إسراء عبد الفتاح تتحول إلى رمز النضال من أجل حرية التعبير
٢ نوفمبر ٢٠١٩إسراء عبد الفتاح صحفية ومدونة وناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان، واسمها يتشابه مع رئيس البلاد عبد الفتاح السيسي - الرجل الذي اعتقل أكثر من 60 ألف شخص منذ توليه السلطة في 2014 لأسباب سياسية، بحسب ما تفيد منظمة "هيومن رايتس ووتش". في العشرين من سبتمبر/ أيلول من هذا العام، خرج رغم الخوف الكبير من الاضطهاد السياسي مئات الناس إلى شوارع العديد من المدن المصرية للاحتجاج ضد نظام السيسي، لاسيما ضد تبذيره، إذ أنه يقوم ببناء قصور وبيوت فخمة في الوقت الذي يعاني فيه جزء كبير من السكان من الفقر. كانت تلك المظاهرات الأولى منذ ست سنوات، ورد الفعل كان متوقعاً: الآلاف من الاعتقالات وتحرك النظام بعنف ضد المدنيين.
لكمات بسبب كلمة سر المحمول
تعرضت إسراء عبد الفتاح للاعتقال في الثاني عشر من أكتوبر/ تشرين الأول من قبل قوى أمنية في العاصمة القاهرة واختفت. وحسب محاميها محمد صلاح، فهي مسجونة في مكان غير معروف حيث تقف لساعات أمام الجدار معصوبة العينين وتتعرض للضرب. كما طلب منها رجال الأمن الكشف عن كلمة سر هاتفها المحمول، بحسب ما كتب محاميها على "تويتر" عقب اختفاء عبد الفتاح.
وفي الأثناء، حكمت محكمة في القاهرة على إسراء عبد الفتاح بالسجن 15 يوماً بسبب "نشر أخبار زائفة" و"المشاركة في تجمع إرهابي". ومنذ أيام، تخوض الناشطة إضراباً عن الطعام للاحتجاج على الحكم والتعذيب الذي تتعرض له في المعتقل.
"حياتها في خطر"
الكاتب المعروف علاء الأسواني علق على اعتقالها في مقاله الأسبوعي لموقع DW عربية بالكلمات التالية: "جريمة إسراء عبد الفتاح الوحيدة هي أنها دافعت عن حق المصريين في العدالة والحرية. وحياتها في خطر. وفي حال وفاتها، فإن السيسي سيكون شخصياً مسؤولاً عن ذلك".
وحسب تقديرات منظمة "مراسلون بلا حدود"، فإن 16 صحفياً على الأقل معتقلون في مصر. وتحث المنظمة على إطلاق سراح عبد الفتاح فوراً وإنهاء مطاردة رجال الإعلام المنتقدين. خبير شؤون مصر، عمر مجدي، يعمل لدى "هيومن رايتس ووتش" في برلين ويقول إنه قبل فترة حكم السيسي، كانت الشخصيات المعروفة تتمتع بنوع من الحصانة: "لم يتم اختطافهم أو سجنهم أو تعذيبهم. هذا التعامل مع شخصية معروفة مثل إسراء عبد الفتاح يكشف الوسواس المزمن الذي يصيب النظام".
جزء هام من المجتمع المدني المصري
جمدت إسراء عبد الفتاح نشاطها السياسي قبل نحو عامين، بحسب عمر مجدي. عُرفت إسراء عام 2011 بدعوتها إلى التظاهر كجزء من حركة "6 أبريل"، وهي حركة ساهمت بقوة في الربيع العربي في مصر. وحتى بعد الثورة، ظلت ناشطة وأسست منظمة غير حكومية وكانت جزءاً هاماً من المجتمع المدني المصري. وتحت هاشتاغ "أين هي إسراء عبد الفتاح"، يكتب الآلاف من المصريين على "تويتر" ويحاولون بذلك لفت الانتباه إلى ظروف العيش في مصر. "مادام الناس يُختطفون في الشارع ومن بيوتهم وما دامت هواتف المواطنين تتعرض للتفتيش وما دام الأجانب يُعاملون كجواسيس، فإن النظام لن يشهد السياحة ولا الاستثمارات"، كما كتبت شابة على "تويتر".
هذه القضية تثير أيضاً قلقاً على المستوى الدولي. فقد وصف ديفيد شينكر، دبلوماسي أمريكي في الشرق الأوسط، معاملة الصحفية المرموقة والناشطة في مصر بـ"المثيرة للغضب"، وقال إنه تطرق لوضعها مع السفير المصري، كما أفادت وكالة رويترز للأنباء. وأضاف شينكر أن أمام مصر مشوار طويل لاحترام حقوق الإنسان. وقبل أيام، طرح أيضاً وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الموضوع في القاهرة. إن من مصلحة مصر أن يعتمد الناس هناك على قدر من القانون "ويتنفسون هواء الحرية"، كما قال ماس بعد لقاء مع الرئيس عبد الفتاح السيسي. لكن هذه الحرية بالتحديد يتم منعها عن إسراء عبد الفتاح وآلاف آخرين.
"وضع حقوق إنسان سيء"
وبالنسبة للناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان عمر مجدي، لم تكن مساهمة الوزير ماس بالقوة المطلوبة: "إسراء عبد الفتاح تحدثث أمام النيابة العامة عن التعذيب الذي تعرضت له. فظروف الاعتقال وكذلك التعذيب ما تزال مشكلة كبيرة في مصر. إلا أن الوضع لم يكن سيئاً مثل الآن". لكن النظام المصري ينفي ممارسة التعذيب.
أحد الموضوعات التي أثيرت في اللقاء بين ماس والسيسي هي صادرات الأسلحة الألمانية إلى مصر. ففي هذا العام ظلت البلاد، بعد المجر، ثاني أكبر زبون لصناعة السلاح الألمانية. وحتى الـ30 من سبتمبر/ أيلول، وافقت الحكومة الألمانية على صادرات بحجم 802 مليون يورو.
التسلح والتكنولوجيا لنظام مستبد
حول ذلك يقول خبير شؤون مصر في "هيومن رايتس ووتش": "يجب أن تكف البلدان الأوروبية عن تصدير السلاح والتكنولوجيا إلى مصر التي تُستخدم ضد السكان. وحتى التعاون بين أجهزة المخابرات يجب وقفه، لأن مصر تقوض حرية الناس بشكل متزايد".
هذا وتقول اللجنة المصرية للحقوق والسلام إن أكثر من 4300 شخص تم اعتقالهم على صلة باحتجاجات العشرين من سبتمبر/ أيلول. كما أعلنت النيابة العامة أن نحو ألف شخص تعرضوا للمساءلة بسبب مشاركتهم المحتملة في المظاهرات. وإلى حد الآن، لم تصدر الحكومة أرقاماً رسمية عن عدد المعتقلين. لذلك، شجب البرلمان الأوروبي بقوة الحالات الأخيرة في الأسبوع المنصرم وطالب في قرار "بمراجعة عميقة وشاملة" للعلاقات الأوروبية مع مصر. ويبدو أن وزير الخارجية ماس تدخل لدى السيسي لضمان إطلاق سراح بعض الأشخاص، ولا يُعرف ما إذا كانت إسراء عبد الفتاح واحدة منهم.
سارة سلامة/ م.أ.م