مشاكل تعليمية ونفسية بين أبناء المهاجرين العرب في ألمانيا
التعليم في ألمانيا حق مكفول للجميع بصرف النظر عن الجنس والجنسية والهوية. وينص الدستورالألماني على إلزامية التعليم من سن السادسة وحتى الثامنة عشرة، أي حتى نهاية المرحلة الثانوية. هذا القانون يطبق بحزم من قبل السلطات المختصة على جميع الأسر الألمانية وكذلك الأجنبية المقيمة في ألمانيا. فإذا ما لاحظت السلطات، من خلال شهادة الميلاد المسجلة لديها، ان طفلا ما بلغ سن التعليم الإلزامي وهو ليس مقيدا في أي مدرسة، فإنها تتوجه إلى أهله بالسؤال، وان ثبت ذلك بالفعل فان أهله قد يتعرضون للمسائلة القانونية. وتتراوح العقوبة بين دفع غرامة مالية في بداية الأمر، وقد يتطور الامر الى حرمان العائلة من طفلها بحكم المحكمة ويسلم لمكتب رعاية الشباب الذي يتولى متابعة تنفيذ القانون الذي لا يفرق بين طفل ألماني أو أجنبي.
مشكلة أبناء المهاجرين والمقيمين غير الشرعيين
يعاني الكثير من أبناء المهاجرين عموما وأبناء اللاجئين والمقيمين بصورة غير شرعية في ألمانيا خصوصا من الحرمان من التعليم أو من الإهمال والتسيب في مسألة الالتحاق بالمدارس لأسباب عدة منها مثلا: خوف بعض الأسر المقيمة بطريقة غير شرعية من إرسال أبنائها إلى المدارس حتى لا ينكشف أمرها للسلطات وتتعرض للطرد، أو بسبب الوضع غير المستقر للأسرة المنتظرة للبت في طلب منحها حق اللجوء، إضافة الى تفشي ظاهرة الأمية و تدني المستوى التعليمي والوعي الثقافي لدى الآباء والأمهات وعدم قدرتهم على مساعدة أبنائهم في التحصيل العلمي.
تشير ماريانه ديمر، من نقابة التعليم الألمانية، الى انه في حين تتغاضى السلطات في بعض الولايات وتطلب من إدارات المدارس التغاضي وعدم فحص أوراق إقامة أسر التلاميذ الذين يلتحقون بها وقبول أي طفل يتقدم للالتحاق، فإن بعض المدارس تقوم بتبليغ السلطات في حال عدم توفر أوراق إقامة أو في حال الإقامة غير الشرعية. والنتيجة غالبا ما تكون في هذه الحالة تسفير الأسرة بكاملها من البلد. وعلى مستوى وزراء التعليم في الولايات فان هؤلاء اتفقوا على إتاحة فرص التعليم أمام جميع التلاميذ بصرف النظر عن الوضع القانوني لإقامتهم في البلاد.
مشكلات نفسية وتعليمية
وفوق هذا وذاك فإن هؤلاء الأطفال ليسو في معزل عن الأجواء التي تعيش فيها أسرهم، إذ يعانون أيضا من الخوف المستمر من الطرد. هذا الشعور بعدم الاطمئنان يثقل كاهل الأطفال، ما ينعكس على قدراتهم على استيعاب اللغة الألمانية ومستوى التحصيل وبالتالي التعثر في التعليم. كما ان إقامة بعض أسر الأطفال بصورة مؤقتة في البلد وعدم معرفتها لمصيرها ينعكس على حياة الطفل ويصيبه بالإحباط طالما أنه غير متأكد من إتمام هذه السنة أو تلك في هذا البلد. وتطالب نقابة التعليم ببذل مزيد من العناية بأبناء اللاجئين وإتاحة فرص التعليم للجميع بصرف النظر عن وضع إقامتهم في البلد وعدم إخضاعهم للمراقبة وفحص أوراق أقامتهم من قبل السلطات. وفي هذا السياق تقول ماريانه ديمر من نقابة التعليم "ان الالتحاق بالمدرسة لأبناء اللاجئين يجب ان يكون مضمونا وهو ما يحتم على السلطات والمشرع والسلطات التعليمية والدوائر المختصة بشؤون الإقامة ان تأخذه في الاعتبار.". لكن، والكلام للمسؤولة النقابية، الحكومة تغض النظر عن المشكلة، بينما لا تريد وزارات الداخلية في الولايات والسلطة الاتحادية للهجرة واللجوء الحديث عنها.
وضع أبناء الجالية العربية
لاشك ان الأسر العربية التي تعيش في ألمانيا ليست بعيدة عن هذه المشكلات وان كانت لديها مشاكل إضافية خاصة بها نظرا لاعتبارات عدة منها ما هو متعلق بالعادات والتقاليد والدين وغير ذلك. موقعنا حاول التعرف على بعض هذه المشكلات التي تعانيها الأسر العربية بشأن التحاق أبنائها بالمدارس الألمانية من خلال الاتصال بالسيده ريم تيزيني الناشطة في مجال إدماج بنات وأبناء الجالية العربية في التعليم وتوعية بنات المدارس العربيات في ألمانيا. الناشطة الاجتماعية تشير بصفة أساسية الى تفشي الأمية بين الأسر العربية. هذه المشكلة تعكس نفسها، كما لاحظت تيزيني، على الأبناء واندماجهم في المجتمع وتحصيلهم العلمي. فهذه الأسر مثلا من الصعب عليها تعلم اللغة الألمانية مما يؤثر سلبا على تعلم الأبناء للغة وبالتالي على مستواهم في المدارس وقدرتهم على الاندماج مع أقرانهم. كما ان الوعي المتدني لدى هذه الأسر يساهم في إهمال متابعتهم لأبنائها في المدارس وعدم إعطاء التعاون مع المدرسة الاهتمام الذي يستحقه. السيد قاسم شبلي،منسق تربوي بين الجالية العربية والسلطات الألمانية، يتفق الى حد كبير مع ما قالته تزيني فيما يتعلق بالمشكلات التي تواجه الجالية العربية فيما يتعلق بتعليم ابنائها، مشيرا، في مقابلة مع موقعنا، الى ان الكثير من الصعوبات قد بدأت تتراجع بفضل قانون الأجانب الجديد والجهود التي تبذل في هذا الاتجاه من قبل الناشطين في الجالية العربية. ويتحدث شبلي بمرارة عن انعدام الوعي لدى بعض أبناء الجالية العربية بأهمية تعليم أبنائهم ومتابعة تحصيلهم العلمي.