قلق من تحول مصر إلى بلد محاكمات سياسية للصحفيين
٣١ يناير ٢٠١٤عاد الجدل مجددا في مصر حول حرية الرأي والتعبير بعد أن تمت إحالة 20 صحفيا يعملون لصالح قناة "الجزيرة" القطرية من بينهم 16 مصريا و 4 أجانب، بتهم نشر أكاذيب تضر بالمصالح الوطنية وتقديم مساعدة لمصريين ينتمون إلى منظمة إرهابية بالإضافة إلى تهمة الانتماء لمنظمة إرهابية.
وكانت منظمات حقوقية رصدت أن السلطات المصرية تمارس إجراءات قمعية ضد وسائل الإعلام المؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين أوالتي تنتقد سياسة الجيش. سوازيغ دولي المسؤولة عن قسم الشرق الأوسط و شمال إفريقيا في منظمة "مراسلون بلا حدود" عبرت خلال حوار مع DW عربية عن قلقها الكبير مما آلت إليه أوضاع الصحافة وحرية التعبير في مصر منذ تسلم الجيش للسلطة، ملقية اللوم في ذلك على السلطات المصرية و القضاء الذي يفتقر إلى الاستقلالية. و أكدت الخبيرة الفرنسية أن خلق التغيير فيما يتعلق باحترام حرية التعبير ينبغي أن يبدأ من المصريين أنفسهم.
فيما يلي نص الحوار:
DW: كيف تلقيتم في منظمة مراسلون بلا حدود نبأ إحالة صحفيين إلى محكمة الجنايات في مصر بتهم من بينها نشر أكاذيب وتقديم مساعدة لمنظمة إرهابية؟
طبعا نحن استنكرنا هذا الخبر منذ أن توصلنا به وهو بالنسبة لنا إجراء خطير في حق حرية الإعلام والتعبير في مصر. وجزء من هذا القرار تحديدا يأتي ضمن سلسلة إجراءات ضد قناة الجزيرة القطرية تُمارس منذ عدة أشهر.
لوحظ أن الصحفيين الأجانب تم اتهامهم بنشر أكاذيب تضر بالمصالح الوطنية و تقديم مساعدة لمنظمة إرهابية بينما سيحاكم الصحفيون المصريون بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية، لماذا هذا التمييز في نظرك؟
الأكيد أننا استغربنا أيضا هذا التمييز و م نفهم سببه، و لكن بشكل عام نحن نطالب بإطلاق سراح الصحفيين الخمسة الذين يعملون لصالح قناة الجزيرة وسحب كل التهم الموجهة إليهم سواء كانوا مصريين أو أجانب، بالإضافة إلى أنه يتعين على السلطات المصرية التراجع عن كل القرارات والإجراءات التي تم اتخاذها طيلة الستة أشهر الماضية ضد حرية الإعلام والتعبير. و ما لاحظناه خلال هذه المدة أن هناك مجموعة إجراءات ومضايقات تتم سواء ضد قناة الجزيرة بشكل عام أو ضد صحفييها مباشرة وأيضا ضد كل وسائل الإعلام المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بجماعة الإخوان المسلمين.
وهل تحركتم بهذا الخصوص؟
نحن نددنا ومازلنا نندد بكل الإجراءات التي تستهدف الصحفيين في مصر منذ ثورة 25 يناير، و ما يقلقنا اليوم هو المستقبل، الأمر لا يتوقف عند قناة الجزيرة ولكن هل ستتم محاكمة كل صحفي ينتقد العسكر أو المشير السيسي لمجرد أنه فعل ذلك؟ يبدو الأمر مقلقا حقا و لهذا أعتقد أنه على الصحفيين المصريين التحرك أيضا من أجل تغيير الأوضاع الراهنة، يتعين عليهم انتقاد السلطات المصرية كما على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة الأمريكية ممارسة ضغوط من أجل تغيير الوضع.
