صحف ألمانية: هل تكفي ضحكة "خارج السياق" لتقييم "رجل دولة"؟
١٩ يوليو ٢٠٢١"كان ذلك غير مناسب، لم يكن من المناسب الضحك في مثل هذه اللحظة". هكذا عبّر أرمين لاشيت، المرشح البارز لخلافة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في انتخابات أيلول/ سبتمبر المقبل، عن ضحكه خلال زيارته لمناطق متضررة جراء الفيضانات في غرب ألمانيا. ورغم تأكيد لاشيت، الرئيس الحالي لحكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا، أن سبب ضحكه كان انخراطه في محادثة، لاتزال تلك الضحكة تثير جدلاً واسعاً في الصحافة الألمانية.
صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" رأت أن ضحكة لاشيت تشير إلى "فشله في تجسيد التعاطف الجماعي في شخصه"، معتبرة أنه "غير مناسب للمستشارية"، وكتبت: "السياسي الذي يظهر في العلن، لا يفعل ذلك بالطبع كشخص عادي. يجب عليه أن يكون موظفاً بالمعنى الإيجابي. في هذه الحالة (لاشيت) كانت لديه وظيفة التأثر والتضامن مع المتضررين. والتعاطف هذا ليس عرضاً، بل هدفه هو إظهار التعاطف الجماعي بشكل رمزي في شخص رجل يدّعي أنه يمثل الجماعة".
وأضافت الصحيفة: "من لا يستطيع العمل كسياسي بهذا المعنى فهو ببساطة غير مناسب لأحد أعلى المناصب في الدولة. إذا كان يضحك بشكل خطأ في الحياة الخاصة، فلا بأس. ولكن بعد ذلك يجب أن يبحث عن المستقبل كشخص عادي".
من جهتها اعتبرت صحيفة "نويه أوسنابروكر تسايتونغ" أن ضحكة لاشيت تثير الشكوك حول إمكانية تمتعه بما يؤهله ليكون "رجل دولة"، وكتبت: "من الواضح أن المرء يظلم أرمين لاشيت عندما يشكك في صدق تعاطفه (مع الضحايا). لكن الافتقار إلى الاحتراف يثير الشكوك حول ما إذا كان يتمتع بالفعل بمكانة رجل دولة. وحتى الطبيعة المرحة لشخص من منطقة الراين يجب أن تكون لديها غريزة للظهور بمظهر لائق في مثل هذه اللحظات المؤلمة".
"تعلم الاحترافية من ميركل!"
ودعت الصحيفة لاشيت للتعلم من احترافية ميركل، بقولها: "ينبغي أن يتعلم لاشيت من أنغيلا ميركل. ربما ارتكبت المستشارة أخطاء خلال فترة حكمها، لكن لا يمكن إنكار شيء واحد: إنها سيدة دولة تماماً. وخلال زيارتها لمنطقة الأزمة أيضاً اختارت ميركل الكلمات الصحيحة. بالنسبة لمرشح الاتحاد المسيحي للمستشارية (لاشيت)، لم يخسر السباق على منصب المستشارية بعد، لكن لم يعد بإمكانه تحمل مثل هذه الزلات".
وتوافقها في ذلك صحيفة "شتوتغارتر تسايتونغ" التي كتبت: "سلوك لاشيت ليس مناسباً دائماً. ويمكن أن يؤدي سوء فهم الجمل والمشاهد التي يمكن استغلالها في مقاطع فيديو ضارة إلى تحويل هذه الأيام الصعبة إلى (...) حجر عثرة غير متوقع"، وأضافت: "تجنبت ميركل بذكاء أن يقدّم ظهورها مناسبة للتفسيرات الخاطئة ويبدو كعرض انتخابي من أجل لاشيت. الحزم مطلوب، لكن الكلمات والأفعال يجب أن توزن بحذر شديد".
من جهتها لم تستبعد صحيفة "باديشه تسايتونغ" أن يكون للضحكة "عواقب طويلة الأجل"، وكتبت: "بالنظر إلى الموقف، قد يكون ذلك قابلاً للتفسير- ربما أدلى شخص ما بملاحظة مضحكة، والضحك صحي. ومع ذلك، في هذه الحالة، كان ذلك غير مناسب على الإطلاق، ولا يمكن استبعاد العواقب السياسية طويلة الأجل. لاشيت اعتذر والأمر متروك للناس فيما إذا كانوا سيصفحون عنه".
"المعارضة تستغل أخطاء لاشيت"
وأكدت الصحيفة على ضرورة تركيز المعارضة على القضايا المهمة بدلاً من "استغلال" أخطاء لاشيت، وتابعت: "من الأفضل للمعارضة السياسية ألا تستغل أخطاء لاشيت أكثر من ذلك - فهي أيضاً ليست محصنة ضد الأخطاء المتعلقة بالأسلوب. ومثلما كانت مرشحة الخضر أنالينا بيربوك تستحق أن لا تجلد الأحزاب الأخرى الفساد الأخلاقي المزعوم (مزاعم السرقة الأدبية) بصرامة تحقيقية بدلاً من تكريس نفسها لقضايا مهمة، فإن هذا ينطبق أيضاً على لاشيت. لكن في هذه الحملة الانتخابية، الخالية تقريباً من أي نقاشات جوهرية، فإن الواقع مختلف للأسف".
صحيفة "كولنر شتات-أنتسايغر" ركزت على ردود الفعل على ضحكة لاشيت، وقالت: "بالنسبة لردود فعل السياسيين بشأن العاصفة الحالية، هناك شيء آخر وهو: محاولة استخدامها لأجندة خاصة. من المؤكد أن للأمطار الغزيرة علاقة بتغير المناخ، وهو موضوع ساخن في الحملة الانتخابية (...) فقط الجهلاء يمكنهم إنكار ذلك. يبدو أن مرشح الاتحاد المسيحي للمستشارية أرمين لاشيت، على وجه الخصوص، مُثقل الكاهل –بعبارة ملطفة- في هذا النقاش".
"الانشغال بالتفاهات"!
وتابعت الصحيفة: "لا أحد ضد والكل مع تسمية السياقات بشكل علني. إذن على المرء أن يفعل ذلك دون التخفي تحت ستار التعاطف. التعاطف والاستغلال لا ينسجمان مع بعضهما البعض. الأول هو اندفاع بشري فوري ليس له هدف في حد ذاته . الآخر يتبع حساباً عقلانياً يشير إلى شيء ما. وسرعان ما تصبح الأحداث وسيلة لتحقيق غاية. لذا فإن المرء يخاطر بأن يتحول شيء جميل إلى شيء قبيح".
أما صحيفة "أوغسبورغر ألغماينه" فأكدت أن ردود الفعل على ضحكة لاشيت تعكس تركيز الرأي العام على ما سمته بـ"التفاهات"، وقالت: "خاصة في واحدة من أهم الحملات الانتخابية التي شهدتها ألمانيا منذ سنوات عديدة، يضيع المعارضون السياسيون وكذلك الإعلام والمجتمع في تفاهات. لا ينبغي أن نقيس المرشحين لمنصب المستشارية - سواء من الاتحاد المسيحي أو الخضر أو الحزب الاشتراكي الديمقراطي - من خلال لقطات التقطتها الكاميرات صدفة، بل من خلال أفعالهم وأفكارهم للمستقبل. لكن هذا هو بالضبط ما ينقصنا حالياً".
م.ع.ح