لماذا تزداد الصراعات في العالم؟ خمسة حائزين على نوبل يجيبون
٢٧ سبتمبر ٢٠١٩يشهد العالم حروبا أقل مقارنة مع عام 2017، بيد أن هناك عددا أكبر من البلدان المتورطة في نزاعات. والحروب القائمة شهدت تصعيدا وهذه إحدى الاستنتاجات من الدراسات العديدة التي حاولت شرح ما هو غير مفهوم: لماذا نقتل بعضنا البعض؟
معهد هايدلبرغ لبحوث النزاعات الدولية أحصى في عام 2018 تراجعا في النزاعات المسلحة من 20 إلى 16 بالمقارنة مع السنة التي قبلها. لكن عدد "الحروب المحدودة" ارتفع في الفترة نفسها من 16 إلى 25. وتحت مفهوم "محدود" تعني الدراسة المواجهة التي لا تستعمل فيها الأطراف المتناحرة جميع الوسائل المتاحة لديها. وغالبية الحروب تتركز في منطقة محددة: سوريا والعراق وأفغانستان وليبيا ومصر وتركيا واليمن والسعودية.
تجارة السلاح تؤجج الحروب
وفي حديث مع DW على هامش القمة الـ 17 للفائزين بجائزة نوبل ببلدة يوكتان المكسيكية قالت الحائزة الإيرانية على نوبل للسلام شيرين عبادي إن السبب وراء استمرار الحروب هي تجارة السلاح الدولية التي تجني أرباحا هائلة من بيع الأسلحة، وبالتالي لا يوجد اهتمام بوضع حد لذلك. وأضافت عبادي أن نصف مجموع الأسلحة المنتجة في العالم يذهب إلى الشرق الأوسط.
وأكدت الحقوقية الإيرانية أن "المواجهات الأخيرة في المنطقة تعود للتطلعات السياسية للسعودية وإيران وتركيا وليس كثيرا لفقدان الهيمنة الغربية". وفي السنوات الأخيرة تدخلت إيران في شؤون لبنان وسوريا والعراق واليمن حيث مات أكثر من 90.000 مدني في غضون أربع سنوات في نزاع منسي تقريبا، حسب عبادي. وتنطلق الفائزة الإيرانية بجائزة نوبل للسلام من أنه في مستقبل منظور سيزداد عدد الحروب بالوكالة في الشرق الأوسط.
وتأتي القارة الأفريقية بعد العالم العربي أفريقيا كمنطقة تعمها الحروب في الغالب. فهناك جمهورية أفريقيا الوسطى وأثيوبيا ونيجيريا إضافة إلى الكاميرون وتشاد والنيجر في حربها ضد ميليشيا بوكو حرام الإرهابية ثم هناك الصومال وكينيا والسودان وجنوب السودان بحرب تسببت في 385.000 ضحية على الأقل. وبالنسبة إلى أمريكا اللاتينية تسجل دراسة معهد هايدلبرغ لبحوث النزاعات الدولية بلدا واحدا فقط في وضع حربي وهو المكسيك بسبب عنف عصابات المخدرات.
تحول المناخ والتهديد النووي
وبغض النظر عن الحروب هناك عوامل أخرى جديدة وقديمة تتسبب في حالة عدم الاستقرار. فالرئيس الكولومبي السابق، خوان مانويل سانتوس وكذلك الناشطة الأمريكية، جودي ويليامز يتفقان على أن تغير المناخ والتهديد النووي يشكلان عوامل خطر رئيسية على السلم العالمي. وانتقد سانتوس قائلا: "قادة الدول الذين ينبغي عليهم مثلا الاهتمام بحماية الغابة الاستوائية لا يفعلون ذلك".
وأكد الرئيس السابق سانتوس في حديث مع DW أنه "فيما يرتبط بالتهديد النووي توجد انتكاسات أكثر من تطورات"، مشيرا إلى تعليق العمل بالاتفاق النووي بين ايران والولايات المتحدة. أما جودي ويليامز فقد أثارت الجشع كعامل إضافي وراء انعدام الاستقرار، لأنه يتسبب في فجوة متزايدة بين الفقراء والأغنياء.
توترات جيو سياسية تزداد
"في السنوات الأخيرة ضعفت مكونات النظام الدولي التي تساهم في الاستقرار السياسي في الوقت الذي ازداد الفاعلون الذين يستخدمون العنف قوة"، كما قال الزعيم السابق للحكومة الإقليمية بشمال إيرلندا، ديفيد تريمبل. وكمثال على ذلك ذكر الأمم المتحدة: "اعتقدنا أننا سنأتي بالسلام العالمي، لكننا كما نشهد نحن مبتعدون عن ذلك كل البعد".
وعلل الفائز بجائزة نوبل والرئيس البولندي السابق، ليش فاليسا بأن "العائق الرئيسي في الطريق إلى السلام هو ثقل الماضي. يعني الآلام والظلم اللذين تمخضا عن التطور الاجتماعي في الماضي". وبالنسبة إلى فاليسا يكون هذا عاملا هاما يساهم في تنامي المد القومي والشعبوية في أوروبا.
ما وراء الحروب
وكان هناك إجماع واسع بين الحائزين على جائزة نوبل بأن الديمقراطية هي أفضل شكل حكومي لضمان السلام. لكن نموذج الديمقراطية الغربية بسبب المشاكل الداخلية فقد الكثير من بريقه وبالتالي لم يعد قادرا على فرض نفسه ضد السلطوية.
وإلى جانب النزاعات الحربية المشتعلة في العالم ثمة عامل آخر يتمثل في قمع السكان المحليين على غرار ما هو سائد في ميانمار أو الكوارث الإنسانية في فنزويلا. مع العلم أن هذه الأزمات لا يمكن تصنيفها كحروب، لكنها تسببت في أكبر عدد من المهجرين في التاريخ المعاصر. ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تكشف على موقعها الإلكتروني حاليا عن ثمانية نزاعات مسلحة وتقدر عدد المهجرين من أوطانهم بـ 71 مليون مهاجر. وهذا عدد مضاعف لما سُجل قبل 20 عاما ويتطابق مع عدد سكان تايلاند أو تركيا.
أيتور سايز/م.أ.م