كيف يمكن أن تصبح "سائح لقاحات" في دبي؟
١٨ مارس ٢٠٢١ما لم تكن لديك علاقات شخصية مع أفراد من الأسرة الحاكمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، فمن غير المحتمل أن تكون قادرا على إضافة اسمك إلى قائمة الانتظار للحصول على لقاح COVID-19 أثناء قضاء إجازتك في دبي .
عندما اتصلت DW بأحد وكلاء السياحة والسفر الألمان للسؤال عما إذا كان من الممكن قضاء عطلة في الإمارات تشمل الحصول على اللقاح هناك، قال "إن الأمر لا يعدو كونه دعاية إعلامية" و"لا توجد سياحة لقاحات في دبي، على الأقل في الوقت الحالي".
يقول أحد العاملين في القطاع السياحي في دبي "إن المقيمين في الإمارات فقط يمكنهم الحصول على التطعيم".. "نحن فقط ننظم العطلات هنا. لكن يمكنني أن أعطيك رقم هيئة الصحة في دبي ويمكنك أن تسألهم".، فيما قال وكيل سفريات في لبنان لـ DW: "يمكنني حجز رحلة الطيران والفندق ولكن ليس لدي أي فكرة عن التطعيم".
بدأ التطعيم ضد كورونا في دبي، أكبر الإمارات السبع التي تتكون منها دولة الإمارات العربية المتحدة، في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي. بحلول منتصف شهر مارس/ آذار، قامت الإمارات بتلقيح أكثر من 60 بالمائة من سكانها البالغ عددهم حوالي 10 ملايين نسمة. الأمر الذي يعني أن الدولة الخليجية لديها واحدة من أسرع عمليات التطعيم في العالم، فيما صرح المسؤولون في دبي أنه بحلول نهاية عام 2021 سيكون كل سكان البلاد البالغين قد حصلوا على اللقاح.
شروط الحصول على اللقاح
أعيد فتح دبي أمام السائحين في يوليو/ تموز عام 2020 . وقد ساهم قطاع السياحة شديد الأهمية بشكل مباشر بنسبة 11,5 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2019، لكن القواعد الآن واضحة، حيث يمكن فقط للمقيمين والمواطنين الحصول على التطعيمات هناك. يأتي ذلك رغم من التقارير الأخيرة المتداولة في وسائل إعلام دولية تفيد بأن النخب الثرية من خارج البلاد تمكنت من الحصول على التطعيم في الإمارات.
وكانت تقارير قد نشرت في فبراير/ شباط في صحف بريطانية قد أشارت إلى أن مقدم خدمات الكونسيرج الراقي في المملكة المتحدة "نايتسبريدج سيركل" (وهي التي تقدم خدمات العناية الفائقة بالعملاء وكل ما يختص بالسفر والرحلات والإقامة الفندقية المتميزة)، يمكن أن تنظم عطلات فاخرة في دبي، تشمل الحصول على اللقاح.
عندما وجه الصحفيون أسئلتهم إلى نايتسبريدج سيركل، قالت الشركة إنها تقدم هذه الخدمات فقط للمقيمين في الإمارات العربية المتحدة، وإنها تمكنت من ترتيب عملية الحصول على لقاح سينوفارم للأجانب في دبي بتكلفة 10 آلاف جنيه إسترليني (حوالي 11640 يورو ، أو 13874 دولار) لكنها رفضت الإدلاء بمزيد من التفاصيل. واليوم، فإن البريطانيين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما مؤهلون للحصول على التطعيم في بلدهم، لذلك من الصعب معرفة سبب ذهابهم إلى دبي للحصول على التطعيم.
علاقات شخصية وأموال!
تصدرت عناوين أخرى عدداً من الصحف تحدثت عن مصرفيين ومديرين تنفيذيين ذوي علاقات قوية ونافذة، بل وحتى أفراد من العائلة المالكة الإسبانية سافروا إلى الإمارات العربية المتحدة وزُعم أنهم استخدموا علاقاتهم مع كبار المسؤولين أو أفراد من العائلة الحاكمة في الإمارات للحصول على اللقاحات. وشمل ذلك رئيس أكبر صندوق معاشات تقاعدية في كندا، مارك ماشين، الذي استقال في فبراير/شباط بعد أن تم تطعيمه في دبي على الرغم من نصيحة حكومته بعدم السفر.
وقد أثار سياسيون من الشرق الأوسط أيضا غضبا شعبيا بعد أن تم تطعيمهم في دبي. لكن هؤلاء عادة ما كانوا يحصلون على العلاج والأدوية لأنهم يحملون إقامة مزدوجة أو بسبب علاقاتهم مع جهات إماراتية رفيعة المستوى. وفي مارس/آذار، تم فتح باب الحصول على التطعيمات في دبي لأي شخص يبلغ من العمر 40 عاما أو أكثر، ويحمل تأشيرة إقامة في الإمارة.
الجدير بالذكر أن اللقاحات متاحة بالفعل لجميع مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة الذين تزيد أعمارهم عن 16 عاما؛ وهؤلاء لا يزيد عددهم عن مليون شخص لأن معظم سكان الإمارات هم من الأجانب.
