فيلم فلسطيني ينال جائزة الكرة الذهبية "الغولدن غلوب"
أسابيع قليلة تفصلنا عن حفل توزيع جوائز الأوسكار. ولكن الوسط السينمائي كان منشغلاً مساء أمس بمهرجان سينمائي آخر، فقد فُرش السجاد الأحمر أمام فندق بيفرلي هيلز استعداداً لاستقبال المتنافسين على جوائز مهرجان الغولدن غلوب الذي لا يقل أهمية عن الأوسكار ويعتبر مؤشرا لنتائجه. وتم الإعلان عن توزيع كرات المهرجان الذهبية، الذي تشرف عليه رابطة الصحافة الأجنبية، وهي مجموعة تضم 90 صحفياً يعملون في مجال الفن السابع. وكانت الأيام المنصرمة قد شهدت إقامة العديد من الحفلات وبدأ في الأيام الأخيرة كل شيء بالدوران حول تلك الجوائز الثمينة. هذا وقد أتى أمس الاثنين حاملاً بجعبته النتائج التي طال انتظارها والتي تم إعلانها في حفلة ختام أقيمت في صالة الاحتفالات في فندق بيفرلي هيلز، حيث جلس كبار نجوم ومشاهير السينما. من الجدير بالذكر أن السينما العربية ممثلة بفيلم "الجنة الآن" للمخرج الفلسطيني هاني أبو اسعد نالت إحدى جوائز المهرجان المهمة. إذ حصل الفيلم على جائزة غولدن غلوب لأفضل فيلم أجنبي. وقد سبق للفيلم أن حصل على ثلاث جوائز مهرجان برلين السينمائي (برليناله). ولأن نظام المهرجان يقوم على تقسيم الأعمال المتنافسة إلى درامية وكوميدية، فأن عدد الجوائز المقدمة يتجاوز عدد نظيراتها المقدمة في مهرجان الأوسكار السينمائي. كما يتم كذلك تكريم أصحاب أفضل الأعمال التلفزيونية. وإذا كان عدد أعضاء لجنة التحكيم في مهرجان الأوسكار يصل إلى 6000 عضو، فأن عدد أعضاء لجنة تحكيم مهرجان الغولدن غلوب لا يتجاوز التسعين عضواً.
"الجنة ألان"
برز فيلم "الجنة الآن" للمخرج الفلسطيني هاني أبو اسعد على قائمة أفضل الأفلام الأجنبية المرشحة. وكما أتت توقعات بعض النقاد، فأن الفيلم نال أمس جائزة أفضل فيلم أجنبي. كما أن الفيلم حصل سابقاً على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان الفيلم الأوروبي. وتدور أحداث الفيلم عن مصير شابين فلسطينيين عزما على تنفيذ تفجير انتحاري في تل أبيب. ويرغب مخرج الفيلم في إيجاد إجابة على التساؤل عن أسباب إقدام البعض على القيام بمثل هذه العمليات. وأكد المخرج بعد استلامه الجائزة أمام الحضور في هوليود أن الفيلم يعد "اعترافا بحق الفلسطينيين في الحرية والمساواة دون شروط." وتبرز على خلفية الحبقة المأساوية التي تطغى على الفيلم لحظات من الكوميديا السوداوية، وذلك في عدة مواقف منها عندما أضطر أحد الشابين إلى إعادة قراءة رسالة الوداع الطويلة التي كتبها لعائلته عندما تعطلت كاميرا الفيديو التي استخدمت لتصويره. ويخلص الفيلم في النهاية إلى نتيجة مفادها أن الدافع الديني ليس الدافع الوحيد للأشخاص الذين يتطوعون للقيام بعمليات انتحارية، بل أن الإحباط واليأس في مواجهة الصعوبات الحياتية وأسباب اجتماعية أخرى هي أيضا أسباب أخرى قد تجبر البعض على الإقدام على القيام بعمليات انتحارية. وتنافس الفيلم على هذه الجائزة مع الفيلم الفرنسي "عيد ميلاد سعيد" الذي يروي قصة صداقة ربطت أحد الجنود الفرنسيين مع جندي ألماني في خنادق إحدى جبهات الحرب العالمية الأولى.
