مؤسسة ابن رشد تكرم ناشطة حقوق الإنسان السودانية فاطمة أحمد إبراهيم
٨ ديسمبر ٢٠٠٦تختلف طبيعة شخصية فاطمة احمد ابراهيم عن غيرها من السياسيين، فهي تعبر دائماً بكل صراحة وبدون اية مجاملات عما تفكر به، غير مبالية بالعواقب. تنتمي فاطمة الى التيار الشيوعي رغم انها ابنة لعائلة ثرية وكانت من أول النساء اللواتي حصلن على تعليم عال في السودان.
تفسير نسوي للقرآن
كان يمكن لها أن تقضي حياتها في عيش رغيد، إلا انها قررت منذ السنوات المبكرة من عمرها ان تكرس حياتها للسياسة، فأسست منظمة نسائية قوية صارت بمثابة حركة جماعية لجميع السيدات اللاتي يملكن نفس الفكر من جميع الأحزاب والأديان والفصائل العرقية. تقول فاطمة: "عندما طالبنا في العام 1954 بحقوقنا السياسية، ادعت الجبهة الإسلامية حينذاك، ان ذلك مناف لتعاليم الإسلام، التي زعموا أنها تحرم على النساء المطالبة بحقوق سياسية أو طلب المساواة مع الرجل. لهذا السبب استقالت مسلمتان من المجلس التنفيذي لإتحاد النساء التابع لنا."
للدين أهمية خاصة لدى الكثير من الناس في السودان. بدأت فاطمة أحمد إبراهيم، بصفتها ابنة أحد الأئمة، بتفسير القرآن الشريف بنفسها. واستخدمت نفس سلاح الأصوليين االمسلمين لتحاربهم به، مقدمة قراءة نسوية للآيات القرآنية.
نائبة في البرلمان
وتقول فاطمة: "عندما استطعنا انتزاع حق الانتخاب لنا، رشحت نفسي. وفي نفس الوقت رشحت الجبهة الإسلامية السيدة المسلمة التي استقالت من المنظمة النسائية عندما طالبنا بحقوق سياسية. في العام 1954 قالت إن ذلك يتنافى مع الإسلام وفي العام 1964 ترشحت للانتخابات البرلمانية. (...) هذا يعني انهم يفسرون الإسلام حسبما يروق لهم ويتماشى مع مصالحهم. ترشحنا نحن الاثنتين وفزت أنا."
قدمت فاطمة احمد ابراهيم مشاريع قوانين عدة الى البرلمان فتمت الموافقة على أغلبها ونص عليها في الدستور مثل منع الزواج القسري ورفض زواج قاصرات السن وتعدد الزوجات. تضيف فاطمة: "طالبنا البرلمان بالمساواة التامة للنساء العاملات مع الرجل. وحصلت النساء في العام 1969 على الحقوق نفسها في الرواتب والتقاعد وجميع شروط العمل. كما طالبنا بأحقية النساء في أن يصبحن قاضيات شرعيات ونجحنا في الحصول على مطلبنا. فقد كان السودان البلد الإسلامي الوحيد الذي سمح باعتلاء السيدات مناصب القضاة. كما نحجت السيدات في ان يصبحن دبلوماسيات مثلما التحقن بصفوف الجيش وجهاز الشرطة. لهذا منحتنا الأمم المتحدة جائزة حقوق الانسان في العام 1993، وكنا أول منظمة نسائية في العالم تحصل على تلك الجائزة."
16 عاما في المنفى
فاطمة لم تحصد التكريمات وحدها. فعندما أُطيح بنظام الحكم وحُلت جميع الأحزاب والمؤسسات السياسية، تم القبض عليها مراراً بسبب نشاطها السياسي. ومع ذلك لم تفتر همتها السياسية وتابعت نشاطها بعد اطلاق سراحها. وفقط بفضل الاحتجاجات التي نظمت في جميع انحاء العالم نجت من عقوبة السجن مدى الحياة، فاختارت الخروج الى المنفى في العام 1990. لكنها تعيش منذ عام في السودان بعد ان أمضت ستة عشر عاماً في لندن. لقد دخلت البرلمان مجدداً ممثلة للحزب الشيوعي الذي رشحها لهذا المنصب. إنها تقترب الإن من الثمانين من عمرها. لم تعد ذاكرتها نشطة كما كانت، لكنها ما زالت قادرة على إلقاء الخطابات الحادة ضد الحكام.
بقلم يوتا شفينغزبير
ترجمة منال عبد الحفيظ شريده
حقوق الطبع قنطرة