"لا يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأبد"
١٩ أغسطس ٢٠١٠لقد حان الوقت كي تغادر القوات الأمريكية القتالية العراق. بوصفي عراقياً أجد أن هذه الخطوة ذات أهمية كبيرة لإعادة أواصر التعايش السلمي بين الطائفتين الرئيسيتين في العراق، الشيعة والسنة، فقد كان الوجود الأمريكي سببا مهما في تحطيم هذه الأواصر الرابطة بينهما.
وطالما كان وجود القوات الأمريكية حجة لتنفيذ الكثير من الهجمات الإرهابية. وبعد كل هجوم يروح ضحيته المدنيون العراقيون البسطاء في المستشفيات والمدارس والأسواق إضافة إلى الشرطة والجيش، يكتب منفذو هذه الهجمات على صفحات الإنترنت فيما بعد: "الصليبيون كانوا الهدف من هذه العملية البطلة!"
إن انسحاب القوات الأمريكية من العراق يمكن أن يؤثر إيجابياً في إعادته إلى محيطه العربي، فالكثير من الدول العربية ابتعدت عن العراق بعد حرب 2003، بسبب كونه واقعاً تحت الاحتلال الأمريكي، ولسبب آخر يتمثل في المخاوف من نفوذ إيران الشيعية في بلاد الرافدين. وإن إعادة العراق إلى محيطه العربي بقوة يمكن أن يشكل ثقلاً موازناً مهماً للنفوذ الإيراني في المنطقة.
صحيح أن موجة العنف الأخيرة في العراق كانت مرعبة، لكنها توضح في الوقت نفسه أن القوات الأمريكية باتت منذ الآن تعمل على تحسين الوضع الأمني المتردي في البلد بشكل أقل مما يُعتقد عموماً. فقد انسحبت من المدن العراقية، التي يمزقها الإرهاب، منذ نهاية حزيران/ يونيو من العام الماضي. وعملياً كان أمام قوات الأمن العراقية خلال هذه الفترة عام كامل للتأقلم مع تحديات الوضع الأمني.
هناك خشية من حدوث انتكاسات في هذا الوضع، وضرورة لحل الصراعات السياسية، ومخاوف من أن الجماعات الإرهابية الممولة من الخارج لن تستلم بسهولة، كل هذه تعد أكبر التحديات أمام العراق في فترة ما بعد وجود القوات الأمريكية. نعم، كل هذا صحيح: فالنخبة السياسية في العراق لم تصل بعد إلى النضج المطلوب. لكن في الوقت نفسه توجد إشارات قوية على أن مختلف مكونات الشعب العراقي وأحزابه ستصل في نهاية المطاف إلى التوافق المطلوب. على أي حال من الأحوال فأنا على قناعة تامة من أنه لا يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأبد. يجب على العراقيين الآن أن يتغلبوا على هذه التحديات وحدهم.
عماد مبارك غانم
مراجعة: هشام العدم