مبادرة "سارة وهاجر" للحوار بين الأديان
طوال أربـع ســنوات تقريباً تتبادل النسـاء العامـلات في "مبادرة سارة وهاجر"الرأي ويبحـثـن ما يجمعهـن وما يفرقهــن من أمــور. وحول ذلك قالـت القسة آنيتـه ميلهورن مديـرة الدراسـات في أكاديميـة آرنولدسهاين البروتسـتانتية ومنسـقة المبـادرة: " كان ذلك بالنسـبة لنا جميعـاً عمليـة تعليميــة خالصـة". أما الاختلافـات االموجودة دون شـك بينهـن، فقد كانت تلتقـي دائمـاً في نقـاط مشتركـة، كما عبـرت عن ذلـك تانيا كلاتشـكو – رينديزيون ممثلـة الطائفـة اليهوديـة في فرانكفـورت: "فالمشاكـل التي تجابهنـا كنسـاء في العائلــة والمجتمـع ليسـت ببعيـدة عن بعضـها."
ضد التمييز ومن أجل العدالة
لقد وضعـت المجموعـة معياريـن لصياغـة مشـروع توجيهاتـها: فهمـا من ناحيـة إرشـادات الاتحـاد الأوربـي ضد التمييـز والعدالـة بين الجنسـين والجـذور المشتركـة لتقاليدهـن الدينيـة من ناحيـة أخـرى، وأن التعـرف على المنشـأ الديني للآخريـن لعب لهذا السـبب دائماً دوراً هامـــاً في عمـــل مجموعــة المبادرة، فقد تبادلـت النسـاء الزيـارات في الجوامـع وفي قاعـات الكنائـس ومقار الطائفـة اليهوديـة.
ولم يخلو اللقـاء هو الآخـر من الطقوس الدينيـة فقد أقيمـت صلاة يوم السـبت اليهودية وصلاة العشـاء الإسـلامية وقـداس مسـيحي وقامت نسـاء "مبـادرة سارة و هاجر" بتنظيمها كل مـرة. وزاتها المشـاركات من كـل الأديـان.
العائلة، العمل، التعليم
ودعيـت إلى الاجتمـاع أيضاً نسـاء يعملـن في المجـال السـياسـي - كأول المدعوات لوضـع المطالب السياسـية المرتبطـة بالتوجيهـات موضع التنفيـذ. وتعالـج الورقـة المقدمـة ثلاثـة مواضيـع وهي العائلـة والعمـل والتعليـم. وتميـزت المسلمـات باندفاعهـن الشـديد نحـو التأكيـد على تقديــر واحترام العمـل العائلـي، ولكن المطلـب الذي تمـت صياغتـه بهـذا الصـدد والمتعلـق "بالحريـة الحقـة في الاختيـار بين العمـل العائلـي والكسـب" كان استفزازياً بالنسـبة لبعض المشـاركات في الاجتماع.
وانتقـدت إحـدى المشاركـات من الحزب الاشـتراكي الديمقراطـي قائلـة ً إن ذلـك كان دائماً حجـة المحافظيـن الذيـن تهربـوا بهـا من أحقيـة التوافـق بين المهنـة والعائلــة، غيـر أن التعريـف الواضـح للعائلــة "باعتبارها جماعـة يرعـى جيــلان منها على الأقل بعضهما الآخر"، وجـد قبـولاً واسـعاً بين المشاركـات. ورفضت الورقـة المقدمـة الـزواج القسـري. وفي مجـال التعليـم دعـت "مبادرة سارة وهاجر"إلى مراعـاة أشـد للتخصص في مجـال السياسـة الدينيـة للثقافـات والأديان المتعددة وإلى الإحساس بالظلـم الناشـئ من الفـرق بين الجنسين.
معاداة السامية... والحجاب
لم تبـقَ مجموعـة "سارة وهاجر" بمنأى عن مشـكلات السياسـية اليوميـة. "فقد تطرقنـا إلى مشـكلة الشـرق الأدنى والى مشـكلة معاداة السـامية". هكذا قالـت اليهوديـة تانيا كلاتشـكو – رينديزيون وأضافت: "غير ان ذلـك لم يفـرق بيننا".
لكن المجموعـة مرت باختبار عسـير عندما احتـدم في ألمانيـا نقاش حاد حول مسـألة فيما إذا كان يجـوز للمعلمـات في المدارس الرسـمية ارتداء الحجاب. وفشـل بيان أ ُعـد ضد منع ارتـداء الحجاب نتيجـة لاعتراض ثلاث نساء كل منهن من الأديـان الثلاثـة.
