لماذا يلجأ البعض لتجريم الضحية بواقعة التحرش بجامعة القاهرة؟
٢١ مارس ٢٠١٤"ملابسها كانت خارجة عن المألوف"، بهذه الكلمات برر رئيس جامعة القاهرة جابر نصار واقعة تحرش جنسي جماعي بحرم الجامعة ملقياً بالمسؤولية على الضحية. وقد تراجع نصار فيما بعد عن تصريحه واعتذر في بيان أصدره قائلاً إنه خطأ مرده الارتباك من خطورة ما حدث. تامر أمين، الإعلامي المصري المعروف على قناة روتانا مصرية، أيضاً ألقى باللوم على الفتاة في الواقعة المذكورة مشبهاً ملابسها بـ"ملابس الراقصات". تعليقات نصار وأمين ليست نظرة فردية بل تعكس في الواقع نظرة فئة ليست بالقليلة في المجتمع المصري تجاه وقائع التحرش. فدائماً السؤال الأول الذي يُطرح في المجتمع المصري عند ذكر واقعة تحرش "هي البنت كانت لابسة إيه؟".
"تبرير التحرش أبشع من الفعل نفسه"
"ما احنا برضه مكبوتين هنعمل ايه مايجوش في وشنا ويعملوا كدة"، تعليق قاله ضاحكاً محمد أ.، طالب بجامعة القاهرة، لـDW عربية حيث تم التحرش بالفتاة المذكورة. ويرى محمد أن بعض الفتيات يتعمدن إثارة الشباب بملابسهن ليتم التحرش بهن، مما يجعلهن سعداء في رأيه قائلاً جملة تسمع كثيراً في الشارع المصري "يا باشا هي عايزة كدة". نظرة لا تنم عن تفكير طالب جامعي متعلم على حد وصف رضوى م. الطالبة بنفس الجامعة. وتقول رضوى عن الواقعة لـDW عربية: "ما حدث بشع فمن المفترض أن نكون آمنين في جامعتنا على الأقل في مجتمع احترف التحرش لكن ما هو أبشع من الواقعة تبرير رئيس الجامعة فهو يشجع الطلاب على المزيد من تلك الأفعال".
لم يفوت النشطاء على موقع تويتر الموقف لإبداء آرائهم حيث غرد " : "@se3iidyالواد بتاع شفت تحرش اللي في جامعة القاهرة كان مع (المذيعة) لميس (الحديدي) بيدافع عن البنت اللي لابسه لبس (غير مناسب) ..عقبال أختك". أحمد رزق على النقيض من ذلك، وصف من يبرر للمتحرش بأنه "أقذر من المتحرش نفسه". فيما أضافت آثار العقاد تغريدة متسائلة: "هي ليه وزارة الداخلية متعملش إدارة عامه لمكافحه التحرش وتعين فيها أفراد شرطه بنات و ستات أو تفتح باب التطوع؟".
واقعة التحرش ليست الأولى في الحرم الجامعي
واقعة التحرش الجماعي بجامعة القاهرة هي ليست الأولى التي تحدث في الحرم الجامعي حسب كلام د. عزة كامل، الكاتبة ومؤسسة مبادرة شفت تحرش. وتقول كامل في حديث لـDW عربية: هناك واقعة حدثت في عام 2012 وحينها رفعت الفتاة قضية (أمام المحكمة) وحصلت على حكم على المتحرش بشهر سجن". ووصفت مؤسسة مبادرة شفت تحرش تصريحات رئيس الجامعة والإعلامي تامر أمين عن الواقعة بـ"السيئة للغاية"، لكنها أيضاً أثنت على اعتذار نصار فيما بعد، مؤكدة أنه أدرك أنه ليس من الممكن لأستاذ مثله أن يقول ذلك معتبرة اعتذاره شيئاً يحسب له.
أما عن تصريح أمين والتي شبه فيها ملابس الفتاة بـ"ملابس الراقصات" فاعتبرته كامل لا يليق بالمهنة الإعلامية وشرفها ويجعل الكثير يتجرؤون على تكرار الفعل. واعتبرت الكاتبة أن ما هو أكثر بشاعة من فعل التحرش هو تبريره وإدانة الضحية موضحة أن فئة كبيرة من المجتمع تتبنى هذا الفكر الأخلاقي واصفة إياه بـ"المنحط" على حد تعبيرها، فيما أكدت على أن تكرار مثل تلك الأفعال في الجامعات رغم تواجد الأمن يأتي لغياب السياسات واللوائح والقانون الذي يعاقب المتحرش مما يجعل حتى الأمن غير مكترث بمثل تلك الحوادث. وطالبت كامل بوضع سياسات في الإدارات الحكومية وغير الحكومية تجرم التحرش وكذلك تغيير المناهج التعليمية والحد من التعامل مع المرأة على أنها أدنى من الرجل. وطالبت مؤسسة "شفت تحرش" أيضا بوضع ميثاق شرف إعلامي يحترم المرأة وقوانين تجرم التمييز والعنف.
"تصريح أمين يعطي مبرراً لتكرار فعل التحرش"
تصريح أمين في برنامجه أثار استهجان الكثيرين لرؤيتهم فيه تحريضاً على تكرار حوادث التحرش. واتفق مع هذه الرؤية عضو هيئة تدريس كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية عبد الرحمن مجدي في حديثه لـDW عربية. ويرى مجدي وجوب معاقبة أمين جنائياً وإدارياً على تصريحه، حيث يرى فيه تجاوزاً إعلامياً وأخلاقياً. ويفسر وجهة نظره قائلاً: "ما قاله أمين يعتبر تحريضاً على تكرار الفعل وهذا الفعل قانوناً يعتبر جريمة مما يعني أنه يحرض على تكرار الجريمة مما يستوجب عقوبة جنائية". أما عن العقوبة الإدارية فيرى مجدي أن أمين يستحقها لعدم التزامه بدوره كإعلامي، فيما استبعد الخبير الإعلامي أن تتم معاقبة أمين بأي شكل "لأن محدش اتعاقب قبل كدة".
ويرى مجدي أن تصريح أمين سيعطي مبرراً للبعض خاصة ممن يتبنون نفس الفكر لتكرار الفعل، منوهاً أن الناس من الممكن أن تتأثر برأي إعلامي له اسم كأمين وتتخذ رأيه حجة. واختتم مجدي حديثه لـDW عربية قائلاً: "أمين ارتكب غلطة لا تغتفر فهو لم يبرر الفعل فقط بل استخدم أسلوبا لا يرقى ولا يتناسب مع إعلامي شهير مثله بل كان أقرب للغة الشارع".