مطران آشوري: المسيحيون في العراق متأهبون للهجرة
٢٦ ديسمبر ٢٠١٧DW: كم عدد المسيحيين الذين مازالوا يعيشون في العراق وفي كردستان العراق؟
الاركذياقون عمانوئيل يوخنا: في كافة أنحاء العراق يعيش نحو ربع مليون مسيحي. 80 إلى 85 في المائة منهم يعيشون في كردستان العراق وفي محافظة نينوى، التي تقع فيها أيضا الموصل. وفي الأجزاء الأخرى من العراق يعيش حوالي من 40 ألفا إلى 50 ألف مسيحي. والمسيحيون هم السكان الأصليون للعراق حيث يعيشون منذ 2000 سنة كمسيحيين، وقبلها كآشوريين قبل أن يأتي العرب والإسلام بفترة طويلة. واليوم نحن كأقلية. لكن من المهم بالنسبة لهويتنا داخل أنفسنا أننا نحن السكان الأصليون في البلاد.
وقبل أن تتفجر العداوة بين كردستان والحكومة المركزية في بغداد، كان كردستان العراق مكانا جيدا للعيش، جزيرة أمل ـ ليس فقط للمسيحيين، بل أيضا بالنسبة إلى أقليات أخرى مضطهدة. وبعد الاستفتاء على الاستقلال ورد الفعل القوي للحكومة المركزية، بات الناس قلقين جدا. والآن توجد أسئلة أكثر من أجوبة.
هل بفعل الوضع غير المستقر يمكن القول بأن الربع مليون مسيحي، المتبقين في العراق حزموا امتعتهم استعداداً للهرب؟
لسوء الحظ يجب علي القول بأن الكثيرين يفعلون ذلك، لاسيما في سهل نينوى. وإلى حد الآن لا يُعرف من سيحكم هناك، وكيف سيكون المشهد السياسي بعد استرداد المنطقة من جديد من (أيدي) ما يسمى بـ"الدولة الإسلامية (داعش)، وتفجر النزاع بين الحكومة المركزية العراقية والمنطقة المستقلة الكردية. ولهذا نحن نعيش في فترة انعدام أمان. نحن ننتظر ـ ونأمل دوما في ذلك ـ رسالة حب وتضامن وثقة من بغداد: "تألمتم بما يكفي تحت داعش. والآن تم الاستيلاء على مدنكم. سنقوم بدعمكم، وسنمدكم بأي نوع من المساعدة لإعادة بناء حياتكم". لكن لسوء الحظ بغداد فعلت العكس: أرسلوا الجيش. ونحن، كمجموعة مسالمة، مصدومين من الوضع.
هل تعتقد أن التصرف القوي للحكومة المركزية العراقية له ربما علاقة بالحملة الانتخابية؟ في مايو/ أيار المقبل ستكون انتخابات، وربما يراهن رئيس الوزراء حيدر العبادي على منتخبيه، وغالبيتهم من الشيعة.
التوقيت غير مناسب بالنسبة إلينا. وبصرف النظر عن الحجج والتعليلات المضادة لها بشأن الاستفتاء حول الاستقلال في كردستان اتضح لنا بسرعة أنه يتم استغلال الاستفتاء كذريعة لبث عدم الاستقرار في كردستان. وكنا ننتظر أن يكون النموذج الكردي في التعامل مع الأقليات سيكون قدوة بالنسبة للأجزاء الأخرى من العراق وليس العكس. والآن تأتي الحملة الانتخابية، ويحاول كل سياسي استغلال الوضع لانتزاع مكاسب. نعم أعتقد أن الحملة الانتخابية تلعب دوراً مهما في طريقة تعامل الرئيس العبادي مع الوضع.
ما الذي يجب فعله كي يشعر المسيحيون في العراق بأنهم في وطنهم؟
كأقلية مسالمة سنشعر بأننا في وطننا عندما نشعر بالأمان. ولذلك نحن ندعو أربيل وبغداد ـ ولاسيما بغداد ـ للاستماع إلى صوت الحكمة، والجلوس على طاولة الحوار وإيجاد الحل للمواقف المختلفة. وهذا سيعيد ترميم ثقتنا.
والنقطة الثانية هي أن الكثير من المسيحيين يعيشون في سهل نينوى، الذي هو جزء من المنطقة المتنازع حولها بين أربيل وبغداد. نحن نتمنى أن يتم هنا تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، التي تنص على أن الناس في المناطق المتنازع عليها هم من يحددون جهة انتمائهم في إطار استفتاء شعبي. وبعدها سيعرف الناس إلى أية جهة ينتمون وتحت أي مظلة دستورية وإدارية سيعيشون. فتحت تنظيم "داعش" لم يتم فقط تدمير البنى التحتية، بل حتى تعايش الأقليات دُمر والثقة المتبادلة أيضا. نحن نحتاج بسرعة إلى مخطط طويل المدى لإعادة بناء كل شيء مادي والعودة مجددا إلى هذا التعايش السلمي بين الجميع. وهذا يحتاج إلى مقاربة متعددة الجوانب: من خلال وسائل الإعلام ومراجعة القوانين والدستور وكذلك تعديل مخططات التدريس.
ما هو أهم إجراء يجب اتخاذه الآن؟
نحن نحتاج إلى اعتراف واضح من أربيل وبغداد بأن المناطق التي تقطنها أقليات وطنية مثل المسيحيين والإزيديين لن تكون هدفا لعمليات عسكرية. وعوض ذلك يجب بذل جهود مشتركة من أربيل وبغداد لإعادة إعمار هذه المناطق.
ما هو نوع المساعدة التي يمكن للخارج أو أوروبا تقديمها؟
المهم أن تكون نوعا من برنامج مارشال في صيغة أصغر؛ لإعادة إعمار المناطق المدمرة. نحن المسيحيين ـ وكذلك الإيزيديين ـ قلقون جدا لأنه يتم تجاوزنا في إعادة البناء. نحن نخشى أن تُصرف، لأسباب سياسية، المخصصات لإعادة البناء في المناطق السنية بالأساس، ونبقى في النهاية في مؤخرة الذيل.
وبغض النظر عن هذا وجب على بروكسيل وبرلين والمجتمع الدولي أن يربط مساعداته للحكومة العراقية أو الكردية بشرط حماية حقوق الأقليات.
***عمانوئيل يوخنا، هو اركذياقون آشوري ومدير برنامج منظمة الإغاثة المسيحية في شمال العراق.
أجرى المقابلة: ماتياس فون هاين