قصص مصورة عن أفغانستان: أين يبدأ الواقع وأين ينتهي الخيال؟
٢١ يونيو ٢٠١٢يشعر أرني ييش بالتوتر جراء إقدامه على خوض تجربة تأليف كتاب من القصص المصورة حول الحرب في أفغانستان، لأنه يدرك أن إصدار قصص مصورة حول تلك الحرب سيكون محل نقاش وجدال. يقول أرني "السؤال الذي يراودني كل الوقت هو: هل الإقدام على هذه التجربة أمر مسموح به؟ الريبة لازالت تراودني إلى الآن". ويبقى الحكم على العمل وعلى تخوفات أرني ييش في محلها أم لا، رهنا بالقراء. ومن المقرر أن تصدر تلك القصص عن دار النشر "كارلسن" في الثاني من شهر يوليو/ تموز القادم.
لقاء مع الجنود
لم تطأ يوما قدما أرني ييش أفغانستان كما لم يؤد الخدمة العسكرية، مبررا ذلك بكون محيطه دفعه إلى الامتناع عن ذلك عام 1993. وبالرغم من أن نظرته إلى الجيش الألماني تغيرت الآن، إلا أنه ليس لديه أي استعداد ليكون في وضع صعب كما هو حال المشاركة في الحرب في أفغانستان. لكن موضوع تلك الحرب يجذبه ويغريه كثيرا ككاتب. لقد أمضى أرني سنتين يبحث ويعد لكتابه المصور حول الحرب في أفغانستان، وكان يحظى بدعم من أناس كثيرين كالصحافية يوليا فايكلت، التي سافرت إلى أفغانستان عدة مرات رفقة عناصر الجيش الألماني أو مع مبعوثي وزارة الدفاع الألمانية. وتفاجأ روني بردود الفعل الجيدة التي سمعها من الجنود، كما تمت مساعدته على ربط الاتصال بجندي من درجة مقدم. ويقول أرني في هذا الصدد "لقد ساعدني المقدم على الحصول على معلومات دقيقة وواقعية، ووضع مئات الصور تحت تصرفي".
أفغانستان بين التخيل والواقع
ويولي أرني أهمية كبيرة لصحة الوقائع، ربما رغبة منه في تفادي كل أشكال النقد التي قد يكون عرضة لها بسبب عدم سفره إلى أفغانستان، وعدم خوض تجربة الخدمة العسكرية. لهذا السبب ركز على" تفاصيل أجواء ومحيط الحرب، وعلى خصال الجنود ولغتهم لإضفاء أكبر قدر من الواقعية على مؤلفه" على حد تعبيره. وبالرغم من هذه الجهود، فقد اختار أرني التخيل والوصف الافتراضي للشخصيات والأحداث وذلك من وجهة نظر ألمانية. ويقول في هذا السياق "الجانب الإيجابي في القصص المتخيلة هو إمكانية دمج أشخاص عديدين من صلب الواقع في قصة واحدة".
قصة مثيرة
خلال مرافقة المصورة الصحافية "أني" للجنود الألمان في إحدى عملياتهم في محافظة بغلان الأفغانية، تعرضت المروحية العسكرية التي كانت تقلهم لهجوم مسلح من طرف قوات طالبان أثناء عودة الطائرة إلى القاعدة، واضطرت المروحية حينها إلى الهبوط، ليشق بعدها الجنود الألمان طريقهم إلى القرية المجاورة سيرا حيث اشتبكوا في طريقهم مع قوات الطالبان. وفي ضوء غموض الوضع أسر أحد الجنود الألمان. في الجزء الثاني من القصة، يعود القائد العسكري إلى أفغانستان في مهمة البحث عن الجندي الألماني الأسير.
صحافية من أصول أفغانية معجبة بالعمل
وتحمل الفصول الافتتاحية للقصة المصورة مشاهد حركة تبرز حالات الخوف التي كانت تشعر بها الصحافية في القسم الأفغاني في DW، وصلات حسرات نظيمي، المزدادة في أفغانستان. وترى الصحافية نظيمي أن الكاتب آرني نجح في نقل صورة واقعية عن الأفغان وأفغانستان. وتقول" القصص المصورة تمنح القارئ نظرة عامة حول الواقع الأفغاني". وحتى فكرة القصص المصورة فتعتبرها الصحافية فكرة حسنة وتضيف بالقول "إن القصص المصورة تعطي صورة واقعية وحية عن البلد، بدرجة أفضل من الأفلام المصورة".
وبالنسبة لنظيمي فهي لا تنظر بتحفظ إلى عملية انقاد الأسير رغم أنها عملية متخيلة وليست حقيقية. وترى أن "القصص المصورة لها حس نقدي"، لكنها تتحفظ على طريقة المعالجة لأنها يمكن أن "تؤثر على القارئ وتحوله إلى معارض للمشاركة الألمانية في للتدخل العسكري في أفغانستان، وذلك تحت شعار: كل ما يتم القيام به هناك، لن تكون له أي نتائج تذكر".
ليس هناك نهاية سعيدة!
وترى الصحافية نظيمي أن القصص المصورة للكاتب أرني تقدم معلومات مهمة خصوصا للناس الذين لا يتوفرون على معلومات كافية حول أفغانستان ودواعي التدخل العسكري هناك. وهو الشيء الذي يتمناه الكاتب نفسه حيث يقول"أريد أن تكون القصص المصورة دافعا للحديث عن الموضوع وأن يتعرف الناس على المشاكل الواقعية كالمواجهة مع المجتمع العشائري". ويستبعد الكاتب أرني الحديث عن نهاية سعيدة لعمله لأن "الحياة الغربية المنظمة والحياة في أفغانستان التي تسودها الفوضى، عالمان غير متجانسين ومن الصعب أن يتآلفا".
روديون إبيغهاوزن/ عبد الرحمان عمار
مراجعة: طارق أنكاي