معسكرات التدريب الألمانية بالخليج.. ما لها وما عليها!
٢٤ يناير ٢٠١٥للمرة الخامسة حط نجوم بايرن ميونيخ رحالهم في الدوحة، للتدرب في العاصمة الخليجية استعدادا لمرحلة الإياب من الدوري الألماني لكرة القدم. وبنفس التوقيت تقريبا غادر فريق شالكة إلى هناك كما في الأعوام الماضية. المدن الخليجية احتضنت فرقا أوروبية كثيرة وألمانية خصوصا: فنادي فرانكفورت توجه إلى أبوظبي، أما جارتها دبي فكانت من اختيار نادي هامبورغ.
وبينما فضلت أندية ألمانية أخرى قضاء فترة الاستعداد في إسبانيا مثلا، أو جنوب تركيا، أو حتى فلورديا الأمريكية، ولم يوجه أحد في ألمانيا انتقادات لها بسبب اختيارها ذاك، واجه نادي بايرن ميونيخ سيلا من الانتقادات لاختياره العاصمة القطرية.
انتقادات لاختيار قطر
الانتقادات تمحورت حول نقطتي "أوضاع حقوق العاملين" في قطر، وحول الاتهامات بالفساد من أجل الحصول على حق تنظيم مونديال 2022 لكرة القدم. فقد ظهرت تقارير صحفية، أبرزها ما كشفته صحيفة "غارديان" البريطانية، وكذلك تقارير لمنظمات حقوقية، كشفت عن أوضاع "مزرية" وظروف صعبة يعيشها العمال الذين يتولون بناء الملاعب المخصصة لاستضافة مونديال 2022، حتى أن بعض المنظمات غير الحكومية وصفت الوضع بـ"العبودية المعاصرة".
"أتمنى من إدارة بايرن ميونيخ أن تمتلك الجرأة وتناقش الظروف السيئة هناك"، هكذا علّق ديتر يانك، سياسي من حزب الخضر، قبل أن يوضح أكثر في تصريحات لصحيفة "دي فيلت": "يمكن للنادي أن يسأل ويتابع ظروف العمل في ورشات بناء ملاعب مونديال كرة القدم. يجب أن لا يتولد انطباع بأن النادي ومن أجل المصالح الاقتصادية يغمض عينيه عن ظروف العمال المهاجرين في قطر".
الباحث في السياسة الرياضية، منصف اليازغي، يرى في حوار مع DWعربية بأن "الدول الغربية تمارس نفاقا واضحا في هذا السياق. فهي تشهر ورقة العمالة في قطر عندما تريد. أما عندما تكون الأمور متعلقة بالاقتصاد، وبأمور تدر أرباحا فلا أحد يذكر شيئا". نفس الانتقادات تقريبا وُجهت لنادي شالكه، الذي يرتبط بعقد مع أكاديمية "أسباير" في العاصمة القطرية بموجب عقد، انتهى الآن. فهل سيتم تجديده؟ المفاوضات جارية بهذا الخصوص ولم يعلن عن تفاصيلها إلى غاية اللحظة.
المصالح الاقتصادية بالدرجة الأولى
عموما، نادي شالكه، والحال كذلك بالنسبة لبايرن، يوفر على نفسه كافة نفقات فترة الاستعدادات من خلال هذه العقود. فالنادي يتدرب هناك دون أن يتحمل أي مصاريف، لا، بل يحصل مسؤولوه ولاعبوه على هدايا، كما حدث مع رومينيغه، رئيس نادي بايرن، عندما حصل في مطلع عام 2013 على ساعتين فاخرتين كهدية في قطر، قدرت قيمتهما بحوالي 150 ألف يورو. وقد افتضح الأمر من خلال سلطات الجمارك، لأن رومينيغه أخفى الساعتين ولم يدفع قيمة الرسوم الجمركية، فدفع إثر ذلك غرامة بلغت 250 ألف يورو.
وبالغوص أكثر في خلفيات المشهد الاقتصادي، لابد من التذكير بأن إمارة قطر تملك أسهما في عدة شركات ألمانية كبرى، مثل: 17 % من أسهم عملاق صناعة السيارات فولكسفاغن. و9 % في شركة هوختيف للبناء والمقاولات. وكذلك شراء قطر لأسهم في أكبر بنك أوروبي، وهو "دويتشه بنك" الألماني؛ إضافة إلى الاستثمارات بالجهة المعاكسة. تكفي الإشارة هنا إلى توقيع شركة السكك الحديدية الألمانية "دويتشه بان" عقدا بقيمة 17 مليار يورو لتنفيذ مشروعات في قطر.
وبالمقابل فإن الطرف الآخر، أي قطر، تستفيد من أسماء الأندية الألمانية الكبيرة لتكون دعاية بالنسبة لها، بحسب الدكتور منصف اليازغي، الباحث في السياسة الرياضية. فهذه الدولة الخليجية لديها طموحات كبيرة لتنظيم بطولات رياضية كبرى في مختلف الألعاب. "خاصة وأن قطر تعتمد على أمرين أساسيين للترويج لنفسها عالميا، وهما: الرياضة والإعلام"، يقول اليازغي. وبالمجمل يبقى خوض تلك المعسكرات من عدمه قرارا بيد الأندية ولا مشكلة فيه، برأي ريغينا شبويتل، من منظمة العفو الدولية، إمنيستي. ولذا لا ترى ريغينا، بحسب صحيفة "دي فيلت"، أن الحل يمكن في مقاطعة مثل تلك المعسكرات. "أجد أن الأمر طبيعي عندما تسافر الأندية إلى هناك وتستفيد من الظروف المثالية لإقامة معسكراتها. ولكن يجب على الأندية ألا تغمض عيونها وأن تستفسر من المسؤولين" في قطر حول القضايا الشائكة.
ف.ي/و.ب DW))