معاناة اللاجئين في إيطاليا.... ولا حلول في الأفق
٢٠ ديسمبر ٢٠١٣أغلب سكان لامبيدوزا لا يريدون التحدث حول ذلك الفيديو الفضيحة الذي انتشر في أوروبا. الصور التي أظهرها الفيديو روعت سكان الجزيرة الصغيرة. إذ تُظهر أناسا عاريين، نساء ورجالا يُرشُّون بمطهرات مضادة للقمل. الأمر يتعلق بانتهاك واضح لحقوق الإنسان. ماريو ليبيرانوري وزوجته ماريا يديران فندقا صغيرا ويقولان حول تلك المشاهد:"هناك عدد كاف من الأطباء والممرضين في المستودع، الذين من المفروض أن يهتموا بالناس كما ينبغي، ومن يتحمل المسؤولية في ذلك الوضع فإنه ينبغي له الرحيل."
المدير المشرف على مستودع اللاجئين كونو غاليبو وبعض من معاونيه تم توقيفهم عن العمل، لأن الوضع في ذلك المخيم مأساوي، حيث تسود الأوساخ، والآن يتم تنظيفه بسرعة. ففي هذا المكان الذي من المفروض أن يستوعب 260 لاجئ، يتواجد أكثر من 500 شخص. ما يقارب المئتي منهم تم نقلهم في رحلة خاصة إلى صقلية.
مكان كعلبة السردين
الازدحام المستمر برره المسؤولون عن المشاهد الصادمة في الفيديو، بحريق جزئي تعرض له المستودع قبل سنتين ونصف. وبالرغم من أعداد اللاجئين التي توالت عبر الزوارق، فإنه لم يتم إعادة بناء ذلك الجزء المحروق. في غرف النوم المتبقية تمت إزالة حوامل الأسِرّة والتبرير الذي قدمته الإدارة، أنها تخشى أن يستخدم اللاجئون القطع الحديدية كسلاح عند حدوث احتجاجات محتملة.
في هذا المستودع الذي كان في السابق ثكنة عسكرية كان يتواجد حوالي ألف شخص، وكان عدة أشخاص ينامون على فراش واحد، وعندما لا يجد البعض فراشا فإنهم يضطرون إلى النوم في العراء في داخل الأفرشة البلاستيكية، كما هو شأن المهاجرين الذين جاءوا أوائل أكتوبر. في ذلك الوقت وصل إلى جزيرة لامبيدوزا 1500 لاجئ، في حين مات 366 شخصا غرقا، عندما انقلب بهم القارب بالقرب من مدخل الميناء. بعد هذا الحادث المأساوي ساد في ايطاليا وأوروبا كافة استياء كبير. إذ بدا على المسؤولين الحكوميين الإيطاليين والأوروبيين التأثر من أعداد الجثامين الهائلة، غير أنه كان ينبغي لهم أن يتخذوا مواقف ملموسة، لكن الوضع لم يتحسن في شيء.
تغيير قانون اللجوء
طالبت عمدة لامبيدوزا غيوزي نيكوليني بشكل عاجل عدم نقل اللاجئين في قوارب صيد مكتظة. لكن لتحقيق ذلك فإنه ينبغي تعديل قانون اللجوء وضمان الوصول الآمن للاجئين إلى أوروبا. من يأتي إلى لامبيدوزا فإنه ينبغي استبعاده من الجزيرة بسرعة. 72 ساعة حسب ما ينص عليه القانون. عوض ذلك يبقى اللاجئون لأسابيع طويلة في مستودع.
لكن في أماكن أخرى فإن الوضع مأساوي، مثل مستودع "مينيو" الواقع في قلب صقلية، الذي تحدث فيه باستمرار احتجاجات بسبب طول مدة الإقامة فيه لأن إجراءات الحصول على اللجوء تكون بطيئة، قد تصل إلى سنتين. مستودع صقلية له طاقة استيعابية في حدود 2000 شخص، غير أن ساكنيه من المهاجرين يفوق عددهم 4000 شخص. الأمر الذي يشكل أمرا مأساويا لهؤلاء المهاجرين حسب ما يقول بيتر سانداي من نيجيريا، الذي يعيش هناك منذ خمسة أشهر. الأكل في الصباح لا بأس به حسب ما يرى لكن وجبتي الغذاء والعشاء سيئتين لدرجة أنه يقول:" أعاني كثيرا من آلام في المعدة." كما يقول بيتر، الذي يتلقى حبة من دواء" الباراسيتامول" كعلاج.
تجارة على حساب الفقراء
ما يشكل عذابا كبيرا للمهاجرين يعد مصدرا مهما للدخل بالنسبة للمشرفين على المستودع. فالدولة الإيطالية والاتحاد الأوروبي يدفعان 40 يورو يوميا للمهاجر الواحد، من أجل سكنه، وغذائه، وعلاجه، بالإضافة إلى مصروف بسيط. الأرباح التي تحققها يوميا المنظمات المكلفة من وزارة الداخلية الإيطالية بالعمل داخل المستودعات تعد أرباحا كبيرة.
كما يتم تقسيم المال بناء على تقسيم سياسي، لأن الأموال تعد أموالا عمومية. إذ يمنح المشرفين عقودا لموردين معينين، كما يخلقون فرص عمل داخل المستودعات، وذلك ضمانا لأصوات الناخبين، حتى ولو كانت تلك الاختيارات لا تصب في مصلحة المهاجرين. بالنسبة لحزب رابطة الشمال الإيطالي المعادي للأجانب فالأمر واضح:"إذا لم يكن هؤلاء الناس راضين عن تلك الظروف المعيشية في ايطاليا، فيمكنهم الذهاب"، حسب هذا التعليق الاستفزازي.