وانسـحبت بعد ذلك ثلاث مسـلمات يرتدين الحجاب من المجموعـة لأنهن لم يجـدن استجابة كافيـة لمطالبهـن كما أن الحجاب لم يذكـر بصراحـة في التوجيهـات. غير أنـه تمت المطالبـة بفسـح مجالات أكثـر لاتباع التعاليـم الدينيـة في مكان العمـل بما في ذلك ما يخص "الحريـة في ارتــداء الملابـس" أيضاً.
غياب الدعم المالي
ومن المقـرر تضميـن اقتراحـات التعديــلات التي أسـفرت عنها نقاشـات الاجتماع في الإرشادات. وفي هذه الحالـة - كما أشارت إلى ذلـك ألقسيسة آنيتـه ميلهورن "- لا نسـتطيع السير بالعملية قـُدمـاً إلا إذا كانت لدينـا على الأقل ميزانيـة صغيرة." لم تسـتلم المجموعـة من وزارة الشـؤون الاجتماعية في ولاية هسّـن التي أسـهمت بقسـط كبير في نشـوء "مبادرة سارة وهاجر" نقـوداً لحـد الآن.
كما لفتــت الوزارة نظـر مجلس الإدارة إلى تغييـر داخلي في هيكـلية المبادرة التي لم تسـتلم في الفترة الأخيرة عوناً ماليـاً إلا من الكنيسـة البروتسـانتية في ولايـة هسّـن، غير أن السياسيات الحاضرات وكلهــن مع الأسف من المعارضة - تعهدن بأن يبـذلن جهوداً كبيــرة في سبيل تحقيـق مطالـب المبادرة من قبل حكومة الولاية.
احترام التنوع الديني
"الأمـر الحاسـم هذا هو أن نسـاء من أديـان مختلفـة تجمعـن وخرجـن بصيغـة مشـتركة" كما قالت المحاميـة قـدرية عايديـن، وهي مسـلمة تعير أهمية لتغطيـة رأسها. واستطردت تقـول إنها متأكـدة من أن كسب إخوتها وأخواتهـا في العقيـدة إلى جانـب التوجهات لن يكون أمـراً سـهلاً: "لكن الأمـر يتعلـق بعملية تعلـّم ضروريـة والمسـلمون في ألمانيا أهلٌ لهـا."
ان النقاش الدائـر في ألمانيـا حول الاندمـاج يمكنـه على كل حـال أن يستفيد في بعض الأمـور من القواعـد الأسـاسية التي طرحتهـا " مبادرة سارة وهاجر" للحوار وهذا يعنـي على سبيل المثال أن لكل من التقاليـد الدينية المشاركـة قيمـه الخاصة به وليس أفضـل من غيره. وتعتقـد المجموعـة أن احترام التنوع الديني الذي تشـير إليه مسـودة التوجيهـات يكون مضموناً على خير وجـه في دولـة علمانيـة تقوم مبدئيـاً على الحرية الدينيـة.
"مبادرة سـارة وهاجـر" – للحـوار بين الأديـان المتعـددة
منذ نهايـة عـام 2001 يلتقي في ولايـة هسّن الاتحاديـة الألمانية حوالي عشـرون امرأة مسيحيـة ومسلمـة ويهوديـة لغرض التفاهـم حول تطلعاتهـن نحو سـياسـة اجتماعية منصفـة للنساء وتهتـم باحتياجات الأديان المختلفة. أطلقت هذه المبادرة ذات الأديـان المتعددة على نفسها اسمي الأميّــن الأولييـن اللتين ورد اسمهما في الكتاب المقدس وهما سارة وهاجر، وترجـع إليهما أديان الكتب المقدسـة الثلاثة. وحالياً ترتبـط المبادرة التي نشـأت برعايـة وزارة الشـؤون الاجتماعيـة في ولاية هسّن بأكاديميـة آرنولدسهاين البروتسـتانتية في منطقـة تاونوس. وخلال الفترة الزمنية نفسها تقريبـاً نشأت في برليـن سـوية مع مجموعـة "سارة وهاجـر" في ولايـة هسّـن مبـادرة مشـابهة تحمـل نفـس الاسـم. وتعمل المبادرتـان في هـذه الأثناء سوية لتحقيق أهدافهمـا المشـتركة على صعيـد ألمانيا الاتحاديـة.
تقرير غيزينه كلاينشميت
حقوق الطبع قنطرة 2005