مطالب بتسريع ترحيل طالبي اللجوء من شمال إفريقيا
١٩ يناير ٢٠١٦تسعى الحكومة الاتحادية إلى تسهيل عمليات ترحيل اللاجئين من الجزائر والمغرب إلى بلدانهم. وفي هذا الصدد قالت وزارة الداخلية الاتحادية إنها ستعطي تعليمات للمكتب الاتحادي للهجرة ليعطي الأولوية لدراسة طلبات اللجوء من هذين البلدين، حسبما أوضح متحدث باسم الوزارة في برلين. وبمقتضى هذا الإجراء سيتم إعادة الأشخاص الذين رُفضت طلباتهم في أسرع وقت إلى أوطانهم الأصلية. وحالياً، بدأت ولايتا بافاريا وبادن فورتمبيرغ في إيواء طالبي اللجوء من المغرب والجزائر في مراكز الترحيل. وسيمكث طالبو اللجوء المعنيين بالأمر في تلك المراكز حتى يتم البث في طلباتهم.
ارتفاع الأصوات بإعلان المغرب والجزائر وتونس كبلدان آمنة
وتعد هذه الخطوات كرد فعل من الحكومة الاتحادية للاستجابة لبعض الأصوات داخل ألمانيا، والتي تدعو حكومة برلين إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد طلبات اللجوء غير المبررة من البلدين. ويدعوا سياسيون ألمان، خصوصا المحافظين منهم، إلى إعلان المغرب والجزائر كدولتين آمنتين، سيرا على خطى قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي التي صادقت مؤخراً على هذا القرار. وقال الأمين العام للحزب بيتر تاوبر، إنه يتوقع أن يتخذ حليفهم في الحكومة، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، نفس الخطوة.
غير أن المتحدث باسم الحكومة الاتحادية، شتيفن زايبرت، تفادى الإجابة بشكل مباشر عن سؤال حول موضوع إدراج المغرب والجزائر كبلدين آمنين. وقال في هذا الصدد: "سنتحدث مع شركائنا الأوروبيين حول ما إذا كان مثل هذا التصنيف وارداً". وحتى في ألمانيا فإن تمديد قائمة البلدان الآمنة يندرج ضمن مسؤولية البرلمان، ويجب أن تتم الموافقة على ذلك القرار من قبل مجلسي البرلمان. فداخل مجلس الولايات الاتحادي لا توجد هناك أغلبية للحكومة الاتحادية وسيكون التحالف الحاكم في حاجة لدعم حزب الخضر. لكن زعيم الحزب، جيم أوزدمير، رفض الموافقة على ذلك المطلب، حيث يعتبر أوزدمير أن إدراج البلدين ضمن الدول الآمنة "لا يغير المشكلة الحقيقية التي تتجلى في رفض البلدان الأصلية لاستقبال مواطنيها".
ارتفاع عدد طلبات اللجوء من المغرب والجزائر
في الأشهر الأخيرة ارتفع عدد طالبي اللجوء من المغرب والجزائر وتونس بدرجة كبيرة. وكان عدد الطلبات من هذين البلدين في يونيو/ حزيران من العام الماضي حوالي 1215، وفي شهر ديسمبر/ كانون الأول من نفس العام كان عدد الطلبات 5192. ومع ذلك فهذه الدول لا تندرج في قائمة الدول العشر التي يأتي منها أكبر عدد من اللاجئين. وتركيز النقاش في الوقت الحالي على طالبي اللجوء من هذه الدول لا علاقة له بالأرقام الحقيقية لطالبي اللجوء، بل بأحداث ليلة رأس السنة في كولونيا وفي مدن أخرى، لأن من بين المشتبه بهم في عمليات التحرش بالنساء وأعمال السرقة هم من أصول مغربية وجزائرية، حسب الشرطة الألمانية.
وعندما تدرج دولة ما ضمن الدول الآمنة يتم دراسة طلبات اللجوء في أسرع وقت ممكن، ولا يتم الاستماع للحالات الفردية الخاصة. لكن الحق في تقديم طلب اللجوء من جديد يبقى متاحاً. ففي الخريف الماضي أدرجت ألمانيا عددا من الدول من غرب البلقان ضمن الدول الآمنة، ومنذ ذلك الوقت تراجع عدد طلبات اللجوء من هذه الدول بشكل ملحوظ.
