تعليق: أعداء الثورات العربية المستفيد الأكبر من العنف
١٣ سبتمبر ٢٠١٢الآلية معروفة وخطيرة: عناصر متطرفة ذات توجهات أيدولوجية متعارضة تستفز وتهاجم بعضها البعض وتشعل حريقا سياسيا مدمرا. أما الضحايا فهم هؤلاء الذين يرفضون مسايرتهم بالإضافة إلى من يتم استدراجهم باستخدام الأيدولوجيات.
هذه هي بالضبط الآلية التي تتكرر حلقاتها الآن في ليبيا ومصر واليمن ودول عربية وإسلامية أخرى. وجاء تسلسل الأحداث كالتالي: متطرف في الولايات المتحدة يخرج فيلما منفرا ضد الإسلام ، متطرف آخر يبث الفيلم – بالتزامن مع ذكرى هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر- على الإنترنت باللغة العربية وبسرعة شديدة تظهر عناصر متطرفة في الدول العربية ترى في هذا الفيلم فرصة جيدة لتنظيم مظاهرات عنيفة وهجمات دامية ضد أجانب.
مسرحية خبيثة
نحن الآن أمام تحالف لقوى الشر طرفاه هم كارهو الإسلام من ناحية والمسلمين المتطرفين من ناحية أخرى. وبالرغم من العداء الواضح بين الطرفين إلا أنهما يخرجان سويا مسرحية خبيثة تهدف إلى زعزعة الاستقرار والسلام ولا يخفى بالطبع من المستفيد من هذه المسرحية.
في الغرب تحقق هذه الأحداث استفادة الأطراف التي ترى أن المسلمين يميلون للعنف والتطرف وليس لديهم القدرة على تحقيق الديمقراطية رغم رياح الثورات العربية ، كما أنها تصب أيضا في مصلحة القوى السياسية الموجودة في الولايات المتحدة والشرق الأوسط والتي ترى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ينتهج سياسة "صديقة للعرب" بشكل زائد عن الحد.
أما في العالم الإسلامي فلا يقتصر المستفيد من هذا الصراع على القوى الداعمة للدعايا ضد الغرب والتي تستفيد من الوضع لتحقيق أهداف أجندتها السياسية فحسب ، بل تمتد الاستفادة إلى أعداء موجات الثورات العربية.
فالرئيس السوري بشار الأسد على سبيل المثال يستفيد من تغيير أولوية تغطية الأحداث إعلاميا إذ لم تعد وسائل الإعلام تركز على موجات العنف التي تحدث في سوريا. وتعيد هذه الأحداث بقوة الفكرة التي تبناها الغرب لفترة طويلة والتي ترى أن شخصية الديكتاتور هي أفضل وسيلة لمواجهة التطرف وعدم الاستقرار في العالم العربي.
مسئولية الإعلام
لا يجب إغفال ضرورة عدم السماح بأن تكون الصدارة لدعاة الكراهية سواء في الغرب أو في العالم الإسلامي خاصة وأن معظم الناس هنا وهناك لديهم أمورا أخرى تشغلهم وتثير قلقهم لذلك من المهم أن تتحرك هذه "الأغلبية الصامتة" بشكل أكبر على الصعيد السياسي ولا تترك الساحة للمتطرفين.
في الوقت نفسه تتحمل وسائل الإعلام مسئولية كبيرة فمن المهم بالطبع تغطية الإحتجاجات الدموية لكن التغطية الإعلامية تثير القلق في بعض الأحيان خاصة عندما تعطي وسائل الإعلام العربية انطباعا بأن هذا الفيلم يمثل الصورة النمطية للغرب أو عندما يتم بث صور أعمال عمال العنف التي يمارسها مئات المتطرفين على الشاشات الغربية وجعلها تبدو وكأن مئات الآلاف خرجوا إلى الشوارع للتظاهر. لحسن الحظ لم يصل الوضع إلى هذا الحد بعد لكن إمكانية حدوثه غير مستحيلة خاصة بعد صلاة الجمعة .
راينر زوليش