متحف "البوليس السري" في لايبزيج شاهد على لغة القمع ورائحة الموت
١ يونيو ٢٠٠٨كانت مدن لايبزيج ودرسدن وماغدبورغ وبرلين منطلق الصلوات والمظاهرات التي اندلعت في خريف 1989 ضد النظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية وقتها. وبعد أسابيع عديدة من التظاهر ووضع الشموع المضيئة أمام مدخل مبنى البوليس السري "الإشتازي" في لايبزيج، تمكن المواطنون من تحقيق أحد أهدافهم بدخولهم المبنى والسيطرة عليه في الرابع من كانون الأول/ديسمبر عام 1989، حيث عطلوا أعمال المخبرين والجواسيس. كما اندفع أولئك المواطنون الفرحون المنتصرون في مكاتب المبنى المكون من خمسة طوابق وأغلقوا كل الغرف والخزانات ودواليب الملفات المختلفة بالورق والشمع الأحمر في عمل منظم استغرق منهم وقتا طويلا.
وبعد ذلك عمدوا إلى تحويل المبنى إلى متحف للزائرين يشاهدون فيه مجانا تاريخ الشرطة السرية والنظام الشرقي. وبعد أن كان ذلك المبنى الذي كان يحتله البوليس السري مشبوها ومخيفا أضحى اليوم المتحف شاهدا حيا على تلك الحقبة.
المراقبة والتنصت والتجسس...مهمة الجهاز
ويحمل المعرض الدائم في المتحف شعار ""البوليس السري ما بين السلطة والابتذال"، حيث يتكون من اثنتي عشرة صالة عرض تروي القصة الكاملة لجهاز الإشتازي بكل تفاصيلها الدقيقة. وتوسع المتحف في مهمته ليروي تاريخ الدكتاتورية في ألمانيا الشرقية، تلك الدكتاتورية التي سلبت المواطنين حقوقهم الأساسية في الشؤون الخاصة وحرية التعبير وسرية الخطابات والمراسلات.
وتضم أجنحة المعرض نحو أربعين ألف قطعة تحكي قصة الإشتازي في شكل موضوعات بترتيبها الأبجدي. ومن ضمن المعروضات الصور والوثائق الأصلية والأجهزة التي كانت تستخدم في التعذيب أو للتنكر و الأزياء التي كان يرتديها عملاء الإشتازي.
المتحف في المبنى الأصلي للجهاز
وهذا المتحف يعتبر من المتاحف النادرة في ألمانيا كونه يقع في المبنى الأصلي للجهاز السري. وكون المتحف يقع في ذات المبنى الذي احتله الجهاز السري من قبل فهذا يؤشر بكل وضوح إلى حالة الإزعاج والضغط النفسي التي كان الجهاز يسببها للمواطنين لسنوات طويلة.
وكان المعتقلون يعيشون في ظروف صعبة جدا كما يراها زائرو المعرض في الزنزانة التي تعرض في غرفة الاستجواب. وفي جزء من المتحف تعرض كل الأشياء والموضوعات الخاصة بعقوبة الإعدام التي فرضت في ألمانيا الشرقية منذ 1960 وأماكن تنفيذ عقوبة الإعدام كانت في لايبزيج.
نصب تذكاري
من جهتها أرادت اللجنة الشعبية لمواطني مدينة لايبزيج التي تشرف على المتحف أن يكون هذا المتحف نصبا تذكاريا ليذكر بالجرائم التي ارتكبها الجهاز السري ونظام ألمانيا الشرقية ضد المواطنين. ويفتح هذا المتحف الذي يقع في "الناصية المستديرة" من المدينة أبوابه للجمهور يوميا من الساعة العاشرة صباحا وحتى السادسة مساء. كما يقدم المتحف لزواره فرصة الاستماع إلى قصته باللغات الإنجليزية والهنغارية والفرنسية والإسبانية، علما أن الدخول مجاني.