رئيس مجلس المسلمين الأعلى في ألمانيا:" لنا سابقة في الحوار ولا مكان بيننا للمتطرفين"
تزامن توصل سبع منظمات إسلامية إلى اتفاق بخصوص تشكيل منظمة مركزية واحدة تمثلهم أمام السلطات الألمانية وتدافع عن حقوقهم مع إعلان حكومة ولاية بادن ـ فورتمبيرغ الواقعة في جنوب ألمانيا عن سماح سلطاتها بإدراج مادة الدين الإسلامي في مناهج مدارسها الحكومية. وأعرب السيد نديم إلياس رئيس "مجلس المسلمين الأعلى" عن ترحيبه بقرار المنظمات الإسلامية الرامي إلى "توحيد الصفوف والتحدث بصوت واحد"، مؤكدا على أن اتفاق برلمان الولاية الألمانية السماح بتدريس مادة التربية الإسلامية في المدارسي يمثل " خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنها غير كافية".
في الاتحاد قوة
وفي معرض اجابته على تساؤلنا بخصوص تأسيس المنظمة المركزية المشار إليها سابقا قال السيد نديم إلياس إن "مجلس المسلمين الأعلى" يسعى منذ حوالي سنتين إلى تهيئة الأجواء والظروف اللازمة لقبول هذا القرار وإنه قام في الآونة الأخيرة بإجراء مشاورات مع العديد من المؤسسات والروابط الإسلامية، نجح على أثرها في تنظيم لقاء في هامبورغ تمخض عنه التوصل إلى إجماع لوضع هيكل موحد لجميع المنظمات الإسلامية في ألمانيا. أما بخصوص هدف القيام بهذه الخطوة، فقد قال الدكتور الياس إن إيجاد عنوان موحد للمنظمات الإسلامية يتحدث بإسمها أمام السلطات الألمانية، سواء على مستوى المدن أو الولايات الألمانية، كان الباعث لدعوة المنظمات الإسلامية إلى توحيد صفوفها تحت سقف منظمة مركزية. وأكد إلياس على أن المبادرة أتت نتيجة اهتمام خاص من قبل "مجلس المسلمين الأعلى" في ألمانيا، وذلك بعد تمكنه من كسب "المجلس الإسلامي في ألمانيا " الذي يعتبر هو أيضا جهة جامعة لكثير من المنظمات. وتابع أن الاتفاق جاء بين "مجلس المسلمين الأعلى" و"المجلس الإسلامي في ألمانيا"، وأنه إذا تم وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق المنشود، فإن المنظمة ستمثل أكثر من ثلثي المسلمين في ألمانيا.
الشعور بالمواطنة كأساس للإندماج
علّق السيد إلياس على قرار حكومة ولاية بادن ـ فورتمبيرغ الألمانية بشأن السماح بإدراج مادة الدين الإسلامي في مناهج مدارسها الحكومية بالقول: " لا شك في أن لمادة الدين الإسلامي دورا أساسيا في اندماج المسلمين في المجتمع الألماني. هذا الإندماج يقوم على دعامتين، الأولى هي المحافظة على الهوية الإسلامية والثانية هي الشعور بالمواطنة في المجتمع الألماني." وبخصوص السبل التي يمكن لمسلمي ألمانيا إتباعها من أجل الوصول إلى هذا الهدف، قال المسؤول: " الشعور بالمواطنة هي مسألة يمكن تحقيقها عبر قنوات وأساليب أخرى، أما مسألة الاحتفاظ بالهوية الإسلامية وتعميقها فلا تتعارض مع مبدأ المواطنة، ويمكن تعزيز ذلك من خلال إدراج مادة الدين الإسلامي في المناهج المدرسية." ورحب إلياس بهذا القرار كخطوة أولى، ولكنه أعرب في الوقت ذاته عن أمله في تطبيق ما تنص عليه المادة السابعة من الدستورالألماني وهو "أن تتولى المؤسسة الدينية مباشرة المسؤولية عن تدريس هذه المادة بإشراف إدارة المدارس الحكومية." الا أن الياس اعتبر ذلك "خطوة في الإتجاه الصحيح."
لا مكان بيننا لمتطرفين
وبالنسبة لقرار الابعاد الذي اتخذته مؤخرا محكمة برلينية بحق إمام مسجدٍ مدح ما يسمى بـ " العمليات الانتحارية"، أكد إلياس على أن مسلمي ألمانيا يسعون دائما إلى كل ما يدعم الاندماج واللحمة الاجتماعية وعلى أن أمن المسلمين هو من أمن هذا المجتمع لأنهم جزء منه وهذا واجب ديني يفرضه عليهم دينهم. واستطرد قائلا: " يجب على الأئمة والمسؤولين في الجمعيات أن يعمقوا الشعور بالمواطنة والإندماج وألا يحاولوا إيجاد الفرقة بين المسلمين والمجتمع الذي يعيشون فيه." ونوه إلى أن العبارات التي صدرت عن هذا الإمام لا تعبر عن رأي المؤسسات والروابط الإسلامية، ولا بأي حال من الأحوال، وأن هذه العبارات مرفوضة لأنها تنشر بذور الإنشقاق والتباعد بين المسلمين والمجتمع الذي يعيشون فيه. كما تنصل إلياس من هذه العبارات قائلا " نحن في مجلس المسلمين الأعلى لا نؤيد ولا بأي شكل من الأشكال هذه العبارات، سواء تلك التي تدعو إلى العنف أو التي تؤجج مشاعر المسلمين ضد الألمان."
لنا سابقة في الحوار
وعلى صعيد العلاقة بين المنظمات الإسلامية والكنائس، صدرت في الآونة الأخيرة عن كبير أساقفة الكنيسة الكاثوليكية هوبر تصريحات اتهم فيها المشرفين على الروابط والجمعيات الإسلامية بالتقصير في إيجاد قنوات تواصل وحوار مع الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية. وفي هذا الخصوص أكد السيد إلياس أن الأسقف هوبر اعتذر رسميا وأكثر من مرة، وذلك عبر الصحافة المكتوبة والتلفزيون، عن هذه التصريحات. واشارالياس الى أن السيد هوبر والمجتمع الألماني يعلمان تمام العلم أن "مجلس المسلمين الأعلى" كان دائما أول المبادرين الى الحوار وله سابقة فيه تفوق الثلاثنين عاما، سواء مع المؤسسات الكنسية باختلاف توجهاتها أو مع المؤسسات الاجتماعية في ألمانيا. وتابع أن الأسقف اعتذر عن "زلة اللسان" هذه وتم تنظيم لقاء معه مؤخرا في برلين عبر من خلاله عن اعتذاره مرة أخرى. وعبر كل من الياس وهوبرعن اتفاقهما وإصرارهما على الحاجة إلى الحوار وعلى أن يكون هناك تحديد لمادة الحوار بطريقة يتم من خلالها عدم تحميل المسلمين في المانيا مسؤولية ما يحدث في مكان آخر، وعلى أن يدعى إلى هذا الحوار ممثلو المسلمين الشرعيين. وختم بالقول انه تم الاتفاق على طبيعة العلاقة التي تربط بين الجانبين في المستقبل، مؤكدا ان العلاقة مع الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية لن تتأثر بهذا الخلاف الذي انتهى اصلا.
أجرى المقابلة ناصر جبارة