تنافس محموم
هذا وقد تنافست مجموعة كبيرة من الأفلام لنيل جوائز المهرجان. إلا ان أوفرها حظاً كان فيلم "جبل بروكباك" Brockeback Mountain للمخرج الأمريكي (التايواني الأصل) آنغ لي. فقد حصل الفيلم المقتبس عن رواية تحمل نفس الاسم للروائية الأمريكية آني برول على جائزة أفضل فيلم درامي. كما أن مخرجه حصل هو الأخر على جائزة أفضل مخرج. ولم تكن تلك آخر الجوائز التي حصدها الفيلم في المهرجان، إذ أنه نال كذلك جائزة أفضل سيناريو وجائزة أخرى مقابل أفضل أغنية.
وتدور أحداث الفيلم، الذي سبق وأن حاز على جائزة الأسد الذهبي كأفضل فيلم في مهرجان البندقية السينمائي في أيلول/سبتمبر الماضي، تدور في الغرب الأمريكي في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. ويسرد الفيلم علاقة بين شابين مِثليين من رعاة البقر. يشار إلى أن حصول الفيلم على هذه الجائزة يزيد من حظوظه في الترشيح لخوض غمار المنافسة على الأوسكار التي تمنحها أكاديمية العلوم والفنون السينمائية. كما فاز فيلم "قصة جوني كاش" الذي يروي حياة عازف الجيتار جوني كاش وزوجته جون كارتر بجائزة أفضل فيلم سينمائي. وحصل بطل الفيلم جواكين فينكس على جائزة أفضل ممثل. وحصلت بطلة الفيلم ريز ويزرسبون هي الأخرى على جائزة أفضل ممثلة. ومن الأفلام الأخرى التي كانت مرشحة لنيل أحد جوائز الغولدن غلوب فيلم "ليلة سعيدة وحظ سعيد"Good Night and Good Luck للممثل الأمريكي جورج كلوني، الذي يقوم كذلك بإخراج وإنتاج الفيلم. وتدور أحداث الفيلم عن المواجهة بين الصحافي التلفزيوني ايد موراو وجوزيف مكارثي عضو مجلس الشيوخ الذي شن حرباً شعواء على الشيوعيين في الولايات المتحدة في مطلع خمسينيات القرن الماضي. إلا أن الفيلم لم ينل أية جائزة من جوائز المهرجان.
لكن كلوني نال جائزة أفضل ممثل عن دور ثانوي في فيلم "سيريانا" Syriana الذي كلف أنتاجه 50 مليون دولار والذي يشكل الشرق الأوسط إطارا لأحداثه، فهو يتناول التعذيب والإرهاب والسياسة العالمية التي تركت بصماتها على المنطقة. ويذكر أن قصة الفيلم مأخوذة من مذكرات "روبرت باير" التي وردت في كتاب يروي القصة الحقيقية لجندي في حرب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ضد الإرهاب.
مسيرة لا تخلو من النقد
تجدر الإشارة إلى أن المهرجان قد عصفت به في السنوات الماضية الكثير من الفضائح التي سببت في بعض الأحيان موجات نقد ساخطة ووضعت سمعة هيئة التحكيم على المحك. ففي عام 1981تم تكريم الممثلة بيا زادورا على أنها "اكتشاف العام" عن دورها في فليم "الفراشة" Butterfly. ولكن ثبت فيما بعد أن زوجها الذي قام بإنتاج الفيلم زار لاس فيغاس واتصل بأعضاء رابطة الصحافة الأجنبية. وفي حادثة أخرى تم تكريم الممثلة شارون ستون كأفضل ممثلة بُعيد قيامها بتقديم هدية صغيرة لكل واحد من أعضاء لجنة التحكيم. وبعد أن قامت شبكة إن بي سي NBC التي تقوم بتغطية حفل التوزيع بانتقاد لجنة التحكيم، فقد تم منع الهدايا الباهضة الثمن والدعوات، لعل ذلك سيضمن على الأقل حيادية أعضاء لجنة التحكيم.
عماد م. غانم