كنيسة كاثوليكية ألمانية تطلق حملة تبرعات للمساهمة في بناء مسجد
٢١ مارس ٢٠٠٧في بادرة فريدة من نوعها وتعكس روح التعاون والتعايش بين الأديان، تقوم كنيسة كاثوليكية في مدينة كولونيا الالمانية بجمع التبرعات للمساهمة في بناء مسجد في المدينة. فقد وقف القس فرانس مويرر عند مذبح كنيسة سان تيودور يوم الأحد الماضي 18 مارس/ آذار 2007 وقال للمصليين إن الأموال التي يجمعها ستخصص لبناء مسجد جديد وكبير في المدينة، كان يحدوه الأمل بعدم إحتجاج المصلين على هذه الدعوة، لاسيما بعد موافقة مجلس كنيسة سان تيودور الكاثوليكية ومجلس الأبرشية بالإجماع على هذه الخطوة. غير أن حادثة إقدام أربعة من الأتراك على ضرب رجل من ابناء المنطقة حتى أصيب بغيبوبة قبيل فترة قصيرة من توجيه الدعوة، دفع المصلين إلى التساؤل عن ضرورة هذا العمل الذي تقوم به الكنيسة. القس الكاثوليكي مويرر المعروف عنه التسامح والانفتاح على الآخرين وصاحب المبادرات الخيرية الجريئة، رد على أولئك المشككين بالقول "إننا ندعم العقلاء"، مؤكدا بأن دعوة الكنيسة ليست بالحمقاء كما يرى البعض. ويؤمن مويرر "أن مثل هذه الفكرة من شأنها تعزيز موقف المعتدلين". وتابع القس معددا ايجابيات التعاون بين الطوائف الدينية ومحذرا في الوقت نفسه من خطورة الانغلاق والانكفاء على الذات قائلاً لو أن كل شخص منا تقوقع في عالمه الخاص فسوف تتكون مجتمعات موازية غريبة عن بعضها البعض داخل المجتمع الواحد، وهو ما يشكل خطورة كبيرة، حسب تعبيره.
هدية الكنيسة للمسلمين "الحياة اخذ وعطاء"
الجدير بالذكر ان التبرعات التي تجمعها الكنيسة الكاثوليكية سوف تقدم للرابطة الإسلامية التركية، التي تعمل حاليا على بناء المسجد في منطقة ايرنفيلد بكولونيا. وفي هذا السياق وصف القس الكاثوليكي شيوخ هذه الرابطة بأنهم على قدر عال من الثقافة والعقل ويتمتعون بالمحبة والإنسانية وينجزون أعمالا جليلة من أجل الشباب "ونحن نتعلم منهم الكثير وهم أيضا يتعلمون منا". واضاف الكاهن الكاثوليكي قائلا عن المسلمين الذين يعيشون في مدينة كولونيا، التي تعد واحد من المراكز الرئيسية للكاثوليكية في ألمانيا "إنه لأمر طبيعي تماما أن نساعدهم". وذكًر مويرر الجميع بأنه عند بناء كنيستهم الجديدة قبل خمس سنوات قدمت لهم الكنيسة البروتستانتية في الحي هدية قيمة "والآن علينا في المقابل أن نمنح أحدا ما هدية أيضا "، انطلاقا من مبدأ "الحياة أخذ وعطاء"، حسب تعبير مويرر. ويضيف مويرر أن مجلس كنيسة سان تيودور الكاثوليكية ومجلس الأبرشية إتفقا على دعم إنشاء المسجد، الذي يقوم الان بوضع تصميمه نفس المهندس الذي صمم كنيستهم، كنيسة سان تيودور.
ومن المقرر أن تستمر حملة جمع التبرعات التي إنطلقت الأسبوع الماضي حتى يتم الانتهاء من بناء المسجد. ويبدى أعضاء حملة جمع التبرعات في الكنيسة حماسة منقطعة النظير ويشعرون بالفخر بهذا العمل مع كل مبلغ مالي يجمعونه. في هذا السياق قال ميشائيل بايتسولد، وهو يعد ما تم جمعة بعد صلاة الأحد "نحن فخورون جداً أن يصل مجموع ما استطعنا جمعه خلال صلاة الأحد إلى أكثر من 800 يورو"، مشيراً إلى أن هذا المبلغ يفوق ثلاثة أضعاف ما تم جمعه في كنيستهم خلال يوم واحد حتى الآن. وفي رد على سؤال حول شعورها وهي تقدم تبرعا لبناء مسجد، قالت سيدة كاثوليكية "لنا ديننا وللمسلمين دينهم لكننا في نهاية المطاف نعبد الها واحدا"
"خطوة رائعة وهدية لا تقدر بثمن"
من جانبهم ثمن المسلمون في الرابطة الإسلامية التركية هذه الخطوة من قبل الكاهن الكاثوليكي تثمينا عاليا، مشيرين بالدرجة الأولى إلى مغزاها وقيمتها المعنوية. وفي هذا الصدد اعتبر بكير البوجا منسق شئون الحوار في الرابطة التركية هذه الخطوة بأنها "رائعة وشجاعة" من جانب القس مويرر، لاسيما وانها تأتي في وقت يسود فيه التطرف اليميني والعداء للأجانب وللإسلام. وتابع البوجا قائلا إن هذه الهدية تفوق قيمتها المادية بكثير. وينظر كل من القس الكاثوليكي والمسئول التركي الى هذه المبادرة على انها بمثابة "عربون صداقة" وفاتحة لحوار مستمر بين الديانتين.
هذا ومن المخطط ان يكون هذا المسجد الجديد واحداً من أكبر مساجد المانيا. إذ من المقرر أن يشتمل على مئذنتين بارتفاع 55 مترا وقبة كبيرة، كما سيتسع صحنه لأكثر من ثلاثة آلاف مصل. وقد تشكل خطوة جمع التبرعات لبناء المسجد من ناحية أخرى رداً على الجهود، التي يبذلها حزب يميني شعبوي متطرف يدعي برو كولونيا (نصير كولونيا) لعرقلة بناء المسجد من خلال جمع توقيعات لرفع دعوى على بناءه، الجدير بالذكر أن سكان المنطقة لا يرون مصلحة لهم في هكذا دعوى، كما لا يبدون تجاوباً كبيراً مع دعوات هذا الحزب، وان كان لديهم مع ذلك بعض التحفظات على حجم المسجد وليس على بنائه من حيث المبدأ.