قضية خاشقجي..امتحان لألمانيا أمام المصالح الاقتصادية؟
١٩ أكتوبر ٢٠١٨طالب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بإلحاح وبشكل سريع توضيحاً من السعودية بشأن مصير الصحفي والكاتب السعودي جمال خاشقجي، لكن في نفس الوقت ترك ماس انطباعاً عن نفاذ صبره من أسلوب المراوغة الذي تتبعه السعودية، وقال وزير الخارجية الألماني اليوم الجمعة (19 تشرين الأول/ أكتوبر 2018) في برلين " نعتقد أنه آن الأوان بأن تقدم السعودية التوضيح الذي وعدت به لكي نتمكن من تقدير ظروف القضية وتحديد موقفنا منها".
وكانت العائلة السعودية الحاكمة قد تعهدت بتقديم توضيح بشأن مصير خاشقجي منذ أيام، ولكن الإعلان عن مسؤوليتها عن اختفاء الصحفي ظل حتى الآن عبارة عن كلمات جافة: فهل تعتقد الحكومة السعودية أنه يمكن غض الطرف عن الاختفاء الغريب للصحفي المناهض للنظام؟ وأن الغرب يجد الصفقات مع المملكة العربية السعودية أكثر أهمية من توضيح مصير خاشقجي؟
هذه الأسئلة لم يتم طرحها اليوم فقط من قبل وسائل الإعلام. فالكثير من السياسيين في المعارضة أيضاً يستغلون الصمت السعودي للإشارة إلى عدم التوافق الموجود بين حجم التجارة مع ألمانيا ووضع حقوق الإنسان في النظام الملكي الخليجي. ومن الحقائق: وفقاً لوزارة الاقتصاد فإن من شهر كانون الثاني/ يناير حتى نهاية أيلول/ سبتمبر من هذا العام ، منحت الحكومة الألمانية تراخيص تصدير للأسلحة بقيمة 416 مليون يورو، على الرغم من أن المملكة العربية السعودية كانت طرفاً مشاركاً في الحرب على اليمن منذ عام 2015. وبذلك أصبحت المملكة الخليجية ثاني أكبر مشترٍ للأسلحة الألمانية. وهذا الأمر يثير تساءل النقاد: هل تعامل ألمانيا السعوديين بشكل متساهل فقط حتى لا تتعرض المصالح التجارية للخطر؟
نوريبور: دليل عجز
وخلافاً لهذا فإن السعوديين يعتبرون عملاء جيدون للصناعة الألمانية. ففي عام 2016 تم تصدير سلع بقيمة 7.45 مليار إلى المملكة العربية السعودية. كما ستبني الشركة العملاقة سيمنز (Siemens) مترو أنفاق بقيمة 20 مليار في الرياض. ربما هذا هو السبب في أن الرئيس التنفيذي لشركة سيمنز جو كيزر وغيرهم من أعضاء مجلس الإدارة في العملاق الصناعي الألماني لم يقرروا بعد إلغاء مشاركتهم في المنتدى الاقتصادي في الرياض المقرر الأسبوع المقبل، كما فعلت العديد من الشركات الأمريكية والفرنسية. خبير الشؤون الخارجية في حزب الخضر الألماني، أوميد نوريبور تحدث إلى DW عن دليل عجز الحكومة الألمانية تجاه السعودية بسبب المصالح التجارية، وقال: "إنها على الأقل محاولة لبقة أن تشجع الحكومة الاتحادية الشركات الألمانية على الابتعاد عن المشاركة في هذا المؤتمر".
زيغمار غارييل يؤكد موقفه
بدوره يحذر وزير الخارجية السابق زيغمار غابرييل من القرب الشديد من السعوديين. وقال لصحيفة "شبيغل" : "نحن الألمان نعرف هذا النوع من العنف منذ أيام الحرب الباردة، عندما لم يتراجع رجال أمن الدولة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية آنذاك عن الاختطاف والقتل"، وبالتالي لا ينبغي للغرب وأوروبا أن يغضوا الطرف خوفاً من التهديدات الدبلوماسية أو الاقتصادية. وكان غابرييل ينتقد المملكة العربية السعودية عندما كان لا يزال وزيراً، متهماً الرياض بنهج "سياسة مغامرة"، مما أثار توترا وفتورا دبلوماسيا بين ألمانيا والسعودية، في حين أن خليفته، ماس، نأى بنفسه عن تصريحات غابرييل في نهاية أيلول/ سبتمبر، وتحدث عن "سوء تفاهم".
المعارضة تدعو إلى استدعاء السفراء
كذلك نائب الكتلة البرلمانية للحزب الديموقراطي الحر الكسندر غراف لامبسدورف هو مع اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد الرياض – وبالتحديد في اجتماع مجموعة الدول الصناعية الكبرى، وقال في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية: "يجب على ألمانيا وغيرها من الدول الصناعية الكبرى السبعة أن تقوم بعد صدور بيان مشترك فيما بينهما باستدعاء السفراء السعوديين في بلدانها والضغط من أجل الحصول على توضيح كامل في قضية خاشقجي".
ويشكك العديد من المراقبين حول صدور مثل هذا التوضيح من السعوديين. وبدلاً من ذلك، يمكن الحصول على معلومات جديدة من الحكومة التركية، التي تدعي أنها بحوزتها شريط تسجيل، يوثق عملية تعذيب وقتل خاشقجي. وأعلن وزير الخارجية التركية، مولود جاويش أوغلو، اليوم الجمعة، أنه سيتم "مشاركة نتائج التحقيق مع العالم".
اودو باور/ إ. م