مبادرة "اختيار تونس" بدعم ألماني لتطوير المشهد السياسي
٢٢ سبتمبر ٢٠١٤مازال شهر تقريبا يفصل تونس عن أول انتخابات عامة تستند إلى دستور البلاد الجديد الذي كرس التعددية الحزبية وأرسى دعائم الحرية وحقوق الإنسان, وتسعى فعاليات المجتمع المدني للمساهمة في تنظيم أول انتخابات شفافة ونزيهة تعيشها البلاد عبر العمل على تطوير أداء الأحزاب أو توعية الناخبين بالواجب الانتخابي وبمساعدتهم في عملية اختيار المرشحين.
اختار "معهد تونس للسياسة" وهي مبادرة أهلية لمركز الدراسات المتوسطية والدولية يقع انجازها مع عدد من الشركاء لتنظيم دورات تكوينية لتطوير كفاءات الأحزاب في مجالي الاتصال والتسويق السياسي بإشراف مختصين في المجال. وقد عقدت مؤخرا في اطار هذا البرنامج إحدى الدورات التكوينية بدعم من المنظمة الألمانية كونراد أدناور وبمشاركة ممثلين عن أكبر الأحزاب في البلاد حول موضوع الاتصال والتسويق السياسي في وقت تشتد فيه المنافسة بين الأحزاب لاستقطاب الناخبين والفوز بالانتخابات المرتقبة.
وقد تحدثت DW عربية للدكتور فاضل بليبش، مسؤول برنامج معهد تونس للسياسة حول أهمية تكوين إطارات الأحزاب والجمعيات الأهلية. ويؤكد بليبش أن "أهداف المبادرة ترمي إلى تحسين التكوين السياسي لإطارات الأحزاب وتحسين مناخ التعامل بين الشباب الناشط لتخفيف الاحتقان السياسي وذلك عبر تعويدهم على أساليب الحوار الهادي واحترام الغير وتطوير العلاقات الإنسانية بينهم إلى جانب تعزيز تقبل الأخر لديهم مهما كانت درجات الاختلاف والتباين في الآراء والمواقف".
تكوين إطارات الأحزاب
ومن منطلق أن التسويق والتواصل السياسي يعد وسيلة عمل لاستقطاب الناخبين تم اختيار هذا الموضوع لدعم الاحزاب مع الاستعداد لانطلاق الحملات الانتخابية. ويرى فاضل بليبش أن دعم الأحزاب بمناسبة الانتخابات عبر تكوين إطاراتها في التواصل والتسويق السياسي، خلال الحملة وما قبلها يساعدها في استقطاب المنخرطين وإقناع الناخبين. وتتوجه الدورات التكوينية التي تمتد طيلة العام للأحزاب الممثلة في المجلس التأسيسي بثلاث مقاعد أو أكثر.
وإلى جانب الأحزاب يسعى معهد تونس للسياسية لتوفير تكوين موجه للمجتمع المدني وللأحزاب السياسية الممثلة في المجلس التأسيسي بمقعد أو مقعدين إضافة إلى ممثلين عن المنظمات الراعية للحوار الوطني وحوالي 20 جمعية منخرطة في عملية الانتقال الديمقراطي.
وتساهم المنظمات الألمانية في دعم عدد من المبادرات المجتمعية الرامية لتطوير المشهد السياسي، وحسب مسؤول معهد تونس للسياسية "تعتبر المنظمات الألمانية من الهيئات المتحمسة لتجربة الانتقال الديمقراطي في تونس. وتعمل باختلافها على عدد من الأنشطة وتقدم الدعم للفاعلين في الساحة السياسية وهي ظهير هام للمجتمع المدني الذي برهن عن وعي كبير وقوة لا يستهان بها خلال وضع الدستور عبر خوض عدد من المعارك على غرار الإعلام وحقوق الأقليات".
وتعمل هذه المبادرات الأهلية على توفير مناخ سياسي ملائم للعمل الحزبي ودعم حقوق الإنسان وحقوق المرأة والتعددية وتطوير قدرات الأحزاب وتنمية الوعي السياسي لدى الشباب لتوفير مناخ تعددي يقطع مع التسلط الأحادي أو الاستقطاب الثنائي.
مساعدة الناخب على الاختيار
وإذا كان تحسين المناخ السياسي داخل البلاد من أهم عوامل نجاح المسار الانتقالي فإن توفير حظوظ النجاح للانتخابات المرتقبة عبر تنمية الوعي المواطني وتوضيح خيارات الأحزاب وبرامجها للمواطن تعد من اهم المسائل التي تشغل الفاعلين السياسيين أمام تعدد الأحزاب وكثرتها.
ومع تصاعد وتيرة الاستعداد للانتخابات التشريعية في 26 أكتوبر / تشرين الأول تحاول بعض فعاليات المجتمع المدني أن تنمي الوعي لدى الناخب الذي ستعرض عليه مئات البرامج الانتخابية وتيسر عليه عملية الانتخاب والاختيار. وقد لقي مشروع "اختيار تونس" دعما ماديا من قبل التعاون الألماني الذي "وفر الظروف الملائمة لتنفيذ الفكرة" على حد تعبير زياد بوسن، منسق مشروع اختيار. وتهدف هذه المبادرة الأهلية لتيسير عملية اختيار المواطن في الانتخابات القادمة عبر توفير عدد من المعطيات حول الأحزاب وتوجهاتها وميزاتها مقارنة مع بعضها البعض.
ويقول زياد بوسن، منسق مشروع اختيار، وعضو جمعية الشباب المستقلين الديمقراطيين في تصريح لـ DW عربية "أن الفكرة ولدت سنة 2011 اثر ظهور قرابة 100 حزب، وصعوبة تمييز المواطن بينها والتعرف على برامجها".
وتستند المبادرة الأهلية إلى منظومة إعلامية أعطت أكلها في أكثر من بلد وهي أن يتعرف المواطن على برامج الأحزاب من خلال ثلاثين سؤالا تغطي مختلف جوانب المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهم الناخب.
وعن كيفية إعداد الأسئلة ومدى حياد واستقلالية المبادرة يؤكد بوسن "نحن مستقلون عن كل الأحزاب والتيارات، لقد أعددنا 30 سؤالا وقد عرضناهم على لجنة من الخبراء في الاقتصاد والقانون تولوا مراجعتها وتحسين صيغ طرحها. وقد تم التركيز على المسائل الهامة مع العمل على إظهار الفوارق بين مواقف الأحزاب من المسائل المطروحة داخل المشهد السياسي".
ويضيف زياد بوسن، "اثر إعداد الأسئلة، وقع توجيهها إلى كافة الأحزاب، وقد تلقى البرنامج أجوبة من 11 حزبا وتتواصل إجابات بعض الأحزاب إلى اليوم. وهناك من رفض ضمنيا الإجابة عن أسئلتنا وهناك من رفضها صراحة".
وعن مدى تقبل الناس والأحزاب لهذه المبادرة يقول بوسن أن هذا البرنامج "قد استعمل في هولندا وقد استخدمه أكثر من 80 بالمائة من الناخبين لتحديد اختياراتهم، وأن المشروع لقي إقبالا خلال انتخابات المجلس التأسيسي ويلقى إقبالا من فئات الشباب وتبقى محاولة للمساهمة في عقلنة الاختيار في الانتخابات القادمة ".