مؤتمر "كوب 26" بغلاسكو.. تحذيرات من إهدار الفرص الأخيرة
٣١ أكتوبر ٢٠٢١ينطلق الأحد (31 أكتوبر/ تشرين الأول 2021) المؤتمر العالمي للمناخ "كوب 26"، في مدينة غلاسكو باسكتلندا، وسط تحذيرات هائلة من المجتمع العلمي من تصاعد أزمة المناخ.
وبناء على دعوة الأمم المتحدة، سيبحث ممثلون حكوميون من حوالي 200 دولة، لمدة أسبوعين كيف يمكن للبشرية احتواء الاحتباس الحراري المتسارع إلى مستوى مقبول. ومن المتوقع أن يشارك في المؤتمر حوالي 25 ألف شخص، من بينهم آلاف الصحفيين ونشطاء حماية المناخ.
وكانت منظمات بيئية والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد شكَوا مسبقاً من عدم تشديد الكثير من الدول لخططها في العامين الماضيين (منذ آخر مؤتمر للأمم المتحدة في مدريد) بما يكفي، ما يعني تأجيل عملية التخلص السريع من الفحم والنفط والغاز التي أضحت أكثر إلحاحاً للإنقاذ كوكب الأرض.
وشكلت أزمة المناخ، قضية رئيسية في قمة روما لقمة مجموعة العشرين المنتهية اليوم، التي تضاءلت فيها الآمال في الحصول على إشارة واضحة، لقمة المناخ، حيث كانت هناك خلافات بشأن تعهدات جديدة لحماية المناخ.
الأهداف والتحديات
الهدف الرئيسي لقمة غلاسكو باسكتلندا بعد تأجيلها السنة الماضية بسبب جائحة كورونا، يتمثل في تباحث السبل لإبقاء ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 نقطة مئوية أي ما قبل مستويات التصنيع، وهو الحد الذي يقول العلماء إنه سيجنب الأرض أكثر عواقب الاحتباس الحراري تدميراً.
هذا الهدف اتُفق عليه في باريس عام 2015، والمرجو اليوم زيادة في الزخم السياسي والمساعي الدبلوماسية الحثيثة لتعويض عدم كفاية الإجراءات والتعهدات الجوفاء التي ميزت الكثير من سياسات المناخ العالمية.
وينبغي للمؤتمر انتزاع تعهدات أكثر طموحاً لمزيد من خفض الانبعاثات وجمع المليارات بغية تمويل مكافحة تغير المناخ والانتهاء من القواعد في سبيل تنفيذ اتفاقية باريس وذلك بموافقة ما يقرب من 200 دولة وقعت عليها بالإجماع.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش واضحاً حين توجه بكلامه إلى قادة مجموعة العشرين في قمتهم بروما قائلاً: "لنكن واضحين - هناك خطر جسيم لن تتصدى له (قمة) غلاسكو"، مضيفاً بالقول: "حتى لو كانت التعهدات الأخيرة واضحة وذات مصداقية- وهناك شكوك جادة إزاء بعضها- فما زلنا نتجه نحو كارثة مناخية".
وفي حقيقة الأمر لا تشكل التعهدات المذكورة إلا محاولة بسيطة، فالوعود المقدمة لخفض نسب الانبعاثات ستؤدي إلى ارتفاع متوسط درجة حرارة المعمورة 2.7 درجة مئوية هذا القرن، وهو ما يعتبره خبراء البيئة غير كافيا إطلاقاً ولن يقي الأرض من سيناريو كارثي مدمر.
تعهدات دون المستوى المطلوب
قبل انطلاق المؤتمر خرجت إشارات عديدة. أهمها من الصين، أكبر مصدر للتلوث في العالم، بأنها ستسرع من التخلص من استخراج الفحم، لكن عرضها هذا ظل غير مقنع. كما لم ترق تعهدات روسيا والسعودية كذلك إلى المستوى المأمول.
