها ترى باحثة العلوم السياسية سينيم آيدن أن الاتحاد الأوروبي يمثل محركا لعملية توطيد الديمقراطية في البلاد، وتقول في حوار مع DW: "كانت الديمقراطية التركية ستتدهور، وخصوصا في السنوات الخمس الأخيرة، لولا تأثير الاتحاد الأوروبي". إلا أن آيدن غير متفائلة بتأثير برنامج الديمقراطية الذي أطلقه إردوغان على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وتضيف آيدن أن العنصر الأهم هو حل مشكلة قبرص، وقبل تحقيق ذلك لا تتوقع الباحثة أي تقدم في مفاوضات الانضمام.