مسلمو ألمانيا يدينون الهجمات "الجبانة" على السفارات الغربية
١٥ سبتمبر ٢٠١٢"كمسلمين نشعر بالصدمة عندما نشاهد هذا الفيلم. إنه ملئ بالاستفزاز ومحاولة للتحريض على الكراهية بين المسلمين وبقية المجتمع"، يقول بنيامين إدريس، إمام مسجد ورئيس الجماعة الإسلامية في بينزبيرغ بولاية بافاريا الألمانية في تصريح لـ DW. وتطرق إدريس إلى الفيلم المثير للجدل في خطبة صلاة الجمعة، إذ كان بالطبع ينتظر منه كإمام أن يدلي بدلوه في هذا الموضوع. وأضاف إدريس قائلا إنه على الرغم من أن هذا العالم "بحاجة ماسة للسلام والأمن، يحاول بعض المتطرفين كل مرة التحريض على الكراهية ضد أتباع الديانات الأخرى". وطالب الإمام المسلم السياسيين والمثقفين ورجال الدين أن يحثوا الناس على التحلي بالصبر والحكمة في الرد على مثل هذه الاستفزازات.
إدانات لـ "أعمال القتل الجبانة"
وأدان رئيس الجماعة الإسلامية في بينزبيرغ، بنيامين إدريس، "بشدة" ما تعرضت له السفارات والبعثات الدبلوماسية الغربية في بعض الدول العربية من هجمات واقتحامات من قبل محتجين على الفيلم المثير للجدل، مُذكرا بأن الربيع العربي، الذي أفضى إلى إسقاط الديكتاتوريات سواء في ليبيا أو في الدول العربية الأخرى، كان أيضا بدعم أمريكي: "في الحقيقة كان ينبغي على العرب أن يكونوا ممتنين للولايات المتحدة الأمريكية لوقوفها إلى جانبهم".
كما أدانت بشدة منظمات إسلامية عدة في ألمانيا الهجمات العنيفة على السفارات والبعثات الغربية في بعض الدول العربية. في هذا السياق قال رئيس المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا، أيمن مزيك، إن "المتطرفين يحاولون استغلال الوضع". وأعرب، في حديث لقناة بافاريا الإعلامية ((BR، عن عدم تفهمه لهذه الضجة التي أثيرت حول هذا الفيلم "الرديء".
من جانبه اعتبر الاتحاد الإسلامي التركي (DITIB) "أعمال القتل الجبانة والاقتحامات" لممثليات الدول الغربية أعمالاً معادية للإسلام. وأكد الاتحاد في خطبة الجمعة أن نشر "الاضطرابات، والتوترات، والنزاعات، والتشهير، والأحكام المسبقة، هي في مثل هذه الحالات، في نظر القرآن، أسوأ وأكثر ضررا حتى من الحرب".
ليس هناك دليل ملموس على توجه نحو العنف
ويستبعد كل من الاتحاد الإسلامي والسلطات الأمنية في ألمانيا حدوث أعمال شغب من قبل المسلمين في هذا البلد، كتلك التي حدثت في بعض الدول العربية والإسلامية. صحيح أنها تراقب التطورات باهتمام، لكن لا يوجد حتى الآن دليل ملموس على التخطيط لمظاهرات احتجاجية من هذا النوع، حسبما أكدت فروع هيئة حماية الدستور (جهاز المخابرات الداخلية) في ولايات ألمانية عدة بما في ذلك ولاية شمال الراين ويسفاليا، التي شهدت قبل أشهر قليلة مواجهات بين الشرطة وجماعات سلفية متطرفة إثر رفع حزب ألماني يميني متطرف رسوما الكاريكاتورية للنبي محمد مثيرة للجدل.
ورغم أنه "ليس هناك دليل ملموس على وجود تهديدات"، ينصح رئيس قسم مكافحة التطرف والإرهاب الدولي، في مقابلة مع DW، بمراقبة ما إذا كانت "الدوائر ذات المصلحة" سوف توظف الوضع لصالحها، مشيرا إلى أن الأمر ينطبق هنا على الإسلامويين كما على المتطرفين المعاديين للإسلام على حد سوا.
أقلية صغيرة لجأت للعنف
الإمام بنيامين إدريس يرى أن الخطر يكمن في أن يلجأ المحافظون المتطرفون إلى دفع المسلمين في ألمانيا وأوروبا إلى أعمال عنف، لكنه يعتقد أنه ليس من السهل استفزاز إخوانه في العقيدة، إذ يرى "أن المسلمين في أوروبا وألمانيا عقلانيون ومعتدلون دينياً أكثر من كثير من المسلمين في العالم الإسلامي ـ أكثر حتى من العلماء أنفسهم"، وذلك نظرا ـ كما يوضح الإمام إدريس ـ للاختلاف الكبير في طريقة التفكير وفي مستوى التعليم العالي لكثير من المسلمين في ألمانيا وأوروبا بالمقارنة مع نظرائهم في العالم الإسلامي. إضافة إلى ذلك لا يوجد هنا فراغ في السلطة، كما هو الحال في بعض الدول الإسلامية، حيث تستغل بعض الجماعات ذات الاستعداد للعنف الوضع، لملء هذا الفراغ.
ويؤكد إدريس، الذي يحث على ضرورة تجنب موجة الهستيريا، أنه حتى في الدول الإسلامية لجأت فقط أقلية قليلة من الناس لأسلوب العنف ـ حتى وإن كانت وسائل الإعلام توحي في بعض الأحيان وكأن غالبية المسلمين تفكر بهذا الأسلوب".