قبيل جولة الإعادة.. لا يزال البعض متفائلا بهزيمة أردوغان!
٢٢ مايو ٢٠٢٣حتى بعد أيام من ظهور نتائج الجولة الأولى للانتخابات في تركيا، لا يزال كثيرون ممن كانوا يأملون في فوز كمال كليجدار أوغلو في حيرة من أمرهم. لأسابيع، كان مرشح المعارضة الرئاسي في مقدمة الاستطلاعات، بيد أن الأمر اختلف بشكل جذري.
"لم أصدق أبدا مراكز استطلاعات الرأي الانتخابية. إنهم يتلاعبون بالجميع"، يقول فرهاد وهو سائق سيارة أجرة من أنقرة. ويقدم فرهاد البالغ من العمر 48 عاما نفسه لنا بأنه رجل متدين يصلي خمس مرات في اليوم ويعلن دعمه لمؤسس الدولة، أتاتورك. ويوضح لـ DW: "الإسلاميون المحيطون بأردوغان استولوا على البلاد. لقد امتصوا خيرات البلاد، واختفت تعاليم مصطفى كمال أتاتورك تقريبا". يقول ذلك بنبرة حزن.
"الأمل يعيش طويلا"
أديب وهو يقترب من عامه الخمسين، يعمل في في فندق في العاصمة التركية أنقرة، يحيي أديب الضيوف عند الباب ويقود سياراتهم إلى مرآب الفندق، ويحمل حقائبهم، يقول لـ DW "ما زال لدي سنوات خدمة أخرى قبل تقاعدي، بيد أن هذا الأمر قد يبدو بعيد المنال". ويتابع: "لا أعتقد أن الوضع الاقتصادي سيتحسن إذا فاز أردوغان فيانتخابات الإعادة في 28 مايو/ أيار. سأضطر إلى مواصلة العمل، حتى بعد بلوغي سن التقاعد، ما الذي يمكنني فعله؟" كثيرون من الناس في تركيا يفكرون بنفس طريقة تفكير أديب.
التقينا سرجان أيضا، وهو شاب طويل القامة يبلغ من العمر 29 عاما يرتدي نظارات، متدرب في الفندق. يرغب في العمل كموظف حكومي كبير كونه حاصل على شهادة في الإدارة العامة، لكنه لم يجد أية وظيفة أخرى. يعرب لنا سرجان عن حزنه وخيبة أمله، ويقول "ليس لدي واسطة يمكن أن تساعدني على المضي قدما"، يهمس الشاب. ويتابع لـ DW "نحن نكسب أعلى بقليل من الحد الأدنى للأجور" ويوضح أنه بدون مكافآت الفندق الإضافية، لن يتمكن من تغطية نفقاته.
وفي الجولة الثانية من التصويت في 28 أيار/ مايو، يأمل في فوزكمال كليجدار أوغلو، حتى لو كانت فرص الفوز تتضاءل أكثر فأكثر. وينظر سرجان بتفاؤل للمستقبل، فهو لديه صديقة ويمني نفسه بحياة أفضل، يبتسم ويقول: "الأمل آخر ما يموت، وهذا يمنحني الثقة".
"يجب أن يبقى أردوغان"
انتقلنا لموقع آخر إلى منطقة البازار في اسطنبول. كانت السماء تمطر بغزارة مع دخول مجموعة من السياح إلى البازار، ومن غزارة الأمطار بدت التربة وكأنا بالكاد تستطيع امتصاص الماء، مصارف الصرف الصحي غارقة تماما. في مدخل البازار، يجلس حسين أمام متجر، يعمل فيه منذ أكثر من 30 عاما. في سن الثانية عشرة بدأ العمل لدى عمه، الذي كان يبيع الحقائب المقلدة من العلامات التجارية الفاخرة. حسين كردي ومؤيد بقوة للرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرتاش، الذي يقبع خلف القضبان منذ سبع سنوات. "لمن صوتت؟ بالطبع، تحالف "حزب اليسار الأخضر".
يشعر حسين بخيبة أمل. كليجدار أوغلو سياسي ضعيف. في الجولة الثانية من التصويت، يجب أن يفوز أردوغان، كما يضيف بشكل مفاجئ. "أردوغان على الأقل يجلب لنا السياح. أي شيء آخر غير آمن للغاية".
بيد أنه وبالمقابل أبدت زميلة حسين وتدعى هاجر دعمها الشديد للمعارضة، وتقول "لا يريد حسين الاعتراف بأن القوميين لديهم الآن اليد العليا في البرلمان، وبأنه لا يمكن الوثوق بأردوغان". وأكدت أنها صوتت لصالح كمال كليجدار أوغلو وحزبه الشعب الجمهوري (CHP).
"في البداية سيبقى كل شيء على حاله"
صحفيان شابان، لا يرغبان في الكشف عن اسميهما أو الشركة الإعلامية التي يعملان لصالحها، يجلسان في متجر للحلويات ويأكلان البقلاوة ويشربون الشاي. "قبل الانتخابات، كان الجميع على يقين بأن أردوغان سيخسر، حتى في مؤسستنا لإعلامية كانت هناك شائعات حول رئيس القسم الذي سيغادر. ولكن الآن أصبحوا كلهم (المسؤولون) أكثر ثباتا في مناصبهم".
من الواضح أن كلا الصحفيين يعملان لصالح مؤسسة مؤيدة للحكومة، ويرغبان بالحفاظ على عملهما. إنهما ينتميان إلى من يسمون بـ "الأتباع" الذين لن يحصلوا على وظيفة في أي مكان آخر. ولذا فهم يحاولون عدم جذب الكثير من الاهتمام بمساهماتهم.
يقول أحدهما: "في الحقيقة أشعر بالأسف الشديد لأردوغان. الرجل مريض. لهذا السبب لا أعتقد أنه سيصبح أكثر استبدادية". صديقه لا يريد الاعتماد على هذا التقييم. لكن هناك شيء واحد واضح: كلاهما يتوقعان فوز أردوغان في جولة الاقتراع الثانية. ويعتقد أحدهما أن "العديد من أنصار كمال كليجدار أوغلو لن يذهبوا إلى صناديق الاقتراع بالتأكيد. وهذا بالطبع في مصلحة الرئيس أردوغان".
وستظهر الأيام المقبلة ما إذا كان بإمكان كليجدار أوغلو حشد المزيد من الناخبين وجذب المترددين إلى صناديق الاقتراع في جولة الإعادة في 28 مايو/ أيار. ولا يزال كثيرون مفعمون بالأمل، فالأمل يعيش طويلا وآخر ما يموت.
إركان أريكان/ علاء جمعة