للمرة الثالثة على التوالي ... بلير يفوز في الانتخابات البريطانية
"ما أروع أن تفوز في انتخابات للمرة الثالثة على التوالي. أنا فخور جدا" بهذه الكلمات توجه رئيس الوزراء البريطاني القديم والجديد توني بلير صباح اليوم إلى الصحافيين. ووفقا لمصادر قنوات التلفزيون البريطانية فإن حزب العمال الذي يترأسه بلير سيحصل على 353 مقعدا في البرلمان من اصل 646 مقعد. أما حزب المحافظين الذي يترأسه مايكل هاورد فإنه سيحصل حسب آخر مصادر لجنة الانتخابات على 194 مقعدا، فيما سيحصل الليبراليون الذين عارضوا الحرب على العراق على 59 مقعدا.
العراق .....القضية التي لا تموت
صحيح أن بلير حاول في الحملة الانتخابية دائما التقليل من دور وقوف بلاده إلى جانب الولايات المتحدة في حربها على العراق، رغم رفض الشعب البريطاني لتدخل بلادهم في هذه الحرب ووضع الإنجازات الاقتصادية التي حققها حزب العمال في السنوات الأخيرة في خضم اهتمام الحملة الانتخابية، غير أن الحرب على العراق بقيت "القضية التي لا تموت"، حسب افتتاحيات كثير من الصحف البريطانية الواسعة الإطلاع في الأسابيع القليلة الماضية. وعلى الرغم من الجدل في بريطانيا بخصوص الحرب على العراق، إلا أن بلير وحزبه بقي في الحملة الانتخابية يحافظ على تقدمه، وذلك حسب معظم استطلاعات الرأي. وطالب توني بلير في الحملة الانتخابية المواطنين البريطانيين بتجاوز الخلافات بشأن الحرب على العراق والتركيز على إنجازات حكومته الاقتصادية. أما زعيم المحافظين مايكل هاورد الذي كان أيضا من المؤيدين لحرب العراق فقد اتهم بلير بالكذب بخصوص شرعية هذه الحرب.
مأزق المحافظين في اعتمادهم على قضية الهجرة
أيد المحافظون مثلهم مثل العمال الحرب على العراق ولهذا فإنه كان من الصعب عليهم لعب هذه الورقة الانتخابية واستخدامها ضد بلير وحزبه. وبما أن المواضيع الانتخابية التقليدية مثل الوضع الاقتصادي والبطالة وقوانين الضرائب حُسمت منذ بدء الحملة الانتخابية لصالح العمال، فقد لجأ المحافظون إلى البحث عن مواضيع انتخابية أخرى يستطيعون من خلالها صيد آخر أصوات الناخبين مثل مشكلة الهجرة واللجوء. في هذا الخصوص أشار مايكل هاورد رئيس حزب المحافظين إلى أن عدد المهاجرين في بريطانيا تضاعف أثناء حكم توني بلير، متهما حكومته بالتقصير في معالجة المخاطر الناجمة عن تدفق مهاجرين غير شرعيين وطالبي حق اللجوء إلى بريطانيا، على حد قوله. ووعد المحافظ في الحملة الانتخابية البريطانيين بتشديد قوانين التأشيرات وإجراءات العبور إلى الأراضي البريطانية، معتبرا قوانين الهجرة الأسترالية مثالا يحتذى به. ويلاحظ المراقبون أن ما يزعج البريطانيين هو أن هاودر لعب هذه الورقة لحسابات انتخابية بحتة، إذ أن تاريخه الشخصي يتحدث لغة أخرى: مايكل هاورد هو ابن مهاجر يهودي من أصل روماني وما زالت تربطه علاقة دافئة بديانة أبيه. كما أن جدته لقيت حتفها في معسكر إبادة نازي.
ولكن في الانتخابات البريطانية لا يدور الحديث فقط عن قضايا تتعلق بالسياسة الخارجية مثل الحرب على العراق أو عن الثقة أو الكذب أو الحقيقة، بل أيضا عن "المعجزة الاقتصادية البريطانية"، إذ أن الانتعاش الذي يشهده الاقتصاد البريطاني منذ سنوات هو دون شك من إنجازات حزب العمل الذي يترأسه بلير. أما المحافظون فإنهم يعتبرون أن الانتعاش الاقتصادي في بريطانيا قد بدأ في عام 1993، أي قبل أربع سنوات من وصول حزب بلير إلى الحكم.
ناصر جبارة