المنظمات الاسلامية تتجه نحو التوحد في منظمة اسلامية مركزية
عندما بدأ المسلمون المنحدرون من أصل تركي ومغربي تحديدا بالتوافد إلى الأراضي الألمانية في بداية الستينات والسبعينات للاستفادة من ثمار المعجزة الاقتصادية الألمانية، اعتقدوا في باديء الامر أن وجودهم سيكون مؤقتا الى حين انتهاء الطفرة الاقتصادية الالمانية. ولعل الوصف الذي اطلق عليهم "العمال الضيوف" لدليل واضح على هذه الحقيقة. وعلى ضوء ذلك لم تصطحب الغالبية العظمى منهم عائلاتها معها، فالاعتقاد السائد لديهم آنذاك كان العمل لساعات طويلة من أجل جني أكبر مبلغ من الأموال ثم العودة الى أوطانهم. ولكن ألمانيا بدأت تتحول بالنسبة لهم الى بلدهم الثاني، فاستقدموا عائلاتهم وبدأوا بالاستقرار التام. ومع مرور الوقت تحولت بيوت الله التي اقتصر استخدامها في البداية على أداء الصلوات والشعائر الدينية إلى مساجد شامخة وحلقات يلتقون فيها لتدبير أمورهم الحياتية. أما جمعياتهم وأنديتهم ومنظماتهم فقد أخذت مع الوقت تتحول إلى مرجعيات يحصلون فيها على نصائح وإرشادات تساعدهم على شق طريقهم في بلد المهجر. واليوم قررت سبع جمعيات إسلامية تأسيس منظمة مركزية تكون قادرة على تمثيل أكبر عدد ممكن من المسلمين أمام الجهات الألمانية الرسمية. وجاءت هذه الفكرة بناء على رغبة من الحكومة الألمانية ومن أجل تسهيل آليات التعاون بين الحكومة الألمانية من جهة وهذه المنظمات من جهة أخرى. ولبت هذه الدعوة منظمات إسلامية مثل "مجلس المسلمين الأعلى" و"اتحاد المراكز الثقافية الإسلامية" والتجمعان الإسلاميان في ولايتي هيسن وبادن فوتنبيرغ وغيرها. ووفقا لبيان مشترك صدر عن هذه المنظمات، فإنها تسعى لتأسيس منظمة مركزية تكون قادرة على تمثيلها أمام السلطات الألمانية الرسمية والدفاع عن مصالحها في المحافل السياسية والاجتماعية.
في الاتحاد قوة
إلى ذلك قال علي كيزيلكايا رئيس المجلس الإسلامي في تصريحات صحفية إن الهدف الرئيسي لتأسيس المنظمة المركزية هو بناء تجمع ديني. وأضاف:" ... ولأن أساس عملنا هو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة من جهة والدستور الألماني من جهة أخرى، فإننا مستعدون للعمل مع جميع الجهات التي تتبنى هذه القيم". كما أعرب المسؤول عن تأكده من أن أغلبية المسلمين والمنظمات التي ترعى شؤونهم تؤيد ذلك. أما بخصوص تدريس مناهج التربية الإسلامية في المدارس الألمانية الحكومية، فقد قال المسؤول إن توحيد صفوف المنظمات الإسلامية يساعدها على التوصل مع السلطات الألمانية المختصة إلى حل بخصوص إدراج مادة تدريس الدين الاسلامي في مناهج المدارس الحكومية.
دروس الإسلام كآلية للوصول الى الاندماج الاجتماعي
سبق اتفاق المنظمات الإسلامية على تشكيل المنظمة المركزية مصادقة برلمان ولاية بادن فوتنبرغ الجنوبية على قانون يسمح بتدريس الدين الإسلامي كمادة أساسية في المدارس الحكومية، وذلك ابتداء من العام الدراسي 2006 /2007. ووفقا للبيان الصادر عن حكومة الولاية فإنه سيتم تخصيص دروس إلزامية للتلاميذ المسلمين من السنة الأولى إلى السنة الرابعة. وكانت ردود فعل الأوساط السياسية على المصادقة على القرار إيجابية، حيث صرحت وزيرة التربية أنيته شافان أن إدراج مادة التربية الإسلامية في مناهج المدارس الحكومية يصب في مصلحة دمج المسلمين في المجتمع الألماني ويشعرهم أن المدارس الحكومية ستساعد أطفالهم على التكيف في هذا المجتمع والانخراط فيه. وحسب الإحصاءات المتوفرة لدى موقع دويشه فيله، فإن عدد المسلمين في ولاية بادن فوتنبرغ الألمانية لوحدها يبلغ 610 ألف مسلم. وفي العاصمة برلين يختلف الوضع قليلا، إذ أن "الفيدرالية الإسلامية" تسلمت منذ عام 2001 مهمة تدريس مادة الدين الإسلامي للتلاميذ المسلمين في المدارس الحكومية. وتقول مصادر "الفيدرالية الإسلامية" إنها تشرف على تدريس مادة التربية الإسلامية في 37 مدرسة وإن عدد التلاميذ الملتحقين بهذه الدروس يزيد على 4 آلاف طالب. وتؤكد الفيدرالية على أن دروس التربية الإسلامية تهدف بجانب إطلاع التلاميذ على دينهم إلى مساعدتهم على الاندماج في المجتمع الألماني.