وحتى قادة دول العشرين شددوا في روما على ضرورة وقف الاحتباس الحراري واتفقوا في بيانهم الختامي على وقف الانبعثات عند حدود 1,5 ، إلا أنهم لم يقدوموا خططا فعلية لتحقيق هذا الغرض. ومجموعة العشرين، التي تضم البرازيل والصين والهند وألمانيا والولايات المتحدة، تشكل 80 في المئة من مصادر انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم.
من جهتها تعود الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، إلى محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ بعد غياب أربع سنوات في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. لكن الرئيس جو بايدن يشارك في "كوب 26" دون تشريع قوي لوضع تعهده الخاص بالمناخ موضع التنفيذ في ظل الخلاف الدائر في الكونغرس بشأن كيفية تمويله، وحالة عدم اليقين بشأن ما إذا كان بإمكان الوكالات الأمريكية حتى وضع قواعد منظمة لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
نشطاء يتوافدون على الأقدام
في المقابل وأمام ما يوصف من قبل النشطاء بـ "تقاعس" السياسيين لحلّ الأزمة العالمية، يتوافد مئات الأشخاص على غلاسكو للضغط على المجتمعين. ووصل كثير من هؤلاء إلى محيط مكان انعقاد القمة بعد مسيرة طولها عشرات أو حتى آلاف الكيلومترات في إطار تظاهرات تُنظم بالتوازي مع مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المقرر حتى الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر في المدينة الاسكتلندية.
ومساء السبت، وصلت الناشطة السويدية الشابة غريتا تونبرغ (18 عاما) بالقطار إلى غلاسكو بعد أن كانت انضمت في اليوم السابق في لندن إلى حملة قام بها شباب من دعاة حماية البيئة ضد دور المؤسسات المالية في أزمة المناخ.
وسار المتظاهرون القادمون من إسبانيا وبلجيكا ومن اسكتلندا نفسها، في وسط المدينة، رافعين لافتات تحمل شعارات بينها "إجراءات الآن!"، "أفعال لا أقوال" و"أوقفوا الطاقات الأحفورية".
"إنه مستقبل أطفالنا"
وتحدث مراسل الوكالة الفرنسية إلى عدد من المشاركين بينهم المتقاعد البلجيكي ديرك فان اسبروك البالغ من العمر 68 عاماً الذي أعرب بالقول: "نتوقع إجراءات طموحة بشكل أكبر، وأن يدرك قادتنا السياسيون مدى إلحاح الوضع لأن أطفالنا وأحفادنا يواجهون خطر العيش في عالم أكثر تعقيدا سيخضع لاضطرابات مناخية خطرة".
ووصل ديرك مع نحو عشرين عضواً آخر من مجموعة: "أجداد من أجل المناخ"، إلى إدنبرة بالقطار من بلجيكا، قبل أن يصل إلى غلاسكو سيراً على الأقدام. وأضاف الرجل الستيني الذي لديه خمسة أبناء و12 حفيداً "بين التصريحات والعمل، لا تزال هناك خطوة كبيرة يجب القيام بها".
وصرحت المترجمة بيكي ستوكس البالغة من العمر 31 عاماً التي سارت من اسبانيا، بالقول: "نحن هنا للمطالبة بالعدالة المناخية" لبلدان الجنوب. وقالت إن مؤتمر "كوب 26" يشكل "فرصة أخيرة" على أمل "رؤية إجراءات ملموسة".
وبالنسبة إلى الطالب ماسيج والتشوك (19 عاماً) "كان هناك بالفعل 25 مؤتمراً" حول المناخ في السابق "ولم يكن الوضع المناخي بهذا السوء على الإطلاق". وعبّر عن الأمل في عقد مؤتمر "مختلف" هذه المرة "يلتزم العمل لإنقاذ الأرواح".
و.ب/ ع.غ (د ب أ، أ ف ب، رويترز)