لبنان في مرآة الصحافة العربية والعالمية 24 يوليو/تموز 2006
٢٤ يوليو ٢٠٠٦صحف عربية
في صحيفة الشرق الأوسط يسائل عبد الرحمن راشد عن ماهية الشرق الأوسط الجديد الذي أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس عن ميلاده:
شرق أوسط: قديم أو جديد؟
"لا أدري لماذا صار السياسيون مغرمين مثل العسكر بإطلاق المسميات على كل عملية ينوون القيام بها. فالوزيرة كوندوليزا رايس سمت ما تظنه بمتغيرات آتية بأنها تمثل الشرق الأوسط الجديد. فهل نحن راحلون الى منطقة أخرى ام أن شعوبا أخرى قررت مشاركتنا او أي جديد ترمي اليه الوزيرة؟ هي تظن ان معركة بين حزب الله واسرائيل، اجمالي السكان للجانبين فيها ستة ملايين فقط، ستغير منطقة فيها اكثر من مائتي مليون. اشك، بل أجزم، انها لن تؤدي الى أي تغيير. سيهزم حزب الله لزمن قصير ثم يعود الى بناء كوادره من جديد طالما ان توازنات المنطقة لم تتغير. إسرائيل خسرت حصانتها الدفاعية بعد ان قصفتها اسراب الصواريخ، ومع هذا ستظل تفكر في معالجة مشاكلها مع جيرانها العرب باستخدام العصا الغليظة عوضا عن القبول بالحل السلمي المبني على قرارات مجلس الأمن. ايران تملك اليوم مداخيل مضاعفة من مبيعات النفط بأسعار عالية تسهل عليها تمويل مشروعها النووي وحلفها الإقليمي وعشر مغامرات عسكرية أخرى. اذاً ما الجديد في الشرق الأوسط الجديد؟ مجرد اسم آخر سبقته أسماء مماثلة. فقد سبق ان اعلن وطرح رسميا مشروع انمائي وسياسي سُميَّ الشرق الأوسط الكبير مطلع عام 2004 لكنه لم يُبْحِرْ بعيدا لأن كل دولة ظنته محاولة لتغيير أوضاعها، وبعضها رأت فيه حصان طروادة لإدخال اسرائيل. الآن تعجلت الوزيرة كوندوليزا فأطلقت على ما تشاهده عبر التلفاز بالشيء الجديد، مرحبا بالشرق الأوسط الجديد، ومعلنة انه لا عودة للشرق الأوسط القديم. حسنا لو كانت المنطقة موقفا لسيارات الأجرة لكان الأمر هينا حيث بإشارة يد يسهل أن تودع واحدة وتستقل أخرى. فهل رأى أحدكم ان المنطقة تغيرت لأن عشرة آلاف صاروخ أطلقت على مساحة طولها مائة كيلومتر؟ لا شيء على الإطلاق تبدل، بل ان الهجوم الإسرائيلي عزز عقلية الشرق القديمة الصدئة التي تهلل للحروب وتفاخر بالهزائم."
وتحت عنوان "مطلوب نصر إسرائيلي بأي ثمن" وضع عبدالوهاب بدرخان الإستراتيجية الأمريكية لإخراج حزب الله من المعادلة السياسية وعواقبها تحت مجهره التحليلي:
"لا تنفك المهلة الأميركية الممنوحة لإسرائيل تتمدد وتتقلص، بين أسبوع وأسابيع، بل هناك من يقول ان المهلة غير محددة، والمهم أن تتمكن إسرائيل من تحقيق «نصر» يسمح لكوندوليزا رايس بأن تطرح شروط وقف اطلاق النار. ومن أجل هذا «النصر» قد تضطر واشنطن لتوفير أنواع أخرى من الصواريخ والقذائف، إضافة الى تلك «الموجهة» أو «الذكية» التي قدمتها اليها دعماً لمعركتها الحالية.
كل هذا التدمير والتقتيل، كل هذا الاستهداف المباشر والمتعمد للمدنيين، كل هذا القصف الأعمى بما في ذلك لمعدات الارسال التلفزيوني والاتصالات الهاتفية، لم يحقق حتى بداية لـ «النصر» المرتقب. إذاً، لا بد من الارتقاء بمستوى النار ونوعيتها وقوتها. لم يبق أمام الأميركيين والإسرائيليين إلا هذا الخيار، ولعلهم لن يفوتوا الفرصة طالما أنهم تورطوا. وفي خضم هذا التورط، وإزاء «نصر» يبدو مكلفاً على افتراض انه سيتحقق، لا بد أن يفكر الأميركيون والإسرائيليون في الخيارات الأخرى، مثل تركيز الضغوط على سورية لتضغط بدورها على «حزب الله»، أو التعويل على الداخل اللبناني كي يبدأ «محاسبة» مبكرة لهذا الحزب مع ما تنطوي عليه من احتمالات تقاتل وتصادم سيتسببان بإرباك مؤكد للمقاومة.
