من هو مرشح الاتحاد المسيحي أرمين لاشيت؟
١٨ أغسطس ٢٠٢١يقود رئيس وزراء ولاية شمال الراين-ويستفاليا، أرمين لاشيت، منذ كانون الثاني/يناير من هذا العام الحزب المسيحي الديمقراطي. ويطمح الرجل البالغ من العمر 60 عاماً في خلافة المستشارة الحالية أنغيلا ميركل. منذ كارثة الفيضانات في غرب البلاد التي خلفت 170 قتيلاً ومفقودين وخسائر مادية هائلة يتعرض لاشيت لضغوط وانتقادات.
ضحكة "غبية"
في زيارة له مع الرئيس الاتحادي فرانك-فالتر شتاينماير لأحد المناطق المنكوبة وبينما كان الرئيس يعبر عن فزعه واستيائه، التقطت الكاميرات لاشيت وهو يضحك مع عدد من مساعديه. كرر لاشيت اعتذاره عما وصفه بالضحكة "الغبية" عدة مرات. وجاءت تصريحاته المتناقضة بشأن العلاقة بين التغير المناخي والفيضانات لتثير الارتباك أكثر.
وهنا مربط الفرس: منذ ترشيحه من قبل الاتحاد المسيحي للمنافسة على منصب المستشار لم يثبت لاشيت على رأي واضح في الكثير من القضايا. وفي بعض القضايا، يعتمد لاشيت الاستمرارية على نهج ميركل، وفي قضايا أخرى يختلف معها، ولكنه لا يقول ذلك بصوت عال جداً.
"أعصاب قوية وحزم"
فقط في منتصف نيسان/أبريل تمكن لاشيت من حسم الصراع المحتدم مع رئيس وزراء ولاية بافاريا الغنية، ماركوس زودر، على من سيكون مرشح الاتحاد المسيحي، المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي وشقيقه الحزب المسيحي الاجتماعي (البافاري)، على منصب المستشار. كانت استطلاعات الرأي تعطي الأفضلية لزودر، غير أن لاشيت أظهر أن لديه أعصاباً قوة وحزماً، وهي ما يحتاجه رئيس الحكومة. إنه "مقاتل"، هكذا يصفه أصدقاء له في الحزب.
عندما انتخب الحزب لاشيت كرئيس له على حساب فريدرش ميرتس بداية العام رأى الكثيرون في لاشيت الضامن للاستمرارية في نهج ميركل.
لاشيت منذ 2012 واحد من خمسة نواب لميركل كرئيسة للحزب. وهو يمثل "الحزب المسيحي الديمقراطي الوسطي". وتتردد في خطاباته عبارة: "نفوز فقط عندما نبقى في الوسط أقوياء". بهذا الشعار تمكن لاشيت، الكاثوليكي المنحدر من مدينة آخن، من الفوز برئاسة وزراء ولاية شمال الراين-ويستفاليا عام 2017، ومن ثم برئاسة الحزب، ومن ثم باختياره من قبل الاتحاد المسيحي للمنافسة على منصب المستشار.
اقرأ أيضاً: فيضانات ألمانيا.. هل تؤثر على توجهات الناخبين ونتيجة الانتخابات؟
الولاء لميركل؟
عندما ووجهت ميركل بانتقادات بسبب سياسة الأبواب المفتوحة أمام اللاجئين عام 2015 بقي لاشيت رفيقها وحليفها المخلص. لكن فيما يخص التعامل مع جائحة كورونا، نأى لاشيت بنفسه تدريجياً عن ميركل.
لا يولي لاشيت الكثير من الاهتمام لقضايا التحديث والرقمنة والبدايات الجديدة. ويأتي على ذكر الحرية والمسؤولية كأسس للحزب الديمقراطي المسيحي إذ يقول: "يمكننا التغير، لكننا في السنوات الماضية أصبحنا مرتاحين للغاية". وفي العلن يمكن للاشيت أن يتحمس لحماية المناخ، دون أن يكون ذلك الحماس كبيراً على أرض الواقع السياسي، أو حتى ليعيد التفكير في قرارته السابقة.
لاشيت والخضر
اشتدت حدة اللهجة بين الاتحاد المسيحي والخضر منذ ترشيح لاشيت. وتركزت المعركة حول فضائح صغيرة في ماضي لاشيت وضحكه وقت الفيضانات. بينما هوجمت مرشحة الخضر، انالينا باربوك، بخصوص بيانات غير صحيحة في سيرتها الذاتية وانتحال بعض أجزاء كتاب نشر لها. ويتحول النقد بين المعسكرين إلى حقد، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.
عمل لاشيت منذ دخوله البرلمان الاتحادي عام 1994 على بناء علاقات ثقة بين الخضر وحزبه. وفي بعض القضايا كالاندماج لديه حلفاء في حزب الخضر أكثر منهم في حزبه. وفي هذا السياق يقول: "لنجعل العشرينات عقد التحديث لألمانيا، ما يعني ديناميكية اقتصادية جديدة، وأمن شامل وأفضل فرص التعليم وأعدلها". هذا هو شعار حملته الانتخابية. وحاول لاشيت غالبا التحدث من منظور الاقتصادي فيما يتعلق بالتعامل مع الجائحة، وحتى فيما يخص الفيضانات تحدث أيضا من زاوية الاقتصاد.
من أسفل السلم إلى أعلاه
يعرف أرمين لاشيت كل جوانب المطبخ السياسي. كان الدارس للقانون عضواً في مجلس مدينة آخن (1989-2004)، وعضواً في البرلمان الاتحادي (1994-1998)، وعضواً في البرلمان الأوروبي (1999-2005)، وما يزال عضواً في برلمان ولاية شمال الراين-ويستفاليا منذ عام 2010.
نشأ لاشيت في مدينة آخن المحاذية لبلجيكا. وهذا أعطى شخصيته بعداً أوروبياً. ومنذ عام 2019 تولى منصب مفوض ألمانيا في العلاقات الثقافية مع فرنسا. ولدى الرجل علاقات مكثفة مع القيادة السياسية في باريس منذ أمد.
وفيما يخص العلاقة عبر الأطلسي، زار لاشيت الولايات المتحدة في عام 2019 وهو رئيس وزراء ولاية شمال الراين-ويستفاليا. وعلى ضوء تجربته السياسية هناك الأشياء التي ينبغي عليه العمل لتداركها.
وبعد الانتخابات؟
"من يدير ولاية (شمال الراين-ويستفاليا) بنجاح، يمكن أن ينجح في رئاسة الحكومة الاتحادية". بهذا الكلام يحاول لاشيت إقناع الناخبين. ومهما يكن من الأمر، سيبدأ العمل الفعلي بعد الانتخابات في محاولة تشكيل الحكومة. وهنا يستبعد لاشيت التعاون مع حزب البديل من أجل ألمانيا. ولكن حتى في صفوف حزبه هناك الكثير من العمل بانتظاره ألا وهو: مخاطبة المحافظين والنساء اللواتي كن فخورات بميركل. على ضوء ذلك يبدو أن طريق أرمين لاشيت إلى المستشارية ما زال طويلاً جداً وغير معبد.
كريستوف شتراك/خالد سلامة