مصر: هل من أمل في المصالحة الوطنية؟
٥ سبتمبر ٢٠١٣شهدت مصر مؤخراً عدداً من المبادرات المطروحة للخروج من الأزمة السياسي، سواء الشخصية أو من قبل الأزهر الشريف، إلا أنها لم تلق إجماعاً حتى الآن. لكن نجاح المصالحة الوطنية في محافظة مرسى مطروح قد يعيد الأمل من جديد.
ويقول الدكتور جمال قريطم، عضو مجلس الشعب السابق عن حزب النور السلفي، في حديث مع DW عربية: "المصالحة الوطنية هي الحل الوحيد للأزمة السياسية في مصر، لأن التصعيد والتصعيد المضاد لن يؤتي بنتيجة". مضيفاً أن "تمسك كل طرف بموقفه أوصلنا لمرحلة انسداد سياسي. لذلك يطالب حزب النور بتهدئة الجو للمصالحة الوطنية".
ويرى قريطم أن المطلوب في الفترة الحالية هو عدم ممارسة الإعلام كنوع من التشويه لفكرة سياسية معينة، إضافة إلى وقف الاعتقالات والزج بقيادات الإخوان المسلمين في السجون ووقف النزول إلى الشارع، باعتبار أن المصالحة تحتاج لأجواء من تخفيف حدة الإعلام والملاحقات الأمنية.
وشدد عضو حزب النور على أهمية الأزهر الشريف، معتبراً أن حزبه "طرح مبادرات ومازال يطرح وهو فاعل رئيسي في مسألة المصالحة، وأنهم في انتظار ما أسفر عنه اللقاء مع أحمد المسلماني، المستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية، بخصوص النقاط التي أثيرت وعلى رأسها التمهيد لتهيئة المصالحة".
أما بخصوص ما توارد من أخبار عن إتمام عملية المصالحة الوطنية في محافظة مرسى مطروح بين القوى السياسية والدينية والشبابية، برعاية القوات المسلحة والمحافظ اللواء بدر طنطاوي، أبدى جمال قريطم ترحيبه بها وأكد أن هناك خطوات مهمة من شأنها تسريع المصالحة الوطنية، منها أن يتخلى الإعلام المصري، سواء الخاص أو الرسمي، عن أيديولوجيته. وأعتبر قريطم أن تغطية الإعلام للقبض على قيادات الإخوان "أمر يثير "الدهشة"، لاسيما وأن براءتهم قد تثبت لاحقاً.
المصالحة هي الحل الوحيد
من جانبه، أكد الدكتور عباس شومان، أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر، في مقابلة مع DW عربية، أن دور الأزهر معروف في سياق المصالحة الوطنية، وهذا من قبل عزل الرئيس السابق محمد مرسي، واستمرت جهوده حتى بعد عزله.
إلا أن شومان استطرد بالقول: "لكن لم يستمع إليه (الأزهر) أحد بعد أن دعا إلى مبادرة ترضي جميع الأطراف وظلت هذه المساعي قائمة حتى فض الاعتصام (في رابعة العدوية والنهضة)". وحتى الآن، يرى عباس شومان أن المصالحة هي الحل الوحيد للخروج من الأزمة، وأن الأزهر يمد يده ليل نهار لأي جهود في هذا الشأن.
أوضح أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر أن "الأزهر لا يطرح مبادرات لأن الناس لا تقبل طرح المبادرات، ومع ذلك فهو على استعداد لجمع أصحاب المبادرات، مثل الدكتور سليم العوا وحزب النور، بحضور جميع الأطراف للوصول إلى مبادرة شاملة ترضي الجميع".
لكن شومان يرى أن هناك أطراف تبالغ في مطالبها، إذ يصرّ الإخوان على عودة الرئيس مرسي، بينما يطلب الطرف الآخر أن يختفي الإخوان من الساحة السياسية، وهي مطالب يصفها بـ"الصعبة". لذلك، يدعو شومان أن يتنازل كل طرف ويقدم مطالب مرضية، لأن ذلك سيساعد في النهاية على إخراج البلاد من الصراع غير المنطقي.
تجميل لجماعة الإخوان المسلمين
وعلى النقيض من الدكتور عباس شومان، يرفض محمود العلايلي، عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار، الحديث عن المصالحة الوطنية، معتبراً أن جماعة الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية" قتلت العديد من رجال الأمن والشرطة والمواطنين، على حد تعبيره. وتابع العلايلي بالقول: "المصالحة الوطنية ما هي إلا تجميل لجماعة الإخوان المسلمين من أجل عودتهم إلى الحياة السياسية وهو ما يرفضه المصريون".
ويعتبر محمود العلايلي أن المصالحة الوطنية قد تتحقق بدون الإخوان، لأن الحياة السياسية تمضي بشكل واقعي. ويقول: "إذا كانوا (الإخوان) يريدون الانخراط في حزب سياسي، فسيكون ذلك في النور ودون علاقة بالجماعة السرية ... لا داع للمصالحة ونحن ماضون قدماً في خارطة الطريق ولا يعقل أن تجلس الحكومة مع الإخوان على مائدة واحدة وهي تهددهم".
وفي نظرة تحليلية للموضوع، يعتبر الدكتور صبحي عسيلة، الخبير بمركز الأهرام للدارسات السياسية والإستراتيجية، في حواره مع DW عربية، أن إجراء مصالحة وطنية وارد، إلا أنه يرى بأن الظروف غير ملائمة والبيئة غير ناضجة. لذلك فالأمر مرهون بتغير الظروف، حسب قوله. ويعتبر عسيلة أن تقديم الإخوان اعتذاراً هو الشرط الحاكم لإجراء المصالحة، إلا أنه يعتقد بأن الحوار قد يكون ممكناً بعد وقف التصعيد وتوقف الحديث عن الشرعية.
كما يعتبر عسيلة أن وجود الجماعات الإسلامية والجهادية إلى جانب الإخوان المسلمين أعطاهم ورقة إضافية وقوة على الأرض، وبالتالي في حالة تخلي هذه الجماعات عن الإخوان، ستتأثر الجماعة وربما يدفعها ذلك لإعادة التفكير. ومن هنا، يرى الخبير بمركز الأهرام أن التعويل على شباب الإخوان وقياداتهم المعتدلة وحتى السابقة، مثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، قد يقنعهم بإجراء المصالحة.
و يضيف الدكتور صبحي عسيلة في هذا السياق: "استمرار الإخوان على موقفهم لن يكون في صالح المصالحة. كما أن الاستقرار السياسي لو مضى سيؤثر على وضع الإخوان". ويفسر ذلك قائلاً: "في حال قرروا المشاركة في الانتخابات وحصلوا على نسبة كبيرة، سيساعد ذلك على تقريب وجهات النظر بين مختلف القوى السياسية وسيكون انخراطهم في العملية السياسية هو ما سيفتح المجال للمصالحة. أما في حالة المقاطعة، سيتعقد المشهد وسيكونون مصرّين على عزل أنفسهم وسيكون عبء المواجهة على الأجهزة الأمنية".