قمة غلاسكو- هل يصل العالم لاتفاق بشأن مشاريع حماية المناخ؟
٣١ أكتوبر ٢٠٢١إنه في الواقع مشروع نافع وشامل: حيث يتم تركيب مواقد صديقة للبيئة في رواندا بمساعدة ألمانية. 90.000 موقد منها بدأ استخدامها بالفعل، والخطة تقضي بتركيب 40 ألف موقد جديد كل عام. هذه المواقد أو الأفران لها تأثير إيجابي مزدوج: فبوجودها يتم تقليل إزالة الغابات على نطاق واسع في المنطقة، الناتج عن حرق الأخشاب في المواقد التقليدية، وفي الوقت نفسه، يتم تقليل تلوث الهواء في الأكواخ بشكل كبير. ويتم تجنب انبعاث حوالي 270 ألف طن من الغازات المسببة للاحتباس الحراري كل عام. وتبلغ تكلفة الموقد الواحد حوالي 100 يورو، والأموال المخصصة لها تأتي من ألمانيا. على سبيل المثال من الشركات والأفراد الذين يرغبون في تعويض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عبر الطيران الجوي، ويتم جمعها من قبل منظمة "أتموس فير" (Atmosfair).
ويعتبر هذا المشروع أحد الأمثلة الناجمة عن التعاون الدولي في مجال المناخ، بيد أن هذا التعاون من غير المعروف أو المؤكد إن كان سيستمر في المستقبل، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان من الممكن تنظيم مستقبل هذه المشاريع تنظيما ملزما في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في غلاسكو (كوب 26)، الذي تقام فعالياته في الفترة بين 31 أكتوبر/ تشرين الأول و12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.
كلمة السر .. البند السادس
قد يكون المحور الرئيسي هنا هي الفقرة السادسة والتي يدور حولها الأمر. فعندما وضعت اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015 التزمت بها حوالي 190 دولة من دول الأمم المتحدة، وهذا يعد التزاما منها لتحقيق الأهداف المناخية الوطنية الخاصة لكل دولة، حيث عملت الاتفاقية على حث الدول المشاركة على تقليل انبعاثات الغاز لديها بقدر أكبر مما أقرته بمعاهدة المناخ القديمة، بروتوكول "كيوتو"، والتي ظلت سارية حتى عام 2020.
فبروتوكول "كيوتو" نص بشكل واضح على أن المسؤولية الرئيسية لخفض انبعاث الغازات ملقاة على عاتق أغنى 38 بلدا في العالم وقد يكون محقا في ذلك: ففي نهاية المطاف، كانت ولا تزال هذه البلدان الصناعية هي المسؤول الأكبر عن تغيير المناخ في العالم. ومن منطلق كيوتو ولدت مشاريع مثل ذلك الموجودة في رواندا: فالدول الغنية تقدم الأموال وتمول مشاريع ذات مغزى في الجنوب الفقير"، وفي المقابل يحصلون على سمعة طيبة في المساعدة ويكفرون بذلك عن خطاياهم في تلويث البيئة.
ولكن منذ إقرار اتفاقية باريس بعد ذلك، تغيرت الأمور: فالآن تلتزم جميع الدول بحماية المناخ، وكل بلد بطريقته الخاصة، فلقد تقرر في العاصمة الفرنسية وقتها أن الاحترار العالمي لا ينبغي أن يزيد بأكثر من درجتين، ومن الأفضل ألا تتجاوز الزيادة في الاحترار العالمي 1.5 درجة فقط. ولكن الذي تم تأجيله في باريس ولم يتم تنظيمه في اجتماعات المناخ بعد ذلك: هو كيف سيتم احتساب مثل هذه المشاريع، مثل ذلك الذي في رواندا في المستقبل؟ هل سيتم احتسابها ضمن الانجازات الألمانية أو الرواندية؟ وكيف سيتم تنظيم تمويل هذه المشاريع في المستقبل؟. سيتعين على المشاركين الآن في غلاسكو تنظيم وإقرار هذا الأمر، بعد ست سنوات من الاجتماع في باريس وذلك ضمن إقرار الفقرة السادسة، والتي ستنظم هذه النقطة.
خطورة عدم الوصول إلى اتفاق
إذا لم يكن هناك توضيح في مؤتمر المناخ في غلاسكو لهذه النقطة، فقد يؤدي ذلك إلى نتائج سلبية، بحسب ديتريش بروكهاغن، المدير الإداري لشركة "أتموسفير"، في مقابلة مع DW، ويقول: "كل يوم نبني مصانع جديدة لإنتاج الطاقات المتجددة. لهذا نحن بحاجة إلى المال، ونحصل على ذلك من عملائنا من خلال التعويض الطوعي عن ثاني أكسيد الكربون. ولذلك نحن بحاجة إلى نتائج بشأن البند السادس في مؤتمر المناخ، لنكون قادرين على الاستمرار في مشاريعنا لأجل تخفيض انبعاث ثاني أكسيد وإلا سيتعين علينا إنهاء مشاريع التعويض هذه".
