ما مدى مسؤولية خفر السواحل اليوناني عن غرق قارب المهاجرين؟
١٢ يوليو ٢٠٢٣بعد مرور شهر تقريباً على الحادث الكارثي لغرق قارب للاجئين قبالة الساحل اليوناني، ما زال العديد من أسر الضحايا ينتظرون نتائج التحقيقات لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء هذه الكارثة. ويأمل الباكستاني علي شان، البالغ من العمر 32 عاماً، أن يكون ابن أخيه قد نجا من الحادث الذي أسفر عن مقتل مئات الأشخاص.
فقد أخذت السلطات اليونانية عينة من حمضه النووي ومنذ ذلك الحين ينتظر نتائج التحليل. ويقول شان لـ DW: "يطلبون مني الانتظار ولا شيء غير ذلك"، مضيفاً: "في أوروبا يتحدثون كثيراً عن الإنسانية. ألسنا جميعاً بشراً؟"
ويرى شان بأنه كان بالإمكان إنقاذ عدد أكبر من الأشخاص، إذ لم ينجو سوى 104 شخص من بين 700 آخرين كانوا على متن قارب الصيد أندريانا الذي تعرض للغرق في 14 يونيو/حزيران قبالة بيلوس في البحر الأيوني.
ولمعرفة تفاصيل الحادث، قامت صحيفة "غارديان" الإنجليزية وشبكة "نورددويتشر روندفونك" الألمانية ووسيلة الإعلام التحقيقية اليونانية "سولومون" بتحقيق استقصائي دولي تحدثوا فيه مع 26 من الناجين، وفحصوا وثائق المحاكم، وقارنوا بيانات الأقمار الصناعية، وحللوا الفيديوهات التي تم تصويرها من قبل سفن تجارية.
ومن كل هذه البيانات قامت وكالة البحث البرلينية "فورينسيس" بمحاكاة كمبيوترية للساعات الأخيرة قبل الكارثة أثارت الكثير من الشكوك حول رواية حرس السواحل اليوناني.
أوضح البحث أن القارب غير وجهته غرباً بعد لقائه بالقارب 920 التابع لحرس السواحل اليوناني. وأفاد ناجون لفريق البحث الدولي بأن حرس السواحل اليوناني قام بتوجيههم نحو الغرب بعد أن أكد لهم أن قارباً تابعاً لحرس السواحل الإيطالي سيكون في انتظارهم في إيطاليا. وبخلاف ذلك يزعم حرس السواحل اليوناني أن القارب أبحر باتجاه إيطاليا بناءً على رغبته الخاصة.
وكما شككت تحقيقات لقناة بي بي سي تعود لتاريخ 18 حزيران/يونيو، اعتمدت على تحليل حركات السفن من خلال الإنترنت، في التصريحات الرسمية لحرس السواحل اليوناني.
كيف ولماذا انقلب القارب؟
يشير الناجون من الكارثة إلى أن القارب انقلب عندما حاول خفر السواحل اليونانية سحبه بواسطة حبل. ووصف اثنان من الناجين تحدث معهما الصحفيون كيف قامت خفر السواحل اليونانية بربط القارب بحبل. ورفضت خفر السواحل اليونانية هذه الاتهامات وأعلنت أنها قدمت المساعدة للقارب المكتظ وأعطته الحبل. لكنها لم تقم بسحبه وبالتالي لم تتسبب في انقلابه.
وما يثير الشك أيضاً هو سبب تجاهل خفر السواحل اليونانية لثلاثة عروض دعم من وكالة حماية الحدود الأوروبية (فرونتكس) ولماذا لم يتم توثيق العملية بالفيديو. فقارب خفر السواحل اليونانية ممول بنسبة 90 في المائة من الاتحاد الأوروبي ومجهز بكاميرات لا يتطلب تشغيلها عناء كبيراً، وفقاً لنتائج التحقيق الصحفي.
ويدعي خفر السواحل اليونانية أنه كان يركز على إنقاذ الأشخاص وليس على التصوير. وبناء على استفسار من قبل DW، أشارت فرونتكس إلى أن القضية قيد التحقيق من قبل المفوض السامي لحقوق الإنسان، رافضة التعليق على جزئية التوثيق بالفيديو.
ما هو رد فعل المفوضية الأوروبية؟
تتولى النيابة العامة في اليونان التحقيق في الحادثة. ورفض وزير الهجرة الجديد، ديميتريس كايريديس، الاتهامات وقال إن خفر السواحل اليوناني هو من قام بإنقاذ الناس وليس منظمات غير حكومية أو صحفيين أجانب أو أعضاء في البرلمان الأوروبي. وأضاف "نحن إنسانيون، ولكننا لسنا ساذجين".
منذ سنوات تقوم وسائل الإعلام ومنظمات الإغاثة الدولية بتقديم تقارير عن ترحيل غير قانوني للمهاجرين من قبل السلطات اليونانية. ويطالب الكثيرون بضرورة وجود آلية مستقلة للرقابة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي نظراً لعدم استقلالية المؤسسات المختصة بالتحقيق في اليونان، حسب تقيمهم.
المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية يلفا يوهانسون تعرف جيداً الاتهامات الموجهة لليونان. ولكن وعلى الرغم من وجود العديد من الدلائل على السلوك غير القانوني من جانب السلطات اليونانية في السنوات الأخيرة، فقد امتنعت يوهانسون حتى الآن عن فتح تحقيق أو توجيه تحذير علني لليونان.
وحتى بعد حادث غرق القارب، يشير مكتبها الصحفي إلى اختصاص القضاء اليوناني في التحقيق بالحادثة. وفي رده على استفسار من DW أوضح مكتب المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية أن يوهانسون طالبت في محادثتها مع الوزراء المعنيين في أثينا "بالوضوح التام" للتحقق من ما حدث من خلال "تحقيق شفاف" لمعرفة "ما إذا كان هناك سلوك غير قانوني يمكن متابعته قانونياً".
"دولة القانون على المحك في الاتحاد الأوروبي"
بالنسبة لعضو البرلمان الأوروبي من حزب الخضر، إريك ماركواردت، فإن مثل هذه التصريحات هي مجرد كلام فارغ من أي تأثير على أرض الواقع. ويطالب البرلماني بضرورة تشديد موقف المفوضية الأوروبية ودول الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أنه باستثناء عبارات التعزية، لم يحدث رد فعل كبير. وحسب رأيه يظهر ذلك اللامبالاة حيال الكثير من علامات الاستفهام بشأن خفر السواحل اليونانية ودورها في الحادث.
ويضيف ماركواردت في تصريحه لـ DW: "كيف يمكن للديمقراطية أن تعمل عندما تكذب دول الاتحاد الأوروبي في حالات مثل هذه وبشكل واضح أمام الجميع ولا أحد يعترض؟".
بالنسبة لماركواردت، لا يتعلق الأمر فقط بحماية حقوق طالبي اللجوء، بل بحماية سيادة القانون في الاتحاد الأوروبي نفسه: "البلد الذي لا تتمتع فيه فئات معينة بحقوق سيصبح في نهاية المطاف بلداً تمنع فيه الحقوق على الجميع"، يؤكد السياسي المنتمي لحزب الخضر.ويضيف: "في النهاية، لن تكون القوانين والبرلمانات هي التي تقرر العدل والنظام، بل الحكام وحدهم هم من سيقررون".