شاطئ غزة - ملاذ المصطافين والعاطلين عن العمل
١٦ يوليو ٢٠١٢على امتداد ساحل القطاع تكتظ شواطئ البحر بالمواطنين الهاربين من الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة تزامنا مع بداية الإجازات الصيفية. وتشكل الخيام والشاليهات والساحات مقصدا لهم للترفيه، في وقت ما زال السفر لقضاء إجازات سياحية للخارج يعتبر مستحيلا بالنسبة لكثير من أهالي غزة بسبب استمرار القيود على السفر والحصار. وينتشر العاطلون عن العمل والباعة المتجولون من بين الأطفال والشباب وكبار السن وأصحاب الكافيتريات في أماكن الإستراحة على امتداد شمال وجنوب ساحل القطاع، حيث إنهم يعتبرون موسم الصيف على شاطئ بحر غزة مناسبة لهم لتوفير فرص عمل لهم ولو بشكل مؤقت.
ارتفاع الحرارة وانقطاع الكهرباء
تأتى الأسر في الصباح الباكر إلى الخيام والمطاعم والشاليهات ويحملون معهم ما يحتاجون اليه من طعام وشراب، بينما يتناول الميسورين منهم طعامهم ومشروباتهم في المطاعم وباحات الاستراحة. ولا يغادر الكثير منهم الشاطئ إلا بعد ساعات متأخرة من الليل. ومع ارتفاع درجات الحرارة بسبب استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي تصل إلى 12ساعة يوميا يأتي عدد من المواطنين يوميا الى الشاطئ. ويتوقع خبراء الطقس أن ترتفع درجات الحرارة في قطاع غزة إلى 40 درجة مئوية خلال الأيام والأسابيع القادمة. ويشير المُدرس محمد عابد لـ DW/عربية أنه يحضر صباحا إلى شاطئ البحر وينصرف منتصف الليل ويضيف قائلا "مش طايقين نقعد في بيوتنا بسبب الحر الشديد وانقطاع الكهرباء. لكن المشكلة هي الإزدحام الشديد حيث يصعب علينا أن نجد مكنا نقعد فيه". أما الحاج أبو سامح الذي يصطحب أسرته وأحفاده وأستأجر خيمتين فيقول :"نأتي واولادى واحفادى هنا بعد بداية العطلة في المدارس.فليس عندنا حدائق ومتنزهات أخرى غير هذا المكان، إنه متنفسنا الوحيد".
أطفال يمرحون وآخرون يشتغلون
يلعب الأطفال ويمرحون على شاطئ البحر بشكل لافت للنظر. ويؤكد الطفل هيثم أنه جاء الى شاطئ البحر للاستمتاع بالسباحة واللعب مع أشقائه. كما يشير شقيقه الذي انشغل في إطلاق طائرته الورقية في السماء بأنه" يحب ان يأتي الى البحر وكان ينتظر عطلة الصيف علشان بابا يجيبنا نلعب ونسبح ونجرى". والى جانب آلاف الأطفال على امتداد الشاطئ وهم يلعبون ويتسابقون ويلهون ويضحكون، رأينا مئات الباعة المتجولين من الأطفال وهم يتنقلون بين المصطافين. ومنهم من يبيع الحلوى والبسكويت والمبردات والعاب البحر وغيرها من السلع الكثيرة. ومن بينهم البائع المتجول الطفل مصطفي الذي تتميز بشرته بسمرة الشمس، وكان يحمل على رأسه صندوقا من الحلوى ويراقب مركبا صغيرا يهم بنقل الأطفال إلى عرض البحر. وأجاب عن سؤالنا بنبره حزينة:" أساعد والدي واخوتى في بيع الحلويات لأن أبي أصيب في الحرب ولا يستطيع العمل". كما قال ثلاثة أطفال آخرين من الباعة المتجولين بأن وقتهم لا يسمح لهم باللعب على الشاطئ أو السباحة مثل غيرهم من الأطفال. وقالوا" منذ شهر ونحن نأتي كل يوم لنبيع من الصبح للمغرب.ونحن نود أن نلعب ونسبح، غير أن وقتنا لايسمح بذلك".
خريجو الجامعة كباعة متجولين
لا يقتصر الأمر على عمالة الأطفال على شاطئ البحر. فهناك العشرات من الخريجين الجامعيين الذين اتخذوا من شاطئ البحر مصدرا للرزق بعد أن فقدوا الأمل في الحصول على عمل في المؤسسات أوالوزارات أوالدوائر الحكومية. الأكاديمي تامر صادق افترش خيمة صغيرة متواضعة لبيع البسكويت والحلويات والمبردات على شاطئ بحر خان يونس جنوب القطاع. وفي حديثه مع DW/عربية يصرح تامر بخجل أنه خريج صحافة وعلاقات عامة، وبأنه فشل في إيجاد فرصه عمل تناسب شهادته الجامعية، ما دعاه للجوء إلى شاطئ البحر للعمل كبائع متجول لأعانة أسرته ومساعدتها في ظل البطالة المنتشرة في غزة والتي صلت نسبتها الى نحو 60 فى المائة. أما أحمد علي خريج دبلوم برمجة الكترونيات بدا حواره مع DW/عربيه بأنه عاطل عن العمل ومتزوج ولديه بنتان. ويعتبر احمد أن فترة الصيف والرغبة في الإستجمام وازدحام المصطافين على شاطئ البحر على مدى ثلاثة أشهر" تُشكل بالنسبة لنا - نحن العاطلين- مصدرا مؤقتا للعمل والرزق". وليس وضع خليل حمودة - صديق أحمد - أفضل حالا. فهو أيضا فشل في إيجاد أية فرصة عمل فانتقل إلى شاطئ البحر آملا في وضع أفضل.
انتظار الصيف بشغف للحصول على عمل بالشاطئ
عدم توفر الحدائق والمتنزهات العامة في قطاع غزة يصب ولاشك في مصلحة أصحاب الكافيتريات وباحات الإستجمام كما إنه يقلل من عوز الباعة المتجولين الفقراء من كافة الفئات العُمرية. زهير صافى ومحمد المجايدة ومحمد شبير هم شباب في بداية العقد الثاني يعملون في أحد المقاهي على الشاطئ. وفي حوارهم معDW/عربية فإنهم يعتبرون ازدحام المصطافين على شاطئ البحر في مصلحتهم باعتبارهم عاطلين عن العمل، خصوصا مع اقتراب شهر رمضان خلال أيام قليلة ويشيرون في ذلك بالقول: " نتقاضى نحو 30 شيكل يوميا(8دولارات) ومع اقتراب شهر رمضان وانتهاء الصيف فإن ذلك يعنى توقف مصدر رزقنا". هذا ما أكده أيضا محمود الحيلة، عامل فقير يقدم النرجيلة في احد المقاهي عندما قال أنه يعمل فقط لمدة ثلاثة أشهر في العام و لذلك فهو"ينتظر الصيف المقبل باشتياق ليعمل من جديد".
شوقي الفرا- غزة
مراجعة: عبدالحي العلمي