مؤتمر ميونيخ يعمق الخلافات بين روسيا والغرب
١٤ فبراير ٢٠١٦قبل انعقاد مؤتمر ميونيخ خيم أمل كبير على حدوث تقدم في الملف السوري لوقف إطلاق النار في سوريا التي مزقتها الحرب منذ نحو خمس سنوات. لكن عوض ذلك، توجه رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف بخطاب عنيف ليتحدث عن وجود "حرب باردة جديدة بين روسيا والغرب". وهي تصريحات سعى وزير الخارجية الألماني فالتر شتاينماير إلى التخفيف من حدتها عندما صرح أن مدفيديف أراد فقط التحذير من حدوث برودة في العلاقات بين الجانبين في الوقت الحالي.
مدفيديف نفي أن تكون العمليات الجوية الروسية في سوريا قد استهدفت مدنيين، وهو ما أثار غضب رئيس منظمة هيومن رايتس وتش الذي أوضح في حوار مع DW، أن "مدفيديف يتحدث وكأنه يعيش في واقع آخر. تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش وثقت على سبيل المثال هجمات روسية استهدفت مناطق مأهولة بالسكان، والأسلحة المستخدمة تقتل الجميع ولا تفرق بين هذا وذاك وهي محرمة في جميع دول العالم تقريبا".
رسالة الناتو بين الوعيد والدعوة إلى الشراكة
أظهر مؤتمر ميونيخ الذي استمر إلى غاية يوم الأحد (14 فبراير/ شباط 2016)، بشكل واضح ومهول حجم الخلافات بين موسكو والغرب، ليس فقط فيما يتعلق بسوريا ولكن أيضا فيما يتعلق بالملف الأوكراني أيضا. وقد هاجم الأمين العام للحلف الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبيغر بقوة موسكو، متهما إياها بزعزعة استقرار أوروبا، وقال إن الجيش الروسي يتعمد تخويف دول شرق الإتحاد الأوروبي. كما أضاف أن الناتو ردّ على ذلك منذ عقود من خلال تعزيز قواته بشكل أكبر. كما ستقوم الولايات المتحدة بنشر معدات ووحدات في أوروبا. وذكر ستولتنبارغ بأن الاستراتيجية الردعية للناتو تتضمن جانبا نوويا أيضا. في الوقت ذاته، يمد ستولتنبارغ يده باتجاه روسيا، موضحا أن الناتو يطمح إلى إقامة علاقات بناءة بين الناتو وروسيا وأن إنشاء نظام الدرع الصاروخي لا يشكل إجراءا ضد روسيا.
وعندما أخذ مدفيديف الكلمة بمؤتمر ميونيخ، تطرق هذا الأخير إلى تدهور الوضع المأساوي في العلاقات بين روسيا والغرب، حيث حمل الغرب فقط المسؤولية في ذلك. وعبر عن امتعاضه الكبير من الوصف الغربي المستمر لروسيا واعتبراها مصدر تهديد.
وقال مدفيديف، إن سوريا لا بد أن تبقى دولة موحدة، فالعالم ليس بحاجة إلى أفغانستان أو ليبيا أو إلى يمن جديد. وحمل رئيس الوزراء الروسي المسؤولية إلى الدول التي "تدخلت في شؤون سوريا"، وتوجه إلى الغرب قائلا: " لو لم يكن هذا التدخل الخارجي، لتقدمت سوريا إلى الأمام"، وأضاف: "قبل ست سنوات قمت بزيارتها، وكان بلدا متفتحا". وانتقد مدفيفديف الساسة الغربيين الذين رددوا مرارا على ضرورة تنحي الأسد، و"الآن نحن أمام حرب أهلية".
جميع فصائل المعارضة "إرهابية"
ورغم أن تنظيم "داعش" هوالعدو المشترك بين القوى الغربية وموسكو، يقول مدفيديف: "لا يجب التفريق بين إرهابيين جيدين وإرهابيين سيئين. وهذا يعني أن جميع فصائل المعارضة المسلحة التي تقاتل ضد قوات الرئيس بشار الأسد هي إرهابية"، ومن تمّ يجب محاربتها بشرعية من وجهة النظر الروسية. وانتقد مدفيديف السعودية التي أعربت عن استعدادها لإرسال قوات برية إلى سوريا وقال: "ليس لأحد الحق في التهديد بإرسال قوات برية".
وبعد المداخلة العنيفة لمدفيديف، لم تنجح طاولة الحوار المستديرة بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير والروسي سيرغي لافروف، في التخفيف من حدة الخلافات. كيري طالب موسكو بتغيير إستراتجيتها العسكرية في سوريا، لكونها وإلى "غاية اللحظة ركزت هجماتها على فصائل المعارضة الشرعية". فيما ردّ لافروف بغضب قائلا: "يبدو أن الأمر يتعلق بوقف كلّي للعمليات الجوية الروسية".
من جانبه دعا كيري إلى ضرورة تفعيل اتفاق وقف النار، "وإلا سنواجه مستقبلا واحتمالات صعبة". وبالفعل بدا المشهد أكثر تعقيدا بعد أن دخل وزير الخارجية التركي داوود أوغلو عندما صرح في حوار إعلامي أن تركيا - عضو في حلف الناتو – تدرس إمكانية إرسال قوات برية إلى سوريا أيضا لمحاربة "داعش". وبالموازاة مع انعقاد مؤتمر ميونيخ تم الإعلان عن قيام طائرات تركية بقصف مواقع كردية بشمال سوريا. في حين تظاهر نحو 150 شخصا بالقرب من مكان انعقاد المؤتمر الدولي ضد مؤتمر الأمن.