لهذه الأسباب أقصي بطل العالم من يورو 2016!
٨ يوليو ٢٠١٦15 دقيقة فقط كانت المدة التي سيطر فيها الفريق الفرنسي على مجريات مباراة نصف النهائي لبطولة يورو 2016 أمام المنتخب الألماني التي أقيمت على ملعب مارسيليا مساء الخميس (السابع من يوليو/ تموز 2016). ومع ذلك خرج منتخب الديوك فائزا على أرضه ليضرب موعدا جديدا مع جمهوره يوم الأحد القادم في النهائي الذي سيجمعه بنظيره البرتغالي على ملعب سان دوني بالعاصمة الفرنسية باريس.
في المقابل وبعد واحدة من أفضل مبارياته في هذه البطولة، يجد المنتخب نفسه يودع البطولة وعوض الاستعداد للنهائي كما كان كان يطمح، يعود اليوم الجمعة إلى بلاده على متن طائرتين خاصتين تابعتين للاتحاد الألماني لكرة القدم.
ومن المؤكد أن لاعبي المانشافت ومشجعيهم على حد سواء بحاجة إلى مدة طويلة لتخطي حالة الذهول التي خيمت على الجميع. ولعلّ تقاسيم وجه المهاجم توماس مولر، بشخصيته المرحة التي تشيع الابتاسمة لدى جيرانها حتى أن مدير المنتخب أوليفر بيرهوف قال عنه قبل يومين أنه "بحث عن معنى مصطلح الهدوء في المعجم فوجد صورة لمولر"، كان الأكثر تجسيدا لحالة الصدمة التي يعيشها المنتخب بعد الهزيمة أمام فرنسا (2-0).
"الجهد الكبير الذي قمنا به طيلة البطولة ذهب سدى، خرجنا في النهاية خاليين الوفاض"، يقول مولر بنبرة ممزوجة بالقهر. وفي الحقيقة هكذا هو عالم كرة القدم، الكلمة الفصل فيه للأهداف أما الباقي فيبقى تفاصيل. إنه أول الدروس الكروية الذي كان على لاعبي المانشافات إنعاش ذاكرتهم بها يوم أمس، أما الأسباب فهي كثيرة.
مباراة إيطاليا
في الحقيقة كلّفت موقعة إيطاليا في ربع نهائي البطولة والتي فاز فيها المنتخب الألماني في ضربات الترجيح ثمنا أكبر بكثير مما كان المدرب يواخيم لوف يتوقعه هو نفسه. وذلك ليس فقط على مستوى الإصابات التي لحقت بعناصر أساسية كالنجم سامي خضيرة وماريو غوميس أو الإيقاف الذي فرض على المدافع الرهيب ماتس هوملز، وإنما لأن الجهد الذهني الهائل قبل البدني للاعبين الألمان طيلة 120 دقيقة إضافة إلى دراما ضربات الترجيح في مباراة إيطاليا سلبت للألمان آخر طاقاتهم الدفينة، حتى وإن كان لوف قد رفض الإقرار بذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقد بعد المباراة.
والجهد الكبير الذي كلفه الفوز على إيطاليا كان سببا رئيسيا لتفسير الأخطاء الدفاعية الرهيبة التي قام بها الكبار قبل الصغار بالمانشافت والذين قدموا لهدّاف البطولة أنطوان غريزمان هدفين محققين على طبق من عشب.
للمفاجأة أن المخضرم باستيان شفاينشتايغر كان الأسوء حظا من الجميع، فرغم كفاءته العالية واستماتته الكبيرة في تلك المباراة استهل سلسلة الأخطاء الدفاعية عبر لمس الكرة باليد في منطقة الجزاء أثناء التحام في الهواء مع باتريس إيفرا، احتسبها الحكم في اللحظات الأخيرة كضربة جزاء، ليقوم نجم أتلتيكو مدريد بما تبقى ويدك شباك مانويل نوير.
وقبل 18 دقيقة من نهاية المباراة، يعود شفاينشتايغر ليرفع رصيده من الأخطاء تاركا لغريزمان مساحة تكفيه لهز شباك نوير مجددا. غير أن مسؤولية الهدف الثاني لا تقع على عاتق شفاينتايغر وحده وإنما يتقاسمها مع الموهبة الصادعة يوشوا كيميش حين أفلتت منه الكرة، قبل أن يواصلها بول بوغبا عرضية باتجاه شباك مانويل نوير. تماما كما يتقاسمها مع عملاق المانشافت مانويل نوير الذي أخفق في صد عرضية بوغبا لكونه فضل بالخطأ يده اليسرى على اليمنى لتسقط الكرة بأرجل غريزمان والباقي بات معروفا.
