مشاعر متباينة خلال موسم الحج بسبب "الدولة الإسلامية"
٣ أكتوبر ٢٠١٤تخيم على موسم الحج هذا العام المخاوف بشأن خطر تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي يهدد باستهداف حلفاء للولايات المتحدة الأميركية منهم السعودية. وفيما يقول ضابط سابق في الجيش المصري يدعى سليمان عودة، وهو يقف على صعيد جبل عرفات، مندداً بالمقاتلين الإسلاميين في سوريا والعراق واصفاً إياهم بالإرهابيين، لكن المهندس السوري أحمد عرابي يقف على مقربة منه كان له رأي مختلف.
ويقول عودة لرويترز وسط الحجيج اليوم الجمعة (3 تشرين الأول/ أكتوبر 2014) في عرفات "الإسلام دين السلام والإحسان وليس القتل والعنف ولا اعتبر هؤلاء المقاتلين في العراق وسوريا مسلمين.. إنهم يجلبون العار لكلمة إسلام".
بالمقابل يقول عرابي بصوت خافت: "إذا استطاعت الدولة الإسلامية أو النصرة أو أي جماعة أخرى قتال الحكومة فأنا أؤيدها تماماً". ويضيف في حوار مع رويترز: "بشار هو الإرهابي وإيران هي العدو. ومع أنه لا يمكنني رفع صوتي وقول هذا اليوم فإنني أتضرع إلى الله بقلبي حتى ينصر هؤلاء المقاتلين الإسلاميين الشجعان".
مصدر جديد للخلاف
وخلال السنوات المنصرمة كان الحجاج الشيعة الذين يعبرون عن آرائهم السياسية هم الخطر الرئيسي أمام قوات الأمن الحريصة على إبعاد السياسة عن الحج، لكن صعود الإسلام السياسي في أعقاب احتجاجات الربيع العربي عام 2011 لفت الانتباه إلى جماعات إسلامية سنية متشددة بصفتها مصدراً محتملاً جديداً للخلاف والتشاحن.
وإجراء استطلاع منظم لآراء الحجاج أثناء موسم الحج مستحيل لكن عينة عشوائية تشير إلى تباين المشاعر فيما يتعلق بتنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي يتصدر نشرات الأخبار منذ أن سيطر على مدينة الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية في يوليو/ تموز.
إجراءات أمنية مشددة
قدمت السعودية المال والسلاح لمقاتلي المعارضة السورية لمساعدتهم في قتال الأسد وخوض صراع مستمر منذ ثلاث سنوات وأسفر عن مقتل قرابة 200 ألف شخص. لكن الرياض تعرب عن رفضها الشديد للمقاتلين الإسلاميين في داخل صفوف المعارضة. وقصفت طائرات للقوات الجوية السعودية أهدافاً في سوريا الأسبوع الماضي في إطار غارات جوية تقودها الولايات المتحدة.
وفرضت إجراءات أمن أشد من المعتاد خلال موسم الحج هذا العام فيما يبدو، حيث انتشر المزيد من رجال الأمن في الأماكن المقدسة ووضعت نقاط تفتيش كثيرة للسيارات. في هذا السياق يقول اللواء منصور التركي، المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية، إن المملكة نشرت المزيد من أفراد الأمن والحرس الوطني على طول حدودها مع العراق. وأضاف قوله لرويترز على هامش مؤتمر صحفي أن السعودية عززت استعداداتها الأمنية على حدودها الشمالية والجنوبية. وما زالت السلطات السعودية تحذر الحجاج من أي احتجاجات سياسية.
كما قال وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف الأسبوع الماضي لوكالة الأنباء السعودية إن المملكة لن تتهاون في ذلك على الإطلاق، مضيفاً في بيان له أن السلطات ستتصدى لكل الشعارات الدعائية والفكرية والسياسية لأن الهدف من الحج هو العبادة وحسب.
ويؤدي نحو ثلاثة ملايين مسلم فريضة الحج هذا العام بينهم 1.4 مليون من خارج المملكة. ويلاحظ المراقب العادي تراجع أعداد الحجاج من سوريا والعراق عن العام الماضي وزيادة عدد الحجيج من آسيا. لكن السلطات السعودية أوضحت أنها لم تفرض قيوداً على تأشيرات سفر السوريين أو العراقيين لأسباب سياسية.
"الضرب بيد من حديد"
وفيما يبدو رسالة سياسية تحاول المملكة السعودية توجيهها من منبر الحج، دعا مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ قادة الدول الإسلامية خلال صلاة الجمعة إلى ضرب تنظيم "الدولة الإسلامية" دون أن يذكره بالاسم "بيد من حديد". وقال في خطبة الجمعة في جبل عرفة قرب مكة حيث يحتشد حوالي مليوني مسلم لأداء مناسك الحج "دينكم مستهدف، أمنكم مستهدف، عقيدتكم مستهدفة".
وأضاف بالقول: "ابتلينا بأمة سفكوا الدماء وقتلوا النفس المعصومة وقدموا بها تمثيلاً سيئاً لا يمثل إسلاماً (...) هؤلاء أعظم شأناً من الخوارج، هؤلاء إجراميون انتهكوا الأعراض وسفكوا الدماء ونهبوا الأموال وباعوا الحرائر ولا خير فيهم".
ودعا آل الشيخ: "أمة الإسلام إلى حماية أمتكم بحدودها واستقرارها والضرب بيد من حديد على كل الأعداء من الخارج ومن الداخل"، مؤكداً أن "هذه الجرائم الشنيعة إرهاب ظالم (...) وأشر من ذلك أنهم لبسوا باطلهم بأنه جهاد وأنه الإسلام، والله يعلم أنهم براء من الإسلام ومن الجهاد وأنهم الطغاة، فاحذروا أفكارهم المنحرفة ودعواتهم الزائفة".
وكان آل الشيخ قد اعتبر الشهر الماضي أن تنظيم "الدولة الإسلامية" "فئة ظالمة معتدية" ويجب على المسلمين قتالها إذا قاتلت المسلمين. وأكدت السعودية رسميا أنها شاركت في الضربات التي وجهتها الولايات المتحدة وحلفاؤها من الدول العربية ضد جهاديي تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا.
ع.غ/ م.س (رويترز، آ ف ب)