في عهد الإخوان كان يتم انتقاد تعامل السلطات مع حرية الرأي والصحافة بشكل كبير، كيف تنظرين إلى الوضع في ظل الحكم الحالي؟
الأكيد أننا رصدنا عدة مشاكل في عهد الإخوان المسلمين وكان واضحا أن هؤلاء يسعون للسيطرة على وسائل الإعلام. ولكن اليوم أصبح المشهد مختلفا حيث يوجد انقسام بين وسائل إعلام مؤيدة للجيش وأخرى مؤيدة للإخوان والأخيرة تُمارس عليها ضغوط و قمع . وفي كلا الحالتين أعتبر الوضع غير صحي بالنسبة لحرية الإعلام . المفروض أن يسمح لوسائل الإعلام بالتطرق لكل المواضيع ومعالجتها بكل استقلالية و حرية مهما كانت توجهاتها ومواقفها مما يحدث في البلد.
هذا الهجوم على وسائل الإعلام التي تروج لعكس ما تريده السلطات، هل يمكن أن يساهم أكثر في احتقان الوضع السياسي المعقد أصلا؟
طبعا، و نحن مقبلون على انتخابات رئاسية في مصر،الكثيرون شبه متأكدين من أنها ستفرزعن فوز السيسي برئاسة مصر. هذا يعني منذ الآن أن الضغوط الممارسة على السلطة المصرية من أجل احترام حقوق الإنسان بشكل عام في مصر وليس فقط حرية التعبير، ينبغي أن تضاعف. و إلى جانب حرية التعبير هناك قمع على مستوى آخر، مثلا منع التظاهر وقانون منظمات المجتمع المدني... كل هذا خطير ويهدد النظام الديمقراطي في البلد، وهنا أعود و أقول إن على المصريين أن يتحركوا أيضا لأن الضغط من الخارج وحده لا يكفي، و أركز هنا على فئة المصريين الذين كانوا مع الجيش قبل 30يونيو 2013 لأنهم كانوا ضد الإخوان، لكنهم أصبحوا مجددا ضد الجيش بعد كل الأحداث التي وقعت، هؤلاء الذين يقفون في المنتصف عليهم التحرك و الخروج للتعبير عن مواقفهم و رفض ما يحدث.
هناك مشكلة كبيرة في مصر الآن التي تمر بمرحلة انتقالية حساسة، و هي أن التغطية الإعلامية للإحداث تفتقر إلى الموضوعية و الحياد، هل أنتم منشغلون بهذا الموضوع؟
نعم و لكن هذا كما ذكرت جزء من هذا هو بسبب الانقسام الكبير بين وسائل الإعلام بين من يؤيدون الجيش ومن يؤيدون الإخوان المسلمين، و نحن سبق و طالبنا وسائل الإعلام بأن تتوخى الدقة و الموضوعية في نقلها لأحداث مصر ومعالجتها ولكن في النهاية يبقى احترام حرية التعبير بيد السلطة المصرية مهما كانت الآراء و التوجهات المعبر عنها.
في هذا السياق، ما هو دور القضاء و مسؤوليته في مسألة قمع حرية التعبير؟
طبعا القضاء له دور كبير، و نحن لاحظنا أن القضاء في مصر لا يتمتع بالاستقلالية للأسف، و هذا يثير قلقا كبيرا من أن تتحول مصر إلى بلد للمحاكمات السياسية للصحفيين في المستقبل. وفي هذا السياق أعتقد أن على القضاة المصريين أيضا أن يقوموا بردود أفعال تجاه ما يحدث و أن يطالبوا بتمتيعهم بالاستقلالية في عملهم.
السلطات المصرية بررت محاكمة هؤلاء الصحفيين بكون الجزيرة متحيزة في تغطيتها لما يدور في مصر، ما رأيكم في ذلك، و كيف تنظرون أنتم لتغطية هذه القناة؟
أنا لا أريد الخوض في مهنية قناة أو خطها التحريري وطريقة تغطيتها للأخبار، ما يهمني هو أن هناك خمسة صحفيين رهن الاعتقال و يحاكمون بسبب عملهم الصحفي وأن السلطات المصرية تسعى إلى تكميم أفواه كل من له صلة بشكل أو بآخر بجماعة الإخوان المسلمين أو كل من ينتقد سياستها. هذا هو الخطير في الموضوع وهذا هو ما يهمنا و في نهاية الأمر من حق كل صحفي العمل لصالح وسيلة الإعلام التي يختار هو.