مرسي يتمسك بالسلطة ويرفض إنذار القوات المسلحة
٢ يوليو ٢٠١٣أعلن الرئيس المصري محمد مرسي تمسكه بالشرعية الدستورية والقانونية ولو كان ثمن الحفاظ عليها حياته. وقال مرسي في كلمة له عبر التلفزيون الرسمي أنه ليس لديه خيار آخر سوى الالتزام بهذه الشرعية والاستمرار في تحمل المسؤولية باعتباره الرئيس المنتخب لمصر. وأضاف في الكلمة التي وجهها إلى الشعب المصري منتصف ليل الثلاثاء/ الأربعاء (3 تموز/ يوليو 2013) أنه لا يحق لأحد استبدال النظام القائم في البلاد التي تعصف فيه أزمة سياسية. وعرض مرسي في الكلمة على معارضيه تشكيل حكومة ائتلافية مشددا على أنه مستعد "للتضحية بدمه للحفاظ على شرعية انتخابه" قبل عام. وقال في هذا السياق أنه وافق على مبادرة تقدمت بها بعض الأحزاب السياسية بتغيير الحكومة وتشكيل لجنة مستقلة متوازنة لإعدادالمواد الدستورية المواد الدستورية لتعديلها وتقديمها للبرلمان المقبل. وقال أنه يريد الحفاظ على الجيش ولن يسمح لأحد الإساءة إليه. وحمل مرسي على النظام السابق واصفا إيه بنظام الفساد والتزوير والعدوان على الإنسان وكرامته.
وسبق كلمة مرسي هذه طلبه من الجيش سحب الإنذار الذي وجهه إليه كي يقبل تقاسم السلطة. وقال في تغريدة على الحساب الرسمي للرئاسة المصرية بموقع تويتر على الإنترنت "الرئيس محمد مرسي يؤكد تمسكه بالشرعية الدستورية ويرفض أي محاولة للخروج عليها ويدعو القوات المسلحة لسحب إنذارها ويرفض أي إملاءات داخلية أو خارجية."
وفي أول رد فعل على الكلمة اتهمت "حركة تمرد" مرسي ب "تهديد شعبه" بعد الكلمة التي القاها عبر التلفزيون، وقال القيادي في تمرد محمد عبد العزيز في تصريح لقناة "القاهرة والناس المصرية الخاصة: "هذا رئيس يهدد شعبه" مضيفا "نحن نعتبر انه لم يعد رئيسا" لمصر.ودعا عبد العزيز الشعب للاحتشاد في الميادين العامة بهدف إجبار مرسي على الاستجابة لمطالب الشعب. ووصف المتحدث باسم المعارضة المصرية الخطاب بأنه إعلان حرب أهلية لأنه تجاهل مطالب المعارضة له بالاستقالة. وقال خالد داود المتحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني "هذه دعوة صريحة إلي حرب أهلية ... الرئيس يستمر في رفض مطالب الشعب المصري له بتقديم الاستقالة". وبدوره قال مصدر عسكري في الجيش المصري ردا على تغريدة مرسي في موقع توتير إن القوات المسلحة رأت بيان مرسي وسترد عليه. فيما نقلت وكالة رويترز للأنباء عن جبهة الإنقاذ، اكبر تجمع للمعارضة المصرية قولها إن "تحدي مرسي للجيش يضع مصر على طريق المواجهة والعنف"، دون التطرق للمزيد من التفاصيل.
وكانت حشود من المصريين قد نزلت مجددا مساء الثلاثاء (الثاني من يوليو/ تموز 2013) إلى شوارع القاهرة وعدة محافظات للمطالبة برحيل الرئيس محمد مرسي الذي اجتمع مع وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي للبحث في مخرج من الأزمة بعد أن كان قد رفض بيان القوات المسلحة الذي أمهله 48 ساعة لتحقيق "مطالب الشعب" فيما ازدادت عزلته مع جملة استقالات في الحكومة والرئاسة.
وكان بيان للرئاسة المصرية نشر على صفحتها على فيسبوك قد أكد أن الرئيس المصري "استقبل الفريق أول عبد الفتاح السيسي لمتابعة مستجدات الساحة السياسية" فيما أكد مصدر عسكري لفرانس برس أن اللقاء كان يهدف "لمناقشة الأزمة والبحث عن مخرج". وأفادت مصادر عسكرية لوكالة رويترز أن القوات المسلحة المصرية ستعلق العمل بالدستور وتحل مجلس الشورى بموجب مسودة خارطة طريق سياسية ستنفذها ما لم يتوصل الرئيس محمد مرسي ومعارضوه لاتفاق بحلول غد الأربعاء.
استمرار المظاهرات وسقوط ضحايا
وفي هذه الأثناء تجمع آلاف المتظاهرين أمام قصر القبة الرئاسي في ضاحية مصر الجديدة بشرق القاهرة حيث يقيم حاليا الرئيس المصري، وفقا لمعلومات تتردد في وسائل الإعلام المحلية، ونزل آلاف آخرون إلى ميدان التحرير وإلى قصر الاتحادية المقر الرسمي للرئاسة.