لا زالت هذه المشاريع قائمة بفضل بلاد مثل ألمانيا، ولكن لا يزال يتعين على ألمانيا أن تضع في نهاية الأمر صيغة واضحة لحساب هذا الأمر ضمن إنجازات ألمانيا. وبالمقابل لا يجب على رواندا حساب تخفيض هذه الانبعاثات ضمن إنجازاتها، وإلا فإن نفس هذه القيمة ستحسب مرتين.
وهنا يكمن جوهر المسألة بالضبط: فبعض البلدان مثل البرازيل تريد أن ينسب الفضل إليها في مثل هذه المشاريع. وإذا لم يتم تطوير قواعد واضحة في غلاسكو، فإن " توحش نظام الغرب" قد يكون مهددا للدول الأخرى، كما يخشى ديفيد رايفيش، خبير المناخ في المجموعة البيئية الألمانية "جيرمان واتش"، في مقابلة مع DW. ولذلك يدعو رايفيش إلى الشفافية قبل كل شيء: فهذه المشاريع ينبغي أن تظل قادرة على أن تجلب أثرا مناخيا إضافيا في البلدان الفقيرة، يقول خبير المناخ.
لا خلط بين الأهداف والمشاريع
وغالبا ما يكون لدى البلدان الفقيرة أهداف مناخية بسيطة جدا، مثل توسيع نطاق الطاقات المتجددة. ومن ثم فإن مشروع مواقد أو أفران صديقة للبيئة مثل المشروع الذي يقام في رواندا سيكون إنجازا إضافيا ويمكن الاعتراف به. رايفيش مقتنع "أن الفقرة 6 يمكن أن تلعب بالتأكيد دورا إيجابيا في حماية المناخ إذا كان ذلك يعني إدخال تكنولوجيات إلى بلدان نامية ليست جاهزة بعد للمنافسة. وبالتالي فإن دولة غنية مثل ألمانيا سوف يتاح لها الفرصة لبذل المزيد من الجهد من أجل حماية المناخ أكثر مما هو منصوص عليه في هدفها الوطني للمناخ".
وأضاف خبير المناخ "لكن عما إذا كانت جميع الدول ترى الأمر على هذا النحو، فهو سؤال مفتوح. فعملية إصلاح أو تبييض الخطيئة البيئية عبر "بعض الحيل والحسابات المعقدة" قد يكون أمرا مغريا لبعض الدول". ويضيف "نحن في جيرمان واتش قلقون للغاية من أن تتضرر سلامة اتفاق باريس إذا لم تتم صياغة الأحكام بشكل صحيح". ويبقى فقط جوهر المعاهدة، والذي يؤكد على ضرورة مساهمة جميع الدول في حماية المناخ.
التعاون هو الحل
ولهذا السبب فإن خبيرة المناخ في منظمة السلام الأخضر في ألمانيا، ليزا غولدنر، لا تعلق الكثير من الآمال على الفقرة السادسة، إذا تمت صياغتها بطريقة غير صحيحة. وفي حديثها إلى DW، تؤكد غولدنر على أهمية التعاون الدولي من أجل تحقيق هدف الوصول إلى الدرجة 1.5 وتقول: "يجب على الدول أن تعمل معا للتغلب على أزمة المناخ معا. ويتعين على البلدان الغنية أن تدعم البلدان الفقيرة بمساعدة التمويل المناخي. وهي تحتاج إلى تبادل للتكنولوجيا والمعلومات، وبهذه الطريقة وحدها يمكن أن ينجح التخلص التدريجي من الفحم والنفط والغاز وإعادة هيكلة الاقتصاد الصديقة للمناخ بسرعة كافية. فما لا نحتاجه هو سوق عالمية للكربون".
وقد تم وضع الأحكام الواردة في المادة 6 أساسا لدعم الجنوب الفقير بأموال إضافية من الشمال، وليس للتعويض عن الأهداف المناخية ذات الصلة، التي لا يزال يتعين على كل بلد تحقيقها بنفسه، كما تحلل غولدنر: "التعويض لا يعني أكثر من أن كبار الملوثين يدفعون لشخص آخر للحد من الكربون أو إزالته من الغلاف الجوي، بينما هم أنفسهم يستمرون في ضخ الكربون في الغلاف الجوي. التعويض هو النفاق. التعويضات هي حيلة الميزانية العمومية التي يريد كبار الملوثين استخدامها ككبش فداء".
لم يفقد خبير المناخ في جيرمان واتش ديفيد رايفيش الأمل في التوصل إلى اتفاق في غلاسكو حول القضية الصعبة المتمثلة في اعتماد مشاريع المناخ. وفي السنوات الأخيرة، عانى النقاش بشأن البند 6 من معاهدة باريس من حقيقة أنه لم ينجز سوى القليل جدا من الأعمال التحضيرية في الفترة التي سبقت الاجتماعات السنوية المعنية بالمناخ من أجل التوصل إلى حل متماسك. ولكن هذا يختلف الآن في ظل الرئاسة البريطانية لمؤتمر المناخ في غلاسكو. وسوف يتضح ما إذا كان رايفيش على حق في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، عندما ينتهي مؤتمر المناخ في غلاسكو بالتوصل إلى اتفاق من عدمه.
ينس توراو / علاء جمعة