مجلس الصحافة الألماني يحتفل بمرور 50 عاماً على تأسيسه
٢٠ نوفمبر ٢٠٠٦يحتفل مجلس الصحافة الألماني، اليوم الاثنين 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، بمرور 50 عاماً على تأسيسه. خلال العقود الماضية اكتسب المجلس أهمية كبيرة وعزز مكانته في الحقل الإعلامي ليتحول إلى أهم هيئة للرقابة الذاتية على الناشرين والصحافيين في ألمانيا، كما تطورت مهامه خلال الأعوام القليلة الماضية ليتحول إلى مرجع أخلاقي للعمل الصحفي. يهتم المجلس في إطار نشاطاته برصد المقالات المخالفة لميثاق العمل الصحفي، فضلاً عن حرصه على إلزام الصحافة المكتوبة بالدقة وعدم انتهاك الحقوق الشخصية. ومن جملة اختصاصات المجلس أيضا البحث في الشكاوى، التي تصله من قبل القراء والمتعلقة بما نشر في الصحف والتي بلغ عددها حتى الآن 10.000 شكوى. وبالرغم من أن آراء المجلس غير ملزمة من الناحية القانونية، إلا أن العقوبات، التي يمكن أن يفرضها ضد صحيفة ما، والتي تأتي على شكل توبيخ علني، لها تأثير كبير.
تأسيس المجلس
تم تشكيل مجلس الصحافة الألماني عام 1956 في مدينة بون على خلفية رغبة وزير الداخلية آنذاك سن قانون اتحادي للصحافة يخول الدولة ممارسة الرقابة على وسائل الإعلام. وشكل خمسة صحفيين وخمسة ناشرين النواة الأولى للمجلس، الذي عارض رقابة الدولة وتبنى مبدأ الرقابة الذاتية على شاكلة "مجلس الصحافة البريطاني". وفضل الصحفيون الألمان السهر بأنفسهم على مراقبة جودة أعمالهم، لأن تدخل الدولة وممارستها العمل الرقابي قد يمس بحرية الصحافة ويحد من حرية التعبير. واستطاع المجلس بالفعل تكريس دوره وقدرته على التعامل مع التجاوزات المهنية، التي يرتكبها بعض الصحفيون مما أكسبه مصداقية لدى الدولة والناشطين الإعلاميين. ولعل ما ساهم أيضا في إنجاح دور المجلس هو التزام الصحفيين الألمان باحترام قراراته والتزامهم بالمبادئ الأخلاقية للعمل الصحفي، التي ينص عليها ميثاقه. وبعد مضي 50 عاماً على تأسيس المجلس تطورت هياكله حتى أصبح اليوم منظمة مهمة تنخرط فيها الصحف الألمانية الكبرى ورابطات الصحفيين الألمان.
رصد التجاوزات
تناول مجلس الصحافة الألماني حتى اليوم عدة حالات لم يراعي فيها الصحفيون الأسس الأخلاقية للتغطية الإعلامية. في هذا السياق يشير لوتز تيلمانس، رئيس المجلس، إلى أن المجلس قام بإصدار أكثر من توبيخ خلال السنوات الماضية، كان أحدها حين قامت إحدى الصحف بنشر صورة مزيفة ظهر فيها وزير البيئة الألماني السابق تريتين كمشاغب في إحدى المظاهرات وهو الشيء الذي لم يحدث. واعتبر المجلس أن نشر مثل هذه الصورة يتعارض مع أخلاقيات العمل الصحفي.
رقيب بدون سلطة
يعد المجلس في نظر المراقبين بمثابة نمر بدون أنياب، نظراً لافتقاده صلاحية إصدار عقوبات قانونية. فسلطته تنحصر في إصدار توبيخ علني أو توجيه اللوم إلى الصحف والصحفيين الذين لا يتقيدون بالضوابط المهنية. غير أن تيلمان اعتبر أن غياب هذه الصلاحيات لا يؤثر على دور المجلس وأهميته، حيث أكد أن التوبيخ العلني يعد في حد ذاته وسيلة ذات تأثير كبير أثبت فاعليتها. علما بأن الصحف الألمانية ملزمة بنشر التوبيخ أو اللوم الذي يصدر عن المجلس. فالتوبيخ العلني في رأي تيلمان ينقل أولا وقبل كل شيء للقراء مسألة وجود ثمة جهاز يساهم فيه خبراء وصحفيون وناشرون ملتزمون يحرصون على جودة العمل الصحفي في ألمانيا.
ويهدف هذا التوبيخ إلى إثارة نقاش نقدي حول الأخطاء المهنية التي يشير إليها المجلس داخل أقسام التحرير. ويسبب تلقي الصحف الألمانية توبيخاً من قبل المجلس في إحراج شديد لها ويقول أحد أعضاء مجلس الصحافة الألماني فون بيسمارك: "المدهش هو أن غالبية الصحفيين يبذلون قصارى جهدهم لمراعاة أخلاقية العمل الصحفي ويشعرون بالحرج حال توصلهم بانتقادات لعدم التزام بها. وكثيرا ما يرد رؤساء التحرير لذا صدور توبيخ علني لإحدى المقالات التي نشروها بأنهم لم يقصدوا عدم الالتزام بأخلاقية المهنة". ورغم مرور 50 عاماً على إرساء النظام الديموقراطي في ألمانيا يظل الدفاع عن حرية التعبير والصحافة أمراً ضرورياً يستدعي عملاً متواصلاً في ظل بعض محاولات إعادة النظر بعض مواد قوانين الصحافة مثل حق كتمان الشهادة الخاص بالصحفيين أو عدم إجبار الصحفيين على ذكر مصدر معلوماتهم.