وذكرت تقارير أن ثلاثة مصريين لقوا حتفهم اليوم الثلاثاء في اشتباكات وإطلاق نار بين معارضين ومؤيدين للرئيس مرسي في ثلاث مناطق بمحافظة الجيزة، فيما تحدثت وكالة رويترز في خبر عاجل إن عدد القتلى ارتفع إلى سبعة أشخاص. وقال مصدر أمني لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب .أ) إن 50 شخصا على الأقل أصيبوا أيضا في هذه الاشتباكات. وأضاف المصدر أن هناك عددا من المصابين حالتهم خطيرة لإصابتهم بالرصاص.
وقال شهود عيان ومصادر أمنية ومسعفون إن عشرات المصابين سقطوا اليوم الثلاثاء في اشتباكات بين مؤيدين ومعارضين للرئيس مرسي في القاهرة ومدن أخرى في وقت نظم فيه الجانبان مسيرات شوارع بأنحاء مختلفة من البلاد. وقال مسعفون إن 35 شخصا على الأقل أصيبوا في هجوم بالرصاص على معتصمين معارضين لمرسي في حي إمبابة بالعاصمة المصرية.
وقال مصدر إن اشتباكات بالحجارة وطلقات الخرطوش وقعت بين مؤيدين ومعارضين في منطقة الكيت كات في إمبابة وإن 21 من الجانبين أصيبوا أغلبهم بطلقات الخرطوش. وكان 16 شخصا قتلوا وأصيب أكثر من 700 في اشتباكات بين مؤيدين ومعارضين بدأت يوم الأحد في القاهرة ومدن أخرى واستمر أحدها على الأقل إلى الساعات الأولى من صباح الاثنين.
وفي مدينة بنها عاصمة محافظة القليوبية شمالي القاهرة قال مصدر أمني إن ثمانية أشخاص أصيبوا بطلقات الخرطوش والرصاص بينهم ضابط شرطة خلال اشتباك بين مؤيدين ومعارضين. وقالت شاهدة عيان إن المعارضين أشعلوا النار في مقر حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في المدينة.
وتسود المخاوف في مصر من اندلاع عنف شوارع واسع النطاق في البلاد في وقت أعلنت فيه جماعة الإخوان المسلمين بدء مسيرات تأييد لمرسي. وقال شاهد عيان إن تحفزا للاشتباك مع المعارضين بدا واضحا في كلمات مؤيدين يعتصمون أمام جامعة القاهرة خاصة بعد سقوط مصابين في مسيرة مؤيدة للرئيس في مكان قريب.
وأمهلت القيادة العامة للجيش أمس طرفي أزمة سياسية تعصف بالبلاد 48 ساعة لحل الأزمة لكن أعضاء قياديين في جماعة الإخوان المسلمين قالوا إن المهلة تبدو انقلابا عسكريا على مرسي وإن الجماعة ستقاومه.
عواصم غربية تدعو الزعماء المصريين للإنصات لشعبهم
وحثت عواصم غربية القيادات السياسية في مصر على الحوار وإيجاد مخرج للأزمة، وقالت متحدثة باسم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن الوزير قال في اتصال هاتفي مع نظيره المصري اليوم الثلاثاء إن زعماء مصر يجب أن يحترموا آراء الشعب المصري. وأضافت المتحدثة جين ساكي للصحفيين أن كيري قال لوزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو "من المهم الإنصات للشعب المصري". وقالت "الديمقراطية ليست مجرد انتخابات. إنها تتعلق بضمان أن يمكن للناس إسماع صوتهم سلميا." وجاء الاتصال في غمرة أنباء تفيد بأن عمرو قدم استقالته من منصبه كوزير لخارجية مصر.
ومن جهته قال وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله اليوم الثلاثاء إنه يشعر بقلق كبير لا يمكن إخفاؤه إزاء لأوضاع الحالية في مصر. جاء ذلك في معرض رد الوزير على سؤال حول مهلة الـ48 ساعة التي أعلنتها القيادة العامة للقوات المسلحة أمس الاثنين لجميع الأطراف للتوصل لحل للأزمة. وأضاف الوزير أنه كان قد توجه إلى مصر بعد فترة قصيرة من نجاح ثورة يناير/ كانون الثاني في مصر عام 2011 " و أذكر جيدا الآمال الكثيرة والأماني التي قرأتها في عيون الناس آنذاك".
كما دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الثلاثاء الرئيس المصري إلى "الاستماع" لشعبه، معتبرا أن ما يحدث في مصر "مقلق للغاية". وقال فابيوس في تصريحات صحفية "عندما يكون هناك هذا الكم من المشاكل وهذا الكم من السكان الذين يعبرون عن أكثر من استياء، يعبرون عن رفض وعن قلق، عندها لا بد من أن تستمع الحكومة المصرية إلى الشعب (...) لا بد للرئيس مرسي أن يستمع إلى ما يجري". وتابع وزير الخارجية الفرنسي "تطالب فرنسا بأن يكون هناك حوار. لا يمكن أن تكون ردة الفعل غير ذلك" لافتا إلى أن قسما كبيرا من الشعب المصري نزل إلى الشارع وان عددا من الوزراء قدموا استقالاتهم.
م. س/ أ.ح ( رويترز، د ب أ، أ ف ب)