قضية أنوزلا: شريط للقاعدة أم انتقاده اللاذع للسلطة؟
٢٢ سبتمبر ٢٠١٣"الحرية لعلي أنوزلا" كان الشعار الذي رفعه المحتجون أمام وزارة العدل المغربية ضد اعتقال الصحفي علي أنوزلا. المتظاهرون اعتبروا أن حبسه تضييق على حرية الرأي والتعبير في المغرب. لكن الأمر الأكثر خطورة بالنسبة لهم هو متابعته بمقتضى قانون الإرهاب، ذلك أن البلاغ الذي أصدره الوكيل العام للملك يقول بأن "نشر موقع لكم شريطا منسوبا لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، تضمن دعوة صريحة وتحريضا مباشرا على ارتكاب أفعال إرهابية بالمملكة المغربية".
واعتبر الصحفي خالد الجامعي في تصريح لـ DW عربية التهمة بأنها "باطلة، لأن موقع لكم بالعربية لم ينشر مقطع الفيديو بل أشار فقط إلى رابط مقال إسباني تحدث عن الموضوع. والأغرب أن موقع لكم بالفرنسية الذي نشر الفيديو لم تتم متابعته".
عمل صحفي أم تحريض على الإرهاب؟
بلاغ الوكيل العام للملك أثار انتقاد الكثير من رجال القانون بالمغرب، حيث صرحت جميلة السيوري رئيسة جمعية عدالة لـ DW عربية بأن "بلاغ وكيل الملك كان استباقيا للبحث التمهيدي الذي لم ينته بعد والذي على ضوئه يمكن أن تكون المتابعة. وهذا يشكل مساسا بشروط وضمانات الحق في محاكمة عادلة".
وقالت إن متابعة الصحفي علي أنوزلا بموجب قانون الإرهاب تعتبر سابقة في المغرب، وأضافت: "هذه القضية كان يمكن أن تتم في إطار قانون الصحافة والنشر وليس بموجب قانون الإرهاب ذلك أن قانون الإرهاب يقول باحتمال الشروع في عمل عنيف ونحن هنا أمام حالة إخبار ونشر معلومة فقط".
وكانت هذه هي أيضا وجهة نظر يونس مجاهد، رئيس النقابة الوطنية للصحافة، في جوابه على سؤال DW عربية "لا بد أن يطبق الصحفيون قانون الصحافة والنشر في القضايا التي تتعلق بممارسة المهنة، ومعنى ذلك أننا نقول إن استعمال قانون الصحافة يلزم القضاء باستنطاق ومتابعة الصحافي وهو مطلق السراح".
تطبيق للقانون أم تصفية حسابات؟
سرعة تحريك قضية علي أنوزلا وخطورة التهمة الموجهة إليه دفعت الصحافي خالد الجامعي إلى القول في تصريحه لـ DW عربية بأن "السلطة كانت تتحين الفرصة لإلقاء القبض على أنوزلا لأنه أصبح مزعجا لها".
لكن نقيب الصحفيين، يونس مجاهد، له وجه نظر مخالفة حيث يعتبر أن "إعادة نشر أو بث مواد تحرض على الإرهاب مسألة خاطئة، ونناشد الصحافيين و مديري نشر الجرائد الورقية والإلكترونية الحذر من مثل هذه الممارسات"، مؤكدا في الوقت ذاته أنه "مادام هناك مادة في قانون الصحافة تمنح للقضاء إمكانية مساءلة الصحافة حول قضايا نشر وبث مواد تحرض على العنف، فيجب استعمال قانون الصحافة واستبعاد قانون الإرهاب"
هذا "الخطأ" الذي كان يمكن أن تتم متابعته في إطار قانون الصحافة دون اللجوء إلى قانون الإرهاب، يفنده خالد الجامعي ويعتبر أن "سبب متابعة علي هو أنه كان وراء تفجير قضية مغتصب الأطفال دانييل، كما أنه ينبش وراء المخزن الاقتصادي وهذا خط أحمر بالنسبة للسلطة، ولهذا فالأمر أكبر من حكومة الإسلامي عبد الإله بن كيران".
وقد رفض الناطق الرسمي باسم الحكومة التعليق على القضية وقال لـ DW عربية بأن "المسألة في يد القضاء وهو الذي له الكلمة الأخيرة. والسلطة التنفيذية لا يمكن أن تتدخل في عمل السلطة القضائية" مضيفا في نفس السياق أن "شريط القاعدة يمس أمن مؤسسات الوطن. والحكومة أكدت على انخراطها لمواجهة هذه الدعوات الإرهابية".
محاكمة أنوزلا بين السياسي والمهني
"تصوروا أن تبث وسيلة إعلام فيديوهات تحرض الشباب على الفساد أو تدافع عن جريمة اغتصاب الأطفال أو تدنيس القرآن الكريم وإحراق المساجد، هل بث مثل هذه المواد يدخل في إطار الحق في الإخبار أم أنه ممنوع أخلاقيا وقانونيا؟" يتساءل يونس مجاهد رئيس النقابة الوطنية للصحافة في تعليقه على أن موقع "لكم" لم يقم سوى بالإخبار ونقل المعلومة مضيفا بأن "الصحافة لا يمكن أن تتحول إلى ساعي بريد لمن يريد نشر أو بث مواد ممنوعة".
لكن جميلة السيوري ترى أن "ما قام به موقع "لكم" يدخل في إطار العمل الصحفي المحض والذي يفترض فيه حسن النية ولا يتضمن أي إشادة أو دعوة للعنف". قضية علي أنوزلا تجاوزت النقاش المهني الصحفي لتتحول إلى جدل سياسي، لذلك فإن الصحفي خالد الجامعي يرى بأن "من دبر هذه القضية أكبر من الحكومة وله سلطة على الأحزاب السياسية، ولكن تم الزج بوزير العدل في القضية حتى يتحمل المسؤولية لوحده".
والملفت حسب خالد الجامعي هو "حملة التضامن الواسعة مع علي أنوزلا، لأن الدولة كانت تعتقد بأن القضية ستمر في صمت لكنها تطورت وأصبحت قضية دولية"، ذلك أن أزيد من 50 جمعية حقوقية دولية أعلنت مساندتها لملف الصحفي علي أنوزلا.