كورونا يجعل إيران خطرا يهدد بشار الأسد
٥ أبريل ٢٠٢٠إذا ما اعتمدنا الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة السورية، فإن فيروس كورونا المستجّد "غير" منتشر في البلاد. أول حالة مؤكدة معلن عنها، تعود إلى الـ23 من الشهر الماضي، أي قبل نحو أسبوعين. ويتعلق الأمر بفتاة في عقدها الثاني.
بعد ذلك التاريخ بأربعة أيام، سُجلت أول حالة بمنطقة تبعد بنحو 70 كيلومترا عن مدينة دير الزور على الحدود العراقية السورية. وإلى غاية اليوم الجمعة (الثالث من نيسان/أبريل)، يجري الحديث عن 16 حالة مؤكدة وحالتي وفاة. بينما تشكك وبقوة العديد من المواقع والتقارير في صحة هذه الأرقام.
ليست الإصابة الوحيدة في ذلك التاريخ
الفتاة التي أٌعلن عن إصابتها في ريف دير الزور، لم تكن الوحيدة المصابة بالفيروس. فوفق تقرير لصحيفة "جيروزاليم بوست" استنادًا إلى مصادر في الجيش الإسرائيلي أصيب في دير الزور على الأقل في الأسبايع القليلة الماضية ستة أشخاص، إيرانيان وأربعة عراقيين.
وتضيف الصحيفة أن الجائحة وفق مصادر محلية، قضت على مصابين آخرين بين صفوف الميليشيات الإيرانية التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد. وإلى اللحظة لا توجد أي تأكيدات من قبل أجهزة النظام السوري أو حتى من جهات محايدة لما أورده التقرير، ولا يرجح أن يحصل ذلك مستقبلا.
الميليشيات الإيرانية مصدر الوباء؟
تعد دير الزور المحطة الأولى للميليشيات الإيرانية القادمة من العراق إلى سوريا. وهناك مخاوف قوية من أن يكون المقاتلون الإيرانيون قد جلبوا الوباء إلى الأراضي السورية، وتحولوا إلى وحدات لنشر العدوى، خاصة وأن إيران، تحولت إلى بؤرة للمرض في منطقة الشرق الأوسط حسب شهادة منظمة الصحة العالمية.
"من المبكر جدا إصدار أحكام حول دور المقاتلين الإيرانيين في انتشار الوباء في سوريا" يقول أندري بانك، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، في معهد هامبورغ للأبحاث الإقليمية والدولية (GIGA) في حوار مع DW، موضحا أن "اللافت في الأمر، هو انتشار المقاتلين الإيرانيين في الأسابيع والأشهر الأخيرة في منطقة دير الزور شمال شرق البلاد.
ومع ذلك لا توجد مؤشرات واضحة على الأقل إلى غاية اللحظة تربط بين هذا الأمر وبين ارتفاع، بات ملحوظا، للإصابات بفيروس كورونا".
وفي ذات السياق ينتقل الخبير الألماني تحديدا إلى الوضع في العاصمة دمشق، "حيث يتواجد المرقدان الشيعيان، السيدة زينب والسيدة رقيّة، وإليهما يؤم الحجاج عادة من العراق وإيران".
وكانت وكالة الأنباء الرسمية سانا قد أعلنت لأول مرة في 20 من مارس/ آذار الماضي عن اتخاذ إجراءات احترازية لمنع انتشار الوباء؛ على ضوئها تمّ إغلاق المطاعم والمقاهي والمساجد.
خمسة أيام بعد التاريخ المذكور أٌعلن حظر التجول من الساعة السادسة مساء إلى الساعة السادسة صباحا في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد.
ويبدو أن وباء كورونا لم يضع نظام الأسد أمام معضلة صحية فحسب، وإنما أمام تحديات سياسية خطيرة. فبقاء بشار الأسد في السلطة إلى غاية اللحظة، لم يكن ليحدث لولا دعم روسيا أولا ثم إيران له. وإيران اليوم مهددة بأن تتحوّل إلى جهة "مصدّرة" للفيروس إلى سوريا.
الرحلات الجوية بين سوريا وإيران متواصلة
ويتعلق الأمر بطائرات "ماهان إير" الإيرانية، وفق ما أوردته وكالة الأنباء "Middle East Eye" التي يديرها الصحفي السابق في صحيفة "غارديان" البريطانية ديفيد هارست. ويكشف الأخير أنه استاق معلوماته هذه من خبير غربي مطلع على مجريات وخلفيات الحرب الدائرة في سوريا.
أيضا موقع "المونيتور" الناطق باللغة الإنجليزية، والذي يعنى بقضايا الشرق الأوسط، يؤكد وجود رحلات جوية متواصلة بين البلدين. "هذه الرحلات القادمة من طهران قدة تمدّ النظام السوري بالأموال والمقاتلين والكثير من المعونات التي تساعد النظام على البقاء في السلطة"، حسبما نقرأ في موقع "المونتور" بقلم الخبير فيليب سميث.
بدون هذه المعونات يقول الكاتب، لا يستطيع النظام السوري إطلاق عمليات عسكرية قوية أو حتى الصمود". واستنادا إلى مصادر محلية لم تسميها، يتحدث الموقع عن دخول متواصل لقوات تمولها إيران إلى الأراضي السورية عبر معبر البوكمال الحدودي.
مصالح إيران في سوريا
وإذا كان من الصعب التأكد من صحة هذه الأخبار، فإن ما لا يقبل الشك أن التواجد المستمر لميليشيات إيران، أقوى بؤر الوباء في المنطقة، من شأنه تقويض الجهود الجارية في مناطق الأسد لاحتواء انتشار الفيروس.
العقود المبرمة في هذا القطاع كغيره من القطاعات، ما هي إلا "ثمن" يقدمه نظام دمشق إلى الإيرانيين، كما يكتب المتخصص في ملف الميليشيات الشيعية في المنطقة، فيليب سميث على موقع "المونيتور".
من المستبعد جدا أن يكون الأسد ـ حتى ولو أراد ذلك ـ قادرا على تقييد التواجد الإيراني في بلاده. فإيران دفعت الغالي والنفيس في سبيل التواجد في سوريا، فقد قدمت المال والسلاح وفقدت أرواح مقاتليها. في المقابل، يحتاج الأسد إلى الدعم الإيراني، وخاصة إلى دعم القوات البرية له لمحاربة معارضيه. ولا يمكن لإيران إطلاقا التخلي عن سوريا لأن ذلك يعني التخلي عن مشروع سنوات طوال لتقوية النفوذ الإيراني في المنطقة.
كيرستن كنيب/ و.ب