ومن باب الإنصاف يجب القول أيضا أن الوضع النفسي للاعبي المانشافت اهتز بشكل أكبر بسبب إصابة جيروم بواتينغ الذي خرج في الدقيقة 61 فدخل شرودان مصطافي بدلا عنه.
ألمانيا بحاجة إلى مهاجم
كشفت مباراة أمس أمام فرنسا الحاجة الملحة للمنتخب الألماني لمهاجم خطير يستفيد من قوة خط الوسط وينفذ اللمسة الهجومية الأخيرة بما في ذلك إحراز الأهداف. إلى غاية اللحظات الأخيرة بقي المدرب يواخيم لوف يراهن على صحوة توماس مولر هداف مونديال جنوب إفريقيا برصيد عشرة أهداف. إيمانه بمولر كان قويا، لكن الأخير فشل في ترجمة فرص كثيرة ليس فقط أمام ألمانيا وإنما طيلة البطولة.
غوتسه لم يكن أفضل حالا من مولر، ليظهر بوضوح الفراغ الذي تركه ماريو غوميس. الأسطورة البافارية أوليفر كان أثناء تحليله لمباراة يوم أمس على القناة الألمانية الثانية ZDF وضع أصبعه على الجرح حين قال "ألمانيا بحاجة إلى مهاجم، نقطة انتهى" منتقدا بذلك التوجه السائد في السنتين الأخيرتين لدى الاتحاد الألماني لكرة القدم للابتعاد عن الاعتماد على مهاجم صريح، خاصة بعد اعتزال ميروسلاف كلوزه.
ونظرة خاطفة إلى طبيعة المنتخب الألماني تثبت أن تشكيلة لوف تركز على لاعبين من نموذج ماريو غوتس ومسعود أوزيل ويوليان دراكسلر إلى غير ذلك من الأسماء، لكن لا أحد منهم كان قادرا على تعويض ماريو غوميس على الأقل ضمن الخيارات التي لجأ إليها لوف، ولهذا عجّت مواقع التواصل الاجتماعي بعد المباراة بانتقادات شديدة لأن المدرب لم يشرك لوكاس بودولسكي في مباراة أمس.
الحكم ريتسوني
كان الحكم الإيطالي نيكولا ريتسولي من بين العناصر المؤثرة في مباراة ألمانيا وفرنسا، وتسببت ضربة الجزاء التي احتسبها للديوك بسبب لمسة يد شفاينشتايغر في منطقة الجزاء جدلا واسعا بين المحللين الرياضيين.
ففي الوقت الذي اعتبر أوليفر كان أنه قرار صائب لا غبار عليه، وجه الصحفي الألماني المعروف فالدمان هارتمان انتقادا شديدا للحكم الإيطالي، معتبرا أن قرارا كهذا "يستلزم درجة عالية من اليقين". في حين أن الصور التي التقطتها كاميرات الملعب تثبت أن ريتسولي كان بعيدا عن مكان الحدث وأنه من المستحيل أن يكون قد شاهد شفاينشتايغر من الزاوية التي كان بها وأن حكم التماس هو الوحيد الذي شاهد ذلك، وهذا لا يكفي وفق قوانين البطولة الجارية حسب هارتمان.
وفي الحقيقة كان الحكم على الأقل في دقيقة 44 قاسيا على الألمان، لكون أن حركة شفاينشتايغر عوقبت بضربة جزاء وبطاقتين صفراء (شفاينشتايغر، أوزيل).
ومهما اختلف تقييم المحللين حول أحقية ضربة الجزاء إلا أنهم أجمعوا أنه وعبر منح ضربة الجزاء مباشرة بعد نهاية الشوط الأول في نصف نهائي بطولة من هذا الحجم وعن خطأ من هذا النوع، يكون الحكم قد ساهم بشكل أو بآخر في سير المباراة.
وعزا الصحفي الألماني هارتمان في حوار للقناة الثانية ZDF "قسوة" ريتسولي إلى ما حدث قبل عامين، وتحديدا في نهائي مونديال البرازيل حين لم يحتسب فاول قام به مانويل نوير ضد مهاجم الأرجنتين وكان الأمر يقتضي منح الحارس الألماني البطاقة الحمراء وطرده من الملعب مع احتساب ضربة الجزاء للأرجنتين وهو ما لم يقم ريتسولي آنذاك، وحسب هارتمان أراد الحكم محو تهمة "تفضيل" الألمان التي لاحقته سنيتن.