في دبي، المدينة التي يزيد عدد سكانها عن 3 ملايين نسمة، هناك ثلاثة لقاحات مختلفة قيد الاستخدام حالياً: سينوفارم الصيني، وفايزر-بيونتك من ألمانيا، وأكسفورد-أسترازينيكا من المملكة المتحدة، وهي متاحة في 120 مركزا وعيادة للتطعيم.
في الواقع، فإن الطريقة الوحيدة المزعومة لمعظم الناس للحصول على اللقاح في دبي هي أن يكونوا من حاملي الإقامات. لكن هذا الأمر أصبح أكثر سهولة مؤخرا، بفضل حملة تشجع الأجانب على العمل عن بُعد من دبي لمدة عام.
الانتقال إلى دبي؟
"لماذا تبقى في المنزل بينما يمكنك العمل من دبي؟" .. كان هذا هو الشعار الموجود على المواد الدعائية للحملة - قبل أن يضاف إليها إمكانية العيش من دون ضرائب – ليضاف إليهما شعار "أنت مؤهل للحصول على تطعيم COVID-19 بما يتماشى مع برنامج الحكومة المطبق"، وهي الحملة الشاملة التي انطلقت في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي بهدف جذب المزيد من الأشخاص للعمل في الإمارات.
إذا كان دخلك يتعدى 5 آلاف دولار شهريا (حوالي 4200 يورو)، فيمكنك التقدم بطلب للحصول على تأشيرة صالحة لمدة 12 شهرا للعمل من دبي، وتبلغ رسوم الطلب 287 دولارا أمريكيا (حوالي 240 يورو).
على الرغم من أنه لم يكن لديه أرقام دقيقة، إلا أن متحدثاً في سلطة دبي للسياحة قال لـ DW إن الحملة كانت ناجحة للغاية، "لدرجة أنه كان هناك بعض التأخير في معالجة الطلبات المقدمة بسبب كثرة عددها"، مضيفاً أنه في الوقت الذي كانت تعمل فيه السلطات على تقليل الوقت اللازم لإنهاء الطلبات، فإن الأمر قد يستغرق ما يصل إلى أسبوعين لتلقي إجابة على الطلب.
إذا كان طلبك مستوفياً للشروط، فستتلقى أنت وعائلتك في النهاية بطاقات هوية تمنح للمقيمين، وهو ما سيتيح لك لاحقاً الوصول إلى برنامج التطعيم الإماراتي. ستحصل أيضا على تأشيرة دخول متعددة الاستخدام لدولة الإمارات العربية المتحدة حتى تتمكن من العودة إلى بلدك في أي وقت إذا كنت ترغب في ذلك.
نزوح جماعي للوافدين
قد يبدو هذا إلى حد ما شبيها بـ "سياحة اللقاحات". ولكن في الواقع فإن الحملة هي أحدث خطوة من جانب دبي لمحاولة جذب المزيد ممن غادروها للعودة إلى العيش فيها. هذا والغالبية العظمى من سكان دبي أجانب ترتبط إقاماتهم في كثير من الأحيان بعملهم هناك. لكن وبسبب فقدان الوظائف المرتبط بتفشي وباء كورونا، اضطر كثير من المقيمين الأجانب إلى مغادرة الإمارات. في هذا الشهر مارس/ آذار، أفادت وكالة ستاندارد آند بورز للتصنيف الإئتماني أن عدد سكان دبي قد انخفض بنسبة 8,4 بالمائة خلال عام 2020.
ومع ذلك، يعتقد خبراء قطاع السياحة والسفر أنها مسألة وقت فقط قبل أن تبدأ دبي - التي تسوق نفسها بالفعل كوجهة آمنة لقضاء العطلات - في استخدام قصة نجاحها مع لقاحات COVID-19 لإغراء الأجانب بالعودة إلى الإمارة. وتجدر الإشارة أيضا إلى أن السلطات الإماراتية قالت إنها تخطط لبدء تصنيع لقاح سينوفارم بنفسها خلال عام 2021.
عطلة تشمل اللقاح أيضا!
قال أولاف فاي، وهو وكيل سفر ورحلات ألماني يعمل في دبي وميونيخ، لصحيفة فرانكفورتر ألغماينه في نهاية الأسبوع الماضي عندما سُئل عن "سياحة اللقاحات": "بمجرد تلقي جميع السكان للقاحات سوف يتغير الأمر"، وأضاف: "إذا كانت السلطات هنا ذكية، فستستخدم اللقاح لتعطي السياحة دفعة قوية للغاية".
ويعتقد مصدر في قطاع السفر يعمل مع حكومة دبي أن "فاي" قد يكون على حق. وقال المصدر - الذي لم يكشف عن اسمه لأنه غير مصرح له بالتعليق - لـ DW: "في الوقت الحالي، لا يوجد هنا ما يمكن أن يطلق عليه سياحة اللقاحات"، مضيفاً أن "هذا لا يعني أنه لن يكون هناك شيء من هذا القبيل في وقت لاحق من هذا العام في مكان ما، لأن عملية تلقي اللقاحات تسير بوتيرة شديدة البطء في الاتحاد الأوروبي، وسيرغب الناس في الحصول على التطعيمات، ولن أفاجأ إذا حدث ذلك في النهاية وارتبط تلقي اللقاح بالسفر إلى دولة أخرى".
كاثرين شاير/ع.ح.