قانون يسمح باستخدام الهيروين الاصطناعي لعلاج الإدمان على المخدّرات
٢٣ يوليو ٢٠٠٩أصبح قانون المخدّرات الجديد ساري المفعول في ألمانيا منذ منتصف هذا الأسبوع. ويهدف هذا القانون إلى تنظيم ومراقبة استخدام مادة ديامورفين أو ما يسمّى بالهيروين الاصطناعي في العلاج الطبّي لمتعاطيي المخدّرات الذين يعانون من الإدمان منذ فترة طويلة. ويأتي هذا القانون عقب عدد من الدّراسات المُعمّقة، التي أجريت في إطار برامج لعلاج الإدمان على المخدّرات في ست مدن ألمانيا من بينها هامبورغ وميونخ وكولونيا.
وفي إطار هذه البرامج العلاجية خصّصت مدينة كولونيا الألمانية عيادة خاصّة يتم فيها حقن مرضى الإدمان المزمن على المخدّرات ثلاث مرّات يوميا بمادة ديامورفين، التي تستخدم في علاج بعض المدمنين على مادّة الهروين والذين جرّبوا وسائل علاج أخرى لم تكلّل بالنجاح. ويكمن برنامج علاج الإدمان في استخدام مادّة ديامورفين، بدلا بما يوصف بالمخدّرات البديلة للهيروين مثل مادّة الميتادون. ويتلقّى هذا العلاج في عيادة مدينة كولونيا نحو أربعين مدمنا. وعادة ما يتم إدراج هؤلاء المرضى في برنامج العلاج بمادة ديامورفين بعد فشل أساليب العلاج التي تعتمد على مادة ميتادون، بحيث لم تتجاوب أجساد المدمنين إيجابيا مع هذه المادة البديلة، التي لم تتمكّن من التخفيف من رغبتهم الملحّة في تعاطي الهيروين عن طريق الحقن.
الأمل الأخير للخروج من دائرة الإدمان
ويشكّل العلاج بمادّة ديامورفين الأمل الأخير بالنسبة للعديد من المدمنين، الذين يسعون إلى الإقلاع عن إدمانهم، ففي سياق متّصل تقول الطبيبة إيريس شول العاملة في عيادة مدينة كولونيا: "نحن نعالج هنا المرضى المدمنين منذ فترة طويلة والذين فشلوا في الإقلاع عن إدمانهم من خلال العلاج بأساليب تعتمد على مادّة بديلة أو من خلال فترة علاج طويلة جدّا." وتشير الطبيبة إلى أنّ مادّة ديامورفين تعد الإمكانية الأخيرة للمدمنين كما تمكّنهم من تلّقي علاج بطرق قانونية والعيش بطريقة عادية إلى حدّ ما."
تعاطي المخدّرات تحت إشراف طبّي
هذا، ولا تعطى مادة ديامورفين إلاّ لمرضى الإدمان المزمن والذين فشلوا في الإقلاع عن الإدمان باتباع طرق أخرى في العلاج الطبّي. كما تتم عملية الحقن في العيادة المخصّصة لعلاج الإدمان وتحت إشراف طبّي، بحيث يسهر فريق من الأطباء والمرشدين الاجتماعيين على مراقبة العلاج ومرافقة المدمنين طوال فترة علاجهم. الأمر الذي يحول دون انزلاقهم في دوامة الإجرام بهدف الحصول على المخدّرات. ففي سياق متّصل يؤكّد المسؤولون عن عيادة علاج الإدمان في مدينة كولونيا أنه لم يسجّل منذ افتتاح العيادة حتّى الآن أي انحراف لأي مريض يرتاد العيادة.
التأمين الصحي سيتحمّل التكاليف
على صعيد آخر يرى البعض أن هذه العيادات وطرق العلاج المعتمدة على مادّة ديامورفين - رغم نجاعتها – تعدّ مكلفة جدّا، ذلك أن هذا البرنامج يكلّف مدينة كولونيا أكثر من 12 ألف يورو سنويا للمريض الواحد. بيد أنّه مع سريان مفعول قانون المخدّرات الجديد في ألمانيا أصبحت مادّة ديامورفين على غرار مادّة ميتادون، من ضمن العقاقير والأدوية المعترف فيها والتي لا يمكن الحصول عليها إلاّ بوصفة طبيّة. وعليه، أصبح يتعيّن على شركات التأمين الصحي مستقبلا تحمّل النفقات الطبيّة لعلاج الإدمان بمادّة ديامورفين. ولاقى قانون المخدّرات الجديد ترحيبا من قبل مارليز بريدهورست، المسؤولة عن مصلحة الشؤون الصحية في بلدية مدينة كولونيا، التي أكّدت أن علاج المدمنين بمادة ديامورفين يضمن أيضا سلامة وأمن المجتمع، مشيرة إلى أن الطريقة الجديدة قد ساهمت بشكل كبير في تراجع الجرائم المتعلّقة بالحصول على المخدّرات.
علاج جديد وحياة جديدة
من جهته، يقول آرمين، البالغ من العمر 57 عاما والذي يعاني من الإدمان على مادّة الهروين منذ 41 عاما، إن العلاج بمادّة ديامورفين قد غيّر حياته، مشيرا إلى أن العيادة قد أخرجته من حياة الشوارع، حيث خسر الكثير من المال للحصول على المخدّرات بطريقة غير شرعية. وشدّد على أنّ وضعه الصحّي قد تحسّن بشكل كبير من خلال العلاج بمادّة ديامورفين، وأن حياته أصبحت أفضل ممّا كانت عليه قبل تلقّي العلاج.
الكاتبة: كريستينه شتروتمان / شمس العياري
مراجعة: عبده جميل المخلافي