الدول الأصلية لا تساعد في استقبال مواطنيها من جديد
ورغم أن ألمانيا تجمعها بالجزائر والمغرب وبتونس اتفاقية لاستقبال أصحاب الطلبات الذين لم يتم قبولهم كلاجئين، ولكن عدم امتلاك طالبي اللجوء على وثائق تثبت الهوية يدفع سفارات تلك الدول في ألمانيا للقول "إنها ليست مختصة في إصدار أوراق جديدة، أو إنها غير قادرة على ذلك". وحاليا تريد الحكومة الاتحادية إقناع سفارات المغرب والجزائر وتونس بتسهيل عملية إصدار أوراق هوية جديدة للذين لا يملكونها. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية إن "هناك محادثات بناءة على نحو أفضل مما كان عليه الحال في الماضي" مع مسؤولي البلدين. في هذا السياق استقبل وزير الخارجية ألمانية نظيره التونسي خميس الجيهناوي هذه الأيام، حيث يتوقع المراقبون أن يتطرق الجانبان إلى ملف اللاجئين المرفوضين وحث الجانب التونسي للتعاون مع ألمانيا بشأن قبول تونس لعودة هؤلاء إلى بلدهم.
ومن بين السيناريوهات المتداولة الآن هو منح طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم أوراق مرور داخل الإتحاد الأوروبي، وهي الأوراق التي تمنح للذين لا يحملون أي جواز سفر، كجواز سفر بديل ومؤقت يتم إصداره من قبل السلطات الأوروبية. وإلى حد ألان ترفض المغرب والجزائر الاعتراف بهذه الأوراق، وتطالب ألمانيا بتقديم أدلة على أن طالبي اللجوء الذين لم تقبل طلباتهم هم مواطنوها فعلا.
ومؤخرا قال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إن المفاوضات مع مسؤولي الدولتين للوصول إلى حل ستكون عسيرة. ومن جانبه طالب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، زيغمار غابرييل، خفض المساعدات الإنمائية التي تمنحها ألمانيا للمغرب والجزائر، في حال عدم تعاونها في استقبال مواطنيها الذين رفضت طلباتهم. غير أن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية رفضت الاستجابة لذلك الطلب. وفي هذا الصدد قال متحدث باسم الوزارة "هدفنا هو تعزيز التنمية في هذين البلدين وليس المساهمة في زعزعة استقرارهما".
هل الجزائر والمغرب بلدان آمنان فعلا؟
ومن بين المسائل الخلافية الأخرى هو ما إذا كان تصنيف المغرب والجزائر كدولتين آمنتين له ما يبرره على أرض الواقع. فالجزائر على وجه الخصوص، تشهد إجراءات تعسفية تمارسها الدولة بشكل يومي. وحسب تقرير صادر من منظمة العفو الدولية ف"الاحتجاجات العامة يتم التصدي لها في الغالب بالعنف، كما أن وسائل الإعلام التي تنتقد للحكومة والنقابات والناشطين يتعرضون لمضايقات".
فالوضع الأمني على الأقل في الجزائر متوتر، ومن حين لآخر تشهد البلاد هجمات إرهابية وعمليات خطف للمواطنين الجزائريين وأيضا للأجانب. ففي أجزاء مختلفة من البلاد تنشط عدة جماعات إسلامية، بما في ذلك تلك التي أعلنت ولاءها لتنظيم "الدولة الإسلامية". ففي شهر سبتمبر/ أيلول من عام 2014، خطفت المجموعة مرشدا سياحيا جبليا فرنسي الجنسية. وبسبب الوضع الأمني الداخلي في الجزائر فإن وزارة الخارجية الألمانية تنصح مواطنيها ب"الحذر الشديد" عند السفر إلى الجزائر.
وفيما يتعلق بالمغرب، فعلى الرغم من أن الوضع السياسي والاقتصادي يعتبر مستقراً، وتتمتع وسائل الإعلام بالحرية، إلا أن الاحتجاجات السلمية التي يشهدها البلد من حين لآخر تواجَه جزئيا بالقوة، كما أن بعض منتقدي النظام المغربي وبعض المشاركين في تلك الاحتجاجات يتعرضون ل"محاكمات جائرة"، حسب تقرير المنظمة الحقوقية "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها الصادر في العام الماضي.
وبدورها أشارت منظمة العفو الدولية في تقرير لها صدر في مايو/ أيار من العام الماضي، إلى وجود حالات تعذيب تقوم بها قوات الأمن المغربي، بما فيه العنف الجنسي وأسلوب محاكاة الغرق، لانتزاع الاعترافات، ولدفع النشطاء، والطلاب، وأعضاء الجماعات إسلامية، أو الجماعات اليسارية إلى التزام الصمت.