ويتابع الكاتب تحليله:
"رفعت اسرائيل سقف أهدافها من هذه الحرب، فأغرت المعسكر الغربي بأنها إزاء «نزهة» جديدة في لبنان وستكبّد الايرانيين هزيمة أولى في الحرب على ترسانتهم النووية التي لم تتحقق بعد. لذلك نالت التشجيع والتأييد الكاملين، لكن الأكيد أنها أخطأت في الاسلوب، والمؤكد أنها أخذت المصفقين الغربيين الى مواجهة لم يقدروا في البداية انها ستكون على هذا القدر من القذارة والوحشية. لذلك تساءل جاك شيراك «ببراءة»: هل هناك نية لتدمير لبنان؟ ما استلزم إرضاءه بـ «ممر للمساعدات الانسانية»، لكنه ممر لا يزال وهمياً، وفي المقابل استمر عسكر دان حلوتس في ارتكاب مجازر يومية، ينذرون المدنيين بوجوب النزوح، وإذ يتجمعون للمغادرة تغير عليهم الطائرات. أما وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني كيم هاولز فقال في بيروت: «هذه ليست ضربات دقيقة التصويب (...) إذا كانوا (الاسرائيليون) يطاردون حزب الله فيجب استهداف حزب الله وليس كل الشعب اللبناني». يبدو أن هذا الوزير أحرج رئيسه توني بلير، لكنه لم يقل أكثر من استنتاج بديهي قد يفقده منصبه في أقرب فرصة، اسوة بمن سبقوه في المنصب نفسه و «أخطأوا» بانتقاد اسرائيل. ولا شك أن كوندوليزا رايس انزعجت أمس من قول نظيرها الفرنسي فيليب دوست بلازي ان وقف اطلاق النار «ممكن». ولا بد ان رئيسها جورج دبليو بوش انزعج أكثر من دعوة البابا بنديكتوس السادس عشر الى وقف اطلاق النار فوراً و "السعي بمساعدة الأسرة الدولية الى فتح باب المفاوضات».
هذه الإشارات وغيرها الكثير في المعسكر الغربي تفيد بأن الحرب قد أفاضت بوحشيتها ولم تحقق في اليوم الثالث عشر أياً من أهدافها، فحتى أكثر الغربيين رغبة في ضرب «حزب الله» وايران وسورية لم يتصوروا أن هذا يجب أن يمر بتدمير الجسور والطرق والمرافق وتهديم البيوت على سكانها. مع ذلك يعتقد جورج دبليو ووزيرته انهما يستطيعان أن يقنعا دول المنطقة وشعوبها بأن في الجعبة الأميركية خطة جاهزة لإقامة سلام.الحرب تعتمد على الأكاذيب، لكن هذه كذبة غير موفقة أبداً"
صحف عالمية
وعن إرسال قوات دولية إلى المنطقة الحدودية بين إسرائيل ولبنان كتبت صحيفة لاستامبا الإيطالية:
"لدى الناتو الإمكانيات العسكرية والمصداقية السياسية، لكي يقوم بتنفيذ نفس المهمة في لبنان، التي ينفذها حالياً في أفغانستان، وهي المهمة الأوروبية المحفوفة بالمجازفة لحماية الديمقراطية في مهدها من خطر الميليشيات. إن عناصر طلبان تشكل للحكومة في كابول نفس الخطر، الذي تشكله مليشيات حزب الله لحكومة بيروت، فحزب الله وطالبان مجموعتان إرهابيتان تسعيان إلى إقامة الخلافة الإسلامية وهما على استعداد لتوظيف أي نوع من أنواع من العنف من أجل تحقيق أهدافهما. أما إذا كانت مهمة حلف الناتو في لبنان هي فرض احترام قرار الأمم المتحدة رقم 1559 أي ضمان سيادة لبنان وإنهاء التدخل السوري في الشئون اللبنانية ونزع سلاح حزب الله، فإن هذه المهمة لن تتحقق دون اتفاق موسع بين الأوروبيين والدول العربية المعتدلة كالأردن ومصر والمملكة العربية السعودية."
وعن استراتيجية إسرائيل العسكرية في لبنان كتبت صحيفة لوس أنجلوس تايمز معلقة:
"بعد أن قصفت القوات الإسرائيلية لبنان بكل قوة ودون توقف بات واضحاً أن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في لبنان لا تهدف إلى إنقاذ الجنديين المخطوفين أو إنزال العقاب بحزب الله. إن إسرائيل تقوم بإجراءات وقائية موسعة ضد حزب الله وممولته إيران. وهناك أدلة كثيرة على محاولات إسرائيل لتحسين موقفها في الصراع، حتى ولو استغرق ذلك أسابيع أو شهور أو سنوات، لكي تقوم بعدها بمواجهة المنشآت النووية الإيرانية."