محمية وادي غزة .. تلوث خطير وأمراض تصيب السكان
٢٣ يوليو ٢٠١٢وصلت DW عربية إلى محمية وادي غزة الطبيعية، التي تفصل بين مدينة غزة ومحافظات الوسطى جنوباً، والتي كانت من وقت قريب من أجمل المحميات الطبيعية في قطاع غزة. ما أن تصل إلى تلك المنطقة حتى تكاد أن تُصاب بالغثيان – أكوامٌ من النفايات الصلبة وغير الصلبة التي يُلقيها المواطنون وبلديات المحافظات، إضافة إلى جثث الحيوانات النافقة.
ومن يريد التنقل بين مدينة غزة وجنوب القطاع، يجب عليه عبور الجسرين الرئيسيين الغربي الساحلي والشرقي لشارع صلاح الدين الرئيسي، اللذين يقطعان هذه المحمية. تحت هذين الجسرين يجرى ضخ متواصل للمياه العادمة، التي تصب في البحر مباشرة، مما يخلف روائح كريهة للغاية، ناهيك عن مناظر النفايات المتراكمة هناك.
أما سكان المحمية، الذي يُقدر عددهم بنحو ستة عشر ألف نسمة، فقد أرهقتهم الشكوى ولم تلق مئات الاحتجاجات والاستغاثات لإيجاد حل لهذه الكارثة البيئية أي آذان صاغية لدى المسؤولين، لاسيما وأن البلديات تشارك في تفاقم الأزمة. ومؤخراً بدأ السكان بمعاناة أنواع مختلفة من الأمراض.
مصادر التلوث
منذ سنوات ماضية كانت مياه الأمطار تتدفق من المناطق الشمالية الشرقية لقطاع غزة، لتلتقي في منطقة تبعد نحو كيلومترين عن شرق حدود القطاع مع إسرائيل، ومن ثم تشق قطاع غزة مارةً بوادي غزة بطول تسعة كيلومترات، لتصب في نهاية المطاف في بحر غزة. الفلسطينيون هنا يتهمون إسرائيل بشكل أساسي "باعتراض المياه السطحية القادمة للقطاع عبر إقامة السدود الصغيرة"، ما تسبب في انقطاع مجرى وادي غزة وجفافه وجفاف المناطق الزراعية المحيطة.
الحاج محمد سالم، من سكان وادي غزة، اتهم في حديثه مع DW عربية بلديات وحكومة حماس بالمشاركة في تلويث الوداي والتشجيع على ذلك. وبسؤالنا عن سبب الاتهام، أشار الحاج محمد أن بلديات قطاع غزة تقوم بإلقاء النفايات وتضخ المياه العادمة في مجرى الوادي من الشرق حتى الغرب.
من جانبه يقول نزار الوحيدى، المسؤول في سلطة المياه: "أراضي وادي غزة تعرضت في السنوات الماضية لكميات ضخمة جداً من المياه العادمة وغير المعالجة، ما أدى إلى تلوث التربة وإفساد البيئة تماماً".
تحذير من السكن وأمراض مستمرة
على طول ضفتي الوادي تنتشر المنازل الحجرية وغير الحجرية، إذ كانت المنطقة سابقاً تضم أكثر أراضي قطاع غزة خصوبة. ويشير مختصون لـDW عربية إلى أن "تربة وادي غزة باتت مختلطة بالميكروبات والحشرات التي تفتك بالمحاصيل الزراعية".
وكانت دراسة بحثية جديدة أجريت في جامعة الأزهر بغزة قد كشفت أن "منطقة وادي غزة قد تلوثت بالطفيليات التي تستطيع البقاء والتحمل تحت الظروف الصعبة من الحرارة والجفاف، تجعلها مصدراً مستمراً للخطر على صحة الإنسان". وبعد فحص وتحليل آخر لمعامل ومختبرات تخصصية مختلفة على تربة ومياه منطقة وادي غزة، تبين أن "نسبة البكتيريا البرازية والمواد العضوية عالية جداً تصل إلى ملايين الخلايا". لهذا حذرت وزارة البيئة الفلسطينية من السكن أو المعيشة أو القيام بأي نشاط زراعي في المنطقة".
وبالفعل، يعاني سكان منطقة وادي غزة في الآونة الأخيرة من أمراض جلديه وغيرها، والذي يدل عليه احمرار وبقع أصابت جلد بعض الأطفال وكبار السن. ويشير أبو خالد، الذي يسكن بيتاً من طابقين حجريين في منطقة المغراقة بوادي غزة، أنه وأبناءه السبعة "يعانون من احمرار وحكة دائمة في جسدهم"، وأنهم ذهبوا إلى عيادة النصيرات الطبية وسط القطاع. ويذكر أبو خالد لـDW عربية أن الحشرات الطائرة والزاحفة باتت تنتشر بشكل كبير في محيط منزله، مؤكداً أن "كلما نتعالج من الطفح الجلدي يعود مرة ثانية، لأن القاذورات ومياه الصرف الصحي التي تضخها البلديات هنا، والنفايات التي تحرقها وتدفنها مستمرة".
المسؤولون يتهمون إسرائيل
إلى جانب اتهام سكان مناطق الوادي لحكومة وبلديات حماس بالتقاعس عن إيجاد حل لمشاكلهم الصحية والحياتية، فإن عدداً من مؤسسات المجتمع المدني والجامعات نبه إلى الخطر المحدق بسكان الوادي والضرر البيئي الجسيم على بيئة محمية وادي غزة. وفي إحدى الورشات التي نظمتها جامعة فلسطين، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، دعا المشاركون إلى "تفعيل قانون البيئة الفلسطيني ومراقبة عملية التلوث والعمل على وقف كافة التعديات والانتهاكات ومصادر التلوث التي يتعرض لها الوادي".
ورداً على الاتهامات، يشير المسؤولون في سلطة جودة البيئة إلى أنهم يواجهون كميات مياه عادمة تفوق طاقتهم الاستيعابية في معالجتها، ويلقون باللائمة على إسرائيل بمنعها استكمال بناء محطة معالجه المياه العادمة في المنطقة الوسطى، مما دفع بلديات المناطق المجاورة إلى ضخ مياهها العادمة في الوادي.
شوقي الفرا ـ غزة
مراجعة: ياسر أبو معيلق