قطر: دولة صغيرة بمخططات تنموية عملاقة
١ مايو ٢٠١٣تسعى قطر عبر بوابة مدينة لوسيل ولوج العالم الحداثي المتطور، والتأكيد على مدى التقدم الذي حققته على أصعدة عدة. وتعد هذه المدينة من أضخم المشاريع العقارية لشركة الديار القطرية. وستشمل المدينة حدائق خلابة وجزرا سكنية لا يمكن الوصول إليها إلا بسيارات تاكسي مائية، إضافة إلى مراكز تسويق تعرض فيها منتوجات فاخرة لأشهر وأنجح المصممين في العالم، فلوسيل يراد لها أن تصبح مدينة الثراء والأثرياء.
وإلى غاية اللحظة لا يمكن رؤية المدينة إلا على شكل نموذج في مقر شركة الديار القطرية للعقارات. بيد أن المسؤولين القطريين يعدون بأن تتحول المنطقة الصحراوية شمال العاصمة الدوحة، في أقل من عشر سنوات إلى مدينة يقطنها ربع مليون شخص.
التنمية المستدامة
يقول خالد الأمين الرئيس التنفيذي لشركة الديار القطرية: "نحن ندعم مخططات حكومتنا في بناء تمنية اقتصادية واجتماعية مستدامة في قطر". وبتكليف من حكومة البلاد تستخرج شركات صناعية منذ 20 عاما الغاز الطبيعي من حقل الشمال الذي يعد أكبر حقل للغاز الحر في العالم؛ ويبعد بحوالي ثمانين كيلومترا شمالا عن العاصمة القطرية الدوحة.
ويتم في منطقة رأس لفان الصناعية إسالة الغاز قبل نقله بحرا. ويشكل الغاز الطبيعي أساس الرؤى القطرية للتنموية. ففي السنة الماضية سجلت تلك الدولة الخليجية نموا اقتصاديا بنسبة ستة بالمائة. وازداد الدخل القومي منذ عام 2006 بأكثر من ثلاثة أضعاف. وبمعدل مائة ألف دولار أمريكي كدخل متوسط للفرد سنويا، تصدرت قطر قائمة الدول الغنية في العالم. وتعتزم البلاد الاعتماد على هذه الثورة لبناء نواة اقتصادية صلبة، حتى بعد نضوب حقول النفط.
وأوضح المدير التنفيذي لشركة الديار أنه عند التخطيط لبناء مدينة لوسيل، تم التركيز على أنظمة توفير الطاقة، واعتماد مسافات قصيرة للوصول إلى مراكز الخدمات والمرافق الطبية والمدارس والملاعب الرياضية. كما سيتم استخدام مياه الخليج الفارسي بعد تصفيتها في عملية تكييف المباني، وهذا من شأنه أن "يوفر 30 بالمائة من الطاقة التقليدية، ويحد من نسب الانبعاثات الصادرة عن أجهزة التبريد". علاوة على ذلك، يقول الأمين "نخطط لبناء محطات مترو، لأننا نريد ألا يستخدم السكان سياراتهم إلا نادرا".
شركات ألمانية تساهم في مشروع لوسيل
وتولّت شركة "دورش" (Dorsch ) الألمانية للخدمات الاستشارية الإشراف على أعمال البناء في مشروع لوسيل الذي تبلغ قيمته 45 مليار دولار. في ما أوكلت لشركة هوختيف فيكون ( Hochtief ViCon) ومقرها إيسن (غرب ألمانيا)، مهمة تطوير نماذج ثلاثية الأبعاد للمشروع السكني الضخم قبل انطلاقه. وذلك لغرض خفض تكاليف البناء والمخاطر المتوقعة والتقليل من مدة البناء. واعتمادا على النماذج التي ستقدمها الشركة الألمانية، سيتم تطوير شبكة نموذجية للمواصلات والطاقة والصرف الصحي.
وبلغ إجمالي الاستثمارات سواء الحكومية أو الخاصة المتعلقة بالمشروع نحو 200 مليار دولار أمريكي. والقسم الكبير منها سيتم تنفيذه قبيل انطلاق نهائيات كأس العالم 2022؛ من بينها مشروعان لبناء خط مترو يربط الدوحة وأطرافها، إضافة إلى بناء تسعة ملاعب رياضية حديثة بنظام تبريد المقاعد يعمل بالطاقة الشمسية.
وفي ظل المخططات الكبيرة التي تهدف الحكومة إلى تطبيقها، يظهر وكأن لا أحد من المسؤولين يعير اهتماما للانتقادات القوية من قبل المنظمات الحقوقية الدولية حول سوء معاملة العمال الأجانب في قطر. فلا يوجد متسع لذلك، خاصة وأن قائمة المهام طويلة.
وإلى جانب مشروع لوسيل، تريد قطر تحقيق اكتفاء ذاتي غذائي إلى حدود عام 2025. وهي اليوم بصدد البحث عن تقنيات فعالة في الإنتاج الزراعي والرفع من نسب المحصول في مساحات زراعية محدودة. واعتمادا على تقنيات نرويجية وألمانية سيتم إنشاء محطة تجريبية تضم مزيجا من التكنولوجيات البيئية الواعدة لتخضير آلاف الكيلومترات من الصحراء القاحلة، على أن تقوم المحطة بإنتاج الغذاء والماء الصالح للشرب والطاقة، جامعة بين دفيئات محمية يتم تبريدها بالمياه المالحة، وتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية إلى جانب العديد من التقنيات الواعدة.