لماذا تحتاج ألمانيا إلى وزارة للتعاون الدولي والتنمية؟
٢٥ أغسطس ٢٠٢٤أنفقت ألمانيا ما يقرب من 34 مليار يورو على المساعدات الإنمائيةالعام الماضي 2023. وبذلك فإنها تحتل المركز الرابع على صعيد حصة هذه المساعدات الحكومية من إجمالي عائدات الدولة. فقط النرويج ولوكسمبورغ والسويد تقدم حصة أكبر من عائدات دولها للبلدان الفقيرة. ومن بين الدول الصناعية الغربية الأكثر أهمية في مجموعة الدول الصناعية السبع، تأتي ألمانيا على رأس القائمة. غير أن تعثر الاقتصاد الألماني يجعل الأموال العامة شحيحة. على ضوء ذلك تتجادل أحزاب الحكومة حول مخصصات بنود الميزانية القادمة. ووفقًا للمسودة التي تم إعدادها بهذا الخصوص، سيتم تخفيض مساعدات التنمية بمقدار 940 مليون يورو في العام المقبل.
المساعدات الإنمائية ودعم التصدير
هل يعني هذا أن على سفينيا شولتسه، الوزيرة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية، أن تقلق بشأن سياسة التنمية الألمانية؟ تقول السياسية المنتمية إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي على هامش رحلتها إلى باكستان: "لا، لست قلقة من أن تتراجع هذه السياسة". وفي العاصمة إسلام أباد، وعدت الشركاء بتقديم المشورة بشأن الامتثال للمعايير الاجتماعية والبيئية. وهذا ما ينص عليه قانون سلسلة التوريد الألماني. وتضيف شولتسه: "ألمانيا دولة تصدير، لذا يعتمد الاقتصاد الألماني على الشراكات الجيدة والعلاقات طويلة الأمد، ونحن نوفر ذلك من خلال التعاون الإنمائي".
مكافحة الفقر وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان - هذه هي المبادئ التوجيهية للتعاون الإنمائي الألماني على حد تعبير الوزيرة شولتسه مضيفة بأن "ضمان ذهاب الأطفال إلى المدرسة وعدم اضطرارهم إلى العمل، ونمو الاقتصاد، وحماية البيئة أمور لا تقتصر أهميتها على البلدان المعنية فحسب، بل هي مهمة لنا في ألمانيا أيضًا".
انتقادات لمشاريع تنموية ألمانية
إلا أنه في الآونة الأخيرة ارتفعت أصوات متكررة تنتقد التمويل الألماني في الخارج. على سبيل المثال قيل إن الوزارة "تمول بناء مسارات للدراجات في بيرو. وادعى سياسيون معارضون أن ألمانيا قدمت 315 مليون يورو لهذا الغرض"، وقد ردت الوزارة على ذلك لتصحح وتقول بأنه "تم دفع 44 مليون يورو لتعزيز حماية المناخ والاستدامة" ولا يقتصر الأمر على انتقاد مشاريع التعاون الإنمائي الألمانية التي أصبحت موضع تشكيك وتساؤل متزايد في الآونة الأخيرة. فبعض السياسيين يطالبون حتى بإلغاء الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ) بالكامل. ويطالب الحزب الديمقراطي الحر، وهو شريك في الائتلاف الحكومي برئاسة المستشار أولاف شولتس، بدمج الوزارة في وزارة الخارجية الألمانية.
في هذا الشأن يرى كنوت غيرشاو، ممثل الحزب بلجنة التنميةفي البرلمان الألماني: "هذا أيضًا منصوص عليه في برنامجنا الانتخابي، وهذا ليس سرًا، فقد كان هذا مطلبًا دائمًا". ويرافق كيرشاو الوزيرة شولتسه في رحلتها إلى مصانع النسيج الباكستانية. ويؤكد غيرشاو في مقابلة لـ DW أنه لا توجد دولة أوروبية أخرى لديها وزارة تنمية خاصة بها.
الوزارة وأهمية الحضور على الساحة الدولية
كما أن الدول الصناعية الكبرى الأخرى مثل اليابان والولايات المتحدة الأمريكية ليس لديها وزارات تعاون دولي خاصة بها. ”هناك يتم القيام بمهام التنمية في الخارج عن طريق وزارات أخرى. ولكن إلغاء الوزارة في ألمانيا هدف طويل الأجل"، يقول غيرشاو ويأمل أن يؤدي الإلغاء إلى زيادة الكفاءة. هناك الكثير من الازدواجية ويمكن خفض الوظائف حسب تعبيره.
غير أن الوزيرة شولتسه تعارض الإلغاء وتقول: " ألمانيا على أي حال بحاجة إلى وزارة منفصلة"، وتضيف: "رأينا ما حصل في بريطانيا، فعندما ألغوا وزارتهم الخاصة، لم يعودوا حاضرين على الساحة الدولية". وترى الوزيرة أن هناك حاجة "لتمثيل مصالحك وقيمك على المستوى الدولي وهذا يتطلب أشخاصًا من ذوي الخبرة والتمثيل. وعليه لا يمكن ببساطة وضع كل شيء في وزارة الاقتصاد أو وزارة الخارجية أو وزارة المالية."
بدوره يؤكد يورغن كريتس من حزب الخضر على أهمية التعاون الإنمائي والمساعدات الإنسانية بشكل خاص في الأوقات المتوترة. ويرافق كريتس أيضا شولتسه في زيارتها إلى باكستان. وقال كريتس لـ DW: "في وضع عالمي متوتر بشكل متزايد، حيث يواجهنا لاعبون مثل الصين وروسيا على الساحة الدولية، من المهم أن نبقى في حوار مع الدول الشريكة، وأن نبقى على تعاون معها وألا نترك المجال للآخرين". إن وجود وزارة تنمية قوية ومستقلة يصب في مصلحة ألمانيا، "لأنها تمكننا من دعم نظام عالمي مستقر وجيد الأداء وآمن".
وكانت ألمانيا أول دولة في أوروبا تطرح سياسة التنمية في الخارج على طاولة مجلس الوزراء. وبدأت وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية عملها منذ عام 1961. وكان العامل المحرك للحكومة الألمانية في ذلك الوقت هو أنها هي نفسها تلقت مساعدات بالمليارات من الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب في شكل خطة مارشال. ويعتبر هذا الدعم أساس النهضة الاقتصادية لألمانيا.
أعده